بدأت مسيرتها الفنية حين كانت في الثامنة من عمرها، من هنا ترى دارينا الجندي ان تجربتها "الشخصية والعملية غنية جداً". تعشق السينما والمسرح وتنفر من التلفزيون. "متفانية الى ابعد الحدود" في عملها كما تقول وتضيف انها تبحث دوماً عن فرص جديدة، ما اكسبها خبرة وشغفاً بالمهنة التي اختارتها. صادقة في حياتها، الى درجة ان انفعالاتها تطفو بوضوح على وجهها. لا تحب الحلول الوسطى وترفض الاستسلام. في هذا اللقاء مع "الحياة" تتحدث الممثلة دارينا الجندي عن تجربتها: بعد غياب عن التلفزيون المحلي، ما الذي دفعك الى القبول ببطولة مسلسل "غداً يوم آخر"؟ - في البداية، احببت فكرة المسلسل التي تقوم على برنامج تلفزيوني يلقي الضوء على واقعنا الاجتماعي فيطرح الكثير من الأمور الثقافية والاقتصادية والسياسية. والتلفزيون في النهاية تجارة، وكم نكذب على انفسنا حين نقول اننا نقوم بأعمال فنية ثقافية، فنحن نتوجه من خلال المسلسل الى الجمهور العريض ونعبّر عن مشكلات الناس كالحديث عن التهريب والطعام الفاسد او المياه الملوثة والبيئة. فهذا يجعله واقعياً اكثر، جدياً أكثر بطرحه وظروف شخصياته. هذا هو الأمر الأساس الذي جعلني اختار هذا المسلسل من حيث النص. اما لناحية التصوير والإخراج فقد حمستني فكرة التصوير الخارجي بعيداً من الاستوديو. اضافة الى أنني كنت في حاجة الى الظهور على التلفزيون بعمل جيد بعد فترة من الانقطاع. بالنسبة إليّ كشخص يحب السينما والمسرح، التلفزيون يساعد في إعطائي واجهة اكبر على الجمهور، تسمح لي بشده الى السينما والمسرح. وما كان سبب هذا الغياب؟ - صراحة السبب هو انني لا أحب التلفزيون انما اعشق السينما والمسرح. والأعمال التلفزيونية التي قمت بها خلال السنوات الماضية في الخارج، كانت على مستوى آخر، ونمط مختلف في العمل، وبإنتاجات ضخمة. خصوصاً الأعمال الثلاثة الأخيرة مع نجدت انزور التي اكتسبت من خلالها تجربة كبيرة إذ كنت مسؤولة فنية وليس فقط ممثلة. وكان في الأمر مغامرة عندما خرجنا بفكرة ان التلفزيون إذا اعطيته يعطيك. فمن قال انه يجب الاسترخاص في الأعمال التلفزيونية؟ من هنا كانت الأعمال على مستوى ولم أكن لأقبل بأقل مما وصلت إليه، اضافة الى انني لا أحب التصوير في الاستوديو. التلفزيون يشتتني كممثلة فيما لا يحدث هذا في السينما التي اكون فيها متنبهة، دقيقة، واعية وعفوية. منافسة! ألم تشعري بالخوف من المقارنة بينك وبين رولا حمادة، بعدما قبلت بطولة المسلسل، خصوصاً انها شكلت ثنائياً ناجحاً في مع فادي ابراهيم؟ - لم أفكر بهذا الموضوع اطلاقاً، فرولا صديقتي وأنا أحب عملها وهي كذلك. من هنا لم يختاروا نقيضين. بطريقة او بأخرى، هذه الأمور تحدث دوماً في كل انحاء العالم ولا تأخذ هذا المنحى، اما عندنا فيضخمون الأمور ويخلقون منها قصة كبيرة. وفي رأيي يعود السبب الى كوننا نعيش في بلد صغير ونتوجه الى جمهور ضيق بإنتاجات خجولة، فلو كان هناك انتاج كبير لما اهتم احد بالأمر. من جهة اخرى، لم تبدأ رولا بالعمل ليقارنوا بيننا، أي انهم سيقارنون عملي بعمل سابق لها، وبذلك ستكون المقارنة لمصلحتي، لأن العمل الحالي سيكون افضل مما سبقه بالتقنية، بالناس، بطريقة عملهم. كذلك على صعيد النص، فالكاتب يكون قد اكتسب خبرة من التجارب السابقة. إذاً ستكون المقارنة سيئة في حق رولا وليس في حقي. ثم ان الشخصية التي اجسدها مختلفة عن شخصيات رولا السابقة، اضافة الى اختلاف المخرج وشركة الإنتاج، اي ان هناك طبيعة عمل مختلفة. هل انت راضية عن عملك في المسلسلات التلفزيونية؟ - إن عجلة الإنتاج التلفزيوني بشعة للغاية. وأنا احاول ان اعطي دائماً افضل ما عندي. في المقابل، ان كمية الجهد النفسي والجسدي غير متوازنة مع النتيجة الفنية. من هذا المنطلق، لن اكون راضية عن نفسي مهما فعلت في التلفزيون. فهو لا يسمح لك ان تأخذي وقتك وأنا شخص احب الكمال، علماً أن هذه الآلة اي التلفزيون لا تسمح بإعطائي 5 في المئة من الذي في إمكاني القيام به وهذا يترك حسرة في قلبي. وإلى اين تريدين الوصول بعملك الفني؟ - ليس عندي حدود لذلك. بعد فترة لن أبقى ممثلة فحسب انما ستكون لي مشاريعي الخاصة. وأنا بطبعي لا أستطيع ان أنتظر مخرجاً ليقدّم لي دوراً ما، بل انا التي توجِد الفرص. وأعتقد ان تجربتي التقنية باتت تسمح لي أن أقوم بالإخراج بعد فترة. وعلى الصعيد الشخصي هل تكررين التجربة وتدخلين من جديد القفص الذهبي بعد فشل المرات الثلاث السابقة؟ - لا أبداً. فأنا لا احب الفشل مطلقاً، ونسبة الفشل في الزواج اكبر من النجاح. من هنا ليس من السهل ان ينجح المرء في هذه التجربة وعنيت بالنجاح، النجاح الصادق وليس النجاح كما يفهمه الآخرون. والشعور بالأمومة، ألا تفتقدينه؟ - لا... اطلاقاً، فأنا لا أرغب في الإنجاب حتى أنني اخاف من الفكرة وأظن ان طبيعة عملي وحريتي وخياراتي في الحياة، هي التي تحول دون ذلك كوني كمالية في عملي وفي حياتي الخاصة. فإذا قررت انجاب الأولاد، عليّ وهبهم كل وقتي وأنا لست مستعدة لذلك. فلماذا اعطي كل شيء لشخص سيثور عليّ في المستقبل وأهمل عملي وما يمكنني تحقيقه من نجاح. فأنا اريد ان اتطور وأكتشف ذاتي اكثر وصولاً الى تحقيق الكثير من احلامي، اما مشروع انجاب الأطفال فليس من ضمنها بتاتاً. وبماذا تحلم دارينا الجندي؟ - هناك فكرة مجنونة في رأسي اريد تحقيقها، لفيلم روائي يتمحور حول الرسامة فريدا كالو. حالياً هناك حديث جدّي حول الموضوع على أمل ان تتطور الفكرة الى سيناريو فمشروع جاهز. هذا هو حلمي الخاص الذي لا بدّ من ان احققه يوماً.