حذر الرئيس المصري حسني مبارك من خطورة الانحياز إلى طرف واحد بالنسبة الى قضية الصراع في الشرق الأوسط أو مساندة جانب على حساب آخر، مؤكداً أنه متمسك بمبدأ الصراحة الكاملة في هذا الشأن. وأكد أن الرئيس الاميركي جورج بوش بصفته رئيساً لأكبر دولة في العالم يعني ما يقول، مشيراً في هذا الشأن إلى تشديد بوش على قيام دولة فلسطينية. وأشار مبارك إلى أن الأمر نفسه ينطبق على رئيس الوزراء البريطاني توني بلير "فكلاهما يسعى لتحقيق ما يقوله ولكننا نعلم أن هناك مؤثرات متعددة سواء على القرار الأميركي أو البريطاني ونعرف مصدرها ونعرف مدى تأثيرها". وأوضح مبارك خلال لقائه صباح أمس قيادات وضباط وجنود القوات المسلحة في مقر قيادة الجيش الثالث الميداني في منطقة عجرود في السويس أنه تناول تلك المؤثرات في لقاءات متعددة سواء مع أعضاء الكونغرس في الأيام الأخيرة أو المنظمات اليهودية. وصرح وزير الإعلام السيد صفوت الشريف بأن مبارك أكد استمرار اتصالاته مع الإدارة الاميركية لتوضيح وجهة نظر مصر بكل صراحة ووضوح. وقال الشريف إن مبارك أكد أن الكل يريد دولة فلسطينية إلى جانب الدولة الإسرائيلية، وان هناك اقتناعاً بأنه عندما توجد الدولتان ستتعاونان سوياً. وطالب مبارك بالسلام الذي يؤدي الى الاستقرار، وقال: "لن يكون هناك سلام إلا إذا حصل كل ذي حق على حقه المشروع والعادل"، مؤكداً أن أكبر ضمان لإسرائيل واستقرارها أن تقوم دولة فلسطينية لها مقوماتها ومسؤولياتها ويمكن أن تتعامل معها على أسس صحيحة وسليمة ومأمونة. وأشار إلى أن تمسك مصر بالوقوف إلى جانب الحق يعرضها لإدعاءات إسرائيلية وحملات مختلقة، وقال: "ولكنني لا أعبأ بذلك ولا أفتح حواراً حول تلك الإدعاءات". واضاف مبارك ان استخدام إسرائيل للقوة لن يؤدي إلى حل للقضية ولن يحقق أمناً ولا استقراراً "وإذا تصورت إسرائيل أن استمرار الضغط والعنف سينجح في طرد الفلسطينيين الى خارج أراضيهم فإنني أؤكد أن ذلك هو الخطأ بعينه". وأكد مبارك أن الفلسطينيين "لن يسكتوا ولن يقبلوا ذلك" وأن المشكلة سوف تزداد ودوائر العنف سوف تتسع، وأبدى أسفه لعدم تنفيذ رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون اي وعد بشأن المضي في طريق السلام، وقال: "لن يتحقق في ظل سياسات شارون أي تقدم". وقال الشريف إن مبارك أشار إلى الجهود التي تبذلها مصر وإلى أنه بعث للرئيس الاميركي إحدى عشرة رسالة أكد فيها أهمية أن تبذل الولاياتالمتحدة أقصى جهد لتهدئة الموقف ووقف الأعمال العسكرية التي تمارسها إسرائيل في الاراضي المحتلة، وكانت استجابة الرئيس بوش بإيفاد وزير خارجيته كولن باول كما أوفد المبعوثين الاميركيين ويليام بيرنز وانتوني زيني. ونوه مبارك بعودة المبعوث الاميركي من أجل مواصلة الجهود الرامية إلى التهدئة والعودة إلى الحوار، وقال: "لقد كانت نصيحتي أن من المستحيل أن يُضرب الإرهاب في أفغانستان، وفي الوقت نفسه يستمر العنف والقتل ضد الفلسطينيين، فالمواطن العربي لا يقبل ذلك". وأعرب عن الأسف من أن شارون "لا يفهم إلا لغة التدمير وسيتصور أن ذلك سوف يُخضع الفلسطينيين ولكن ذلك وهم فلن يخضع الفلسطينيون حتى ولو صمتوا إلى حين". وأضاف أن المقاومة والدفاع عن الأرض ليسا إرهاباً ولا وجه للمقارنة بين ما يحدث في الأراضي الفلسطينية وما يقع في أفغانستان. وأبدى مبارك شكوكه في أن توجه أي ضربات عسكرية لدول عربية "فليست هناك أي معلومات مؤكدة عن لجوء أو هروب عناصر للقاعدة إلى مناطق أو دول أخرى والرئيس اليمني أعلن أنه لا يوجد داخل اليمن أي عناصر من تنظيم القاعدة". وقال إن توجيه أي ضربات لأي دولة عربية سوف يكون أمراً خطيراً له آثاره الواسعة وأشار إلى إعلان وزير الخارجية الاميركية باول أنه ليست هناك نية لعمل عسكري ضد العراق. وعبر الرئيس المصري عن أمله في أن يتجاوب العراق مع تنفيذ قرارات الأممالمتحدة حتى لا يتيح أي فرصة يمكن أن تُستغل ضده. وتناول مبارك موضوع مكافحة الإرهاب وقال: "لو أن النصيحة قد سُمعت في حينها عندما قلت إن الإرهاب لا يعرف وطناً ولا ديناً وانه كان يجب رفض الايواء وتسليم هذه العناصر لتنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم ما كنا قد وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم". واستطرد قائلاً: "إنني لا استطيع أن اقطع على وجه اليقين من الذي ارتكب أحداث 11 أيلول سبتمبر فذلك نتركه للتاريخ ولا يعني ذلك أنني أبرئ شخصاً ما، فإن موقف مصر واضح وضوح الشمس في أننا سباقون في مقاومة الإرهاب وضد أي عمل إرهابي وندين كل أشكال الإرهاب". وأشار مبارك إلى أن أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر أثرت تأثيراً كبيراً في جوانب اقتصادية مصرية في مقدمها السياحة سواء كانت الفندقية أو العمالة أو الدخل من العملات الصعبة ولكن الأيام الأخيرة تشير إلى بدء العودة تدريجياً للنشاط السياحي. وحول ما أثارته وسائل الإعلام الإسرائيلية حول صفقة صواريخ "هاربون" الاميركية لمصر، قال مبارك: "إن كل ما يقال عن هذا الأمر تعودنا عليه فكلما كانت هناك صفقة أسلحة لمصر تعلو الاصوات وتمارس الضغوط ولكن الأمر واضح للإدارة الاميركية".