من قبل قدّم المخرج علاء الدين كوكش العديد من الاعمال التلفزيونية مثل "أبو كامل و"أمانة في أعناقكم" و"حي المزار"... وفي هذه الآونة يعكف على التحضير لعمله الجديد "الرجل س". حول آخر أخباره وأمور مهنية أخرى كان لنا معه هذا اللقاء: عندما نستعرض اسماء الممثلين الذين شاركوا في عملك الأخير "حي المزار" نلاحظ ان الأدوار الرئيسية اسندت الى ممثلين لهم تجارب عديدة بينما غابت الوجوه الجديدة عنها؟ - من الطبيعي ان استعين بالطاقات الابداعية ذات التجربة المتعددة المتنوعة، عندما تكون موجودة، وفي الوقت نفسه ابحث عن طاقات شابة تغني العمل. وتوجد في "حي المزار" وجوه شابة لكنني في الدرجة الأولى اعتمد على التجارب التي اثبتت حضورها. الحقيقة هي ان الوجه الجديد في الدراما التلفزيونية مطلوب ولكنه يشكل عبئاً اضافياً على العمل في المسلسل، ويحتاج من المخرج على وجه الخصوص جهداً اكبر، لذلك فالتعامل معه يكون بما هو متاح لنا من وقت وامكانات انتاجية، مع ذلك أنا جاهز لتنبي أي وجه جديد يملك حضوراً مقنعاً في أدائه. من المعروف انك كنت من أنصار الاستوديو، حيث صورت فيه أعمالك الأخيرة ومنها مسلسل "أبو كامل"، والآن تميل الى الخروج منه، ما سر هذا التحول؟ - المسألة لا تؤخذ من جانب واحد، ولا تنسي ان الامكانات المتوافرة للتصوير الخارجي باتت الآن كبيرة وهائلة اكثر من أي وقت مضى... ومن المفترض بالفنان أن يواكب التطورات التقنية وإلا فإنه سيتخلف كثيراً عن زملائه، لقد تطورت الكاميرا المحمولة وتطور نوع التصوير وأصبحنا نستطيع التحكم بنقاء الصورة والصوت خارج الاستوديو، وأصبحت كاميرا التلفزيون تمتلك نفس امكانات الكاميرا السينمائية. الآن نستطيع ان نستعرض، فوراً وفي مكان التصوير، ما صورناه وبالتالي يمكن ان نعيد تصوير المشهد عدة مرات حتى نتوصل الى المطلوب أو الأفضل من دون تكاليف مادية اضافية. مع ذلك أقول ان الكاميرا المحمولة لا تلغي دور الاستوديو. ويبقى الاستوديو هو المكان الأساسي الذي يغني العمل في كل المجالات، لكن المشكلة ان الامكانات الحالية للاستوديوهات لا تستطيع توفير ما نريده بشكل كامل، لذلك نتوجه الى التصوير الخارجي. وفي العالم ما تزال الاستوديوهات تعمل، وضمن شروط جيدة، لكن هذه الشروط لا تتوافر في استوديوهاتنا، وإذا أردنا مجاراة تلك الاستوديوهات يجب ان نسعى الى تطوير أدوات استوديوهاتنا. الملاحظ في أعمالك السابقة والأخيرة ان الجوانب الاجتماعية للقضايا هي التي تثير اهتمامك؟ - لأن القضايا الاجتماعية هي الأكثر أهمية وإلحاحاً، ولأن أي تطور اقتصادي أو ثقافي لا بد ان يستند الى التطور الاجتماعي. ومن السهل ان تقوم بقفزات اقتصادية، لكن على الصعيد الاجتماعي لا نستطيع ان نقفز بين يوم وليلة ونحدث التطور الاجتماعي المنشود. من هنا أحب ان أساهم في هذا الجانب لأننا نتعامل مع وسيلة فنية هي الأكثر انتشاراً الآن، وهي الأقدر على الوصول الى المواطن ولا سيما المواطن الأمي الذي يشكل نسبة كبيرة من المجتمع العربي. وعندما نتوجه الى الأميين كتابة ووعياً وثقافة ونحاول ان نوصل اليهم أفكاراً تدعو الى تغيير الواقع الاجتماعي المتخلف ونظهر مساوئه، نكون قد حققنا مهمة كبيرة في توجيه المشاهدين وتثقيفهم. "الرجل س" العمل الذي تعده حالياً لماذا اخترت البدء به مع العلم بوجود مشاريع اخرى عديدة عندك ومنها مسلسل "حسيبة" الذي كنت أعلنت عنه سابقاً؟ - مسلسل "حسيبة" يتناول فترة تاريخية تمتد نحو ربع قرن، تبدأ في العام 1949. هذه الفترة الزمنية يستغرق التحضير لها، سواء من ملابس أو ديكورات وأماكن تصوير حيث سيجري تصوير المسلسل في عدة مدن، وقتاً طويلاً، وبما انه كان لدي مسلسل "الرجل س" جاهزاً، لذلك أبدأ بالتصوير به أولاً، في الوقت الذي أتابع فيه التحضير لمسلسل "حسيبة". تتابع في المسلسل الجديد التعاون مع كتاب سبق ان تعاونت معهم في "حي المزار"، هل يعني ان التجربة استهوتك؟ - هذه التجربة وأقصد التعاون مع عدة كتاب تجربة مشروعة، ولكن يجب ألا نذهب بعيداً في تحميلها أكثر مما تحتمل، فتجربة الكتابة الجماعية لا يمكن ان تكون بديلاً عن تجربة الكاتب الواحد، لأن كل كاتب يتناول جانباً من العمل ويصب خبرته فيه. وبالنسبة للمجموعة التي تعاونت معها في "حي المزار" واتعاون معها الآن في "الرجل س"، فقد أحسست بالارتياح لهذه المجموعة من الكتاب والمشاريع التي قدمتها جيدة ومهمة. ومع ذلك اعواد لأؤكد ان ما قدمه هؤلاء الكتاب لا يعني انه الشكل الوحيد للتعامل مع مؤلفي المسلسلات وليس شرطاً ان النجاح مرتبط بها، فكل تجربة تبقى ضمن خصوصيتها. كما علمنا مسلسل "الرجل س" تدور أحداثه في العصر الراهن ويتجه نحو الدراما النفسية، ما الذي يشدك نحو الدراما النفسية؟ - صحيح. المسلسل تجري أحداثه في العام ألفين، وهو عن القضايا التي يتعرض لها انسان العصر ضمن لمسات انسانية وضمن بعد نفسي. وأنا أتمنى من الكتاب والمخرجين ان ينظروا الى هذا النوع من الدراما بانتباه، لأن لدينا نقصاً واضحاً في الدراما النفسية سواء في السينما أو التلفزيون، بينما اذا نظرنا الى السينما أو التلفزيون الاميركي نجد هذا النوع في نصف الأفلام تقريباً. لماذا تفضل الآن الدراما النفسية المعاصرة؟ - لأن انسان هذا العصر يتعرض لضغوط فظيعة في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وهو ملاحق دائماً في العديد من المشاكل والخيبات وقد لاحظت أننا في الدراما العربية نسلط الأضواء على الأمور الاجتماعية والاقتصادية وأحياناً السياسية التي تصيب الفرد والمجتمع، ولكن يجب ان لا نغفل الجانب النفسي فهو يستحق اهتمامنا ايضاً.