كابول - أ ف ب - اعادت مدرسة "الليسيه الفرنسية" التي كانت رمزاً للتفوق علمياً في افغانستان فتح ابوابها، بما نجا فيها من اهوال الحرب، منتظرة المساعدة الاجنبية لاعادة تأهيل صفوفها ومنع تسرب المياه الى اروقتها وتزويدها جهاز تدفئة وتأمين الكتب لتلامذتها. وعاد حوالى 500 تلميذ الاثنين الماضي الى الليسيه المسماة "استقلال"، لتلقي دروس استلحاق في اللغتين الفارسية والفرنسية والرياضيات، ويتولى تدريسهم اثنا عشر استاذاً فقط، بلا كتب. وخلال الحرب الاهلية من 1992 الى 1996، تركت الصواريخ بصماتها على الليسيه ثم ارغمتها على الاقفال. واثناء حكم حركة "طالبان" التي غيرت نظام التعليم وحصرته بدراسة القرآن، تكيّف معظم المدرسين مع الوضع الجديد او هاجروا. ولا يزال عشرون فقط من اصل 120 مدرساً كانوا هناك في مطلع التسعينات، يزاولون التعليم. ولا تضم هذه الهيئة التعليمية اي امرأة. وأكد حاجي حسين رزاحي المتخصص في الادب الفارسي والاستاذ في الليسيه منذ 27 عاماً: "لم تكن ممكنة دراسة نصوص عن النساء او الديموقراطية". وطالب بدروس اضافية، قائلاً: "كانت الساعات المخصصة للآداب ستاً فباتت اثنتين. لقد اهدرنا ما يكفي من الوقت". واوضح اختار عبدالي المدرس الوحيد للغة الفرنسية الذي نجا من فترة ما قبل الحرب: "كان من المستحيل استخدام كتب فرنسية تحتوي على كثير من الصور والرسوم". وقال: "لم يكن عناصر حركة طالبان يحبون شيئاً ولا حتى انفسهم". وتأسست "الليسيه الفرنسية" التي درس فيها القائد الراحل احمد شاه مسعود، في العشرينات من القرن الماضي، وكان عدد تلامذتها يناهز 2800. لكن المبنى الجديد الذي شيد في 1973 في حال يرثى لها. وقال محمد صابر صديقي المدير الجديد لليسيه "انها افضل مدرسة، وهذا ما بقي منها. لم يصمد اي لوح زجاج، والماء يتسرب من السقف، والتدفئة معدومة". وتوجه وفد من وزارة التربية الوطنية الفرنسية الى كابول لمعاينة مدرسة "الاستقلال" ورديفتها مدرسة "الملالي" المخصصة للبنات. وفي الثالث عشر من كانون الاول ديسمبر الماضي، قال وزير التعاون الفرنسي شارل جوسلان الذي زار كابول وبحث في مسألة تقديم دعم لترميم المدرسة وعودة المدرسين، ان "هاتين المدرستين تلزمان فرنسا بالمشاركة في اعادة فتحهما". اما اللغة الفرنسية التي كانت مستخدمة في تدريس المواد العلمية حتى مغادرة المدرسين الاجانب ووصول السوفيات، فقليلون هم التلامذة الذين يتحدثونها. لكن استاذ الرياضيات عالم خان هو الذي تطوع لتدريس اللغة الفرنسية في السنوات الاخيرة. وقال: "هذا مصدر حماسة للتلامذة وعائلاتهم، سيتم تعويض ما فات". وبفرنسية تكاد لا تشوبها شائبة، تحدث تاجر التذكارات عبدالجبار 40 عاماً التلميذ السابق في الليسيه، عن اللغة الفرنسية التي "تدغدغ الآذان". وقال: "نحن فخورون بالتحدث بها، ذلك يجعل منا اشخاصاً ذوي شأن. كانت المدرسة التي يتعلم فيها افراد العائلة الملكية". وتذكر غريب حبيب الله الرئيس السابق لشعبة اللغة الفرنسية، الايام التي لم يكن احد يجيز لنفسه حفر كلمة على المقاعد والطاولات. وقال: "بكيت يوم اكتشفت ان المجاهدين باعوا تلك المقاعد والطاولات". واعرب ناصر احمد 16 عاماً التلميذ في المدرسة ونجل تلميذ سابق فيها عن حماسة منقطعة النظير. وقال: "الليسيه احتفظت بصيتها. اريد ان ادرس الكيمياء والفيزياء واللغة الفرنسية".