طغت "الدورة الأولى للألعاب المتوسطية في القرن الجديد" والتي افتتحها الرئيسان زين العابدين بن علي وعبدالعزيز بوتفليقة ظهر أمس، على الأجندة السياسية في تونس وحملت الحزب الحاكم ومعارضيه ونشطاء حقوق الانسان والنقابات على إرجاء المعارك التي فتحوها الى النصف الثاني من الشهر، أي بعد نهاية الألعاب التي تستمر اسبوعين. تونس - "الحياة" -تستقبل زائر تونس هذه الأيام يافطات تحمل ألوان ألعاب البحر المتوسط الأخضر والأحمر والأزرق في بهو مطار قرطاج الدولي، ويحمل المضيفون والمضيفات الذين يمسكون اليافطات علامات تدل على أنهم مهتمون إما باللاعبين أو الإعلاميين أو الوفود الرسمية. خارج المطار وعلى طول الطريق السريعة الموصلة الى المدينة الرياضية الجديدة في ضاحية "رادس" طغت رايات الألعاب المتوسطية على الرايات التونسية، فيما ارتدى شارع الرئيس الحبيب بورقيبة - الجادة الرئيسية في قلب مدينة تونس - أزياء الألعاب، وأعيد ترتيب أرصفته وواجهاته وأضوائه. ولأن المباريات ستتوزع على المدن الرئيسية فإن البلد كله ضبط ساعته على ساعة الدورة المتوسطية التي افتتحها رسمياً الرئيس زين العابدين بن علي بعد ظهر أمس في حضور الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، والتي تستمر فعالياتها الى أواسط الشهر الجاري. وعلى رغم السخونة الاستثنائية للصيف السياسي في تونس هذه السنة، فإن دورة الألعاب المتوسطية طغت على أجندة السياسيين في الحكم والمعارضة على السواء وحملت الجميع على إرجاء القضايا السياسية الى النصف الثاني من أيلول سبتمبر الجاري. ولوحظ أن رابطة حقوق الانسان التي اطلقت في حزيران يونيو الماضي حملة لعفو عام عن السجناء السياسيين، خفت صوتها مع انطلاق الألعاب المتوسطية التي استقطبت اهتمام الرأي العام، وان كثفت منظمات دولية في مقدمها "أمنستي انترناشيونال" حملاتها لاطلاق سجناء الرأي مستثمرة مناسبة الألعاب. وعلى رغم استمرار منظمات حزب التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم في المحافظات بالدعوة الى معاودة ترشيح الرئيس بن علي لولاية رابعة في الانتخابات المقررة سنة 2004، فإن "التعبئة الحزبية" حول هذه المسألة تراجعت لتترك المكان للدورة المتوسطية التي قالت شخصيات قريبة من الحكم انها ليست مجرد حدث رياضي، وانما هي تشكل حملة سياسية - اعلامية لتحسين صورة البلد في الخارج. ومع أن السلطات وجدت مخرجاً للتخلص من عبء بن سدرين التي اعتقلت بسبب تصريحات أدلت بها في الخارج، فأطلقتها قبل اسبوعين من انطلاق الألعاب المتوسطية، إلا أن الملف لم يقفل نهائياً كون قاضي التحقيق منحها "سراحاً وقتياً". وطغت الألعاب المتوسطية على قضية القاضي المتمرد مختار يحياوي الذي بث رسالة على شبكة "انترنت" مطلع الصيف انتقد فيها ما اعتبره هيمنة من السلطة السياسية على سلطة القضاء، وتفاعل موقفه سريعاً بعدما أيدته "جمعية القضاة التونسيين"، وبات نجماً سياسياً على خلفية تحديه الأوساط النافذة التي حاولت حمله على التراجع عن انتقاداته. وتطورت "ظاهرة يحياوي" الى صراع مفتوح بين "جمعية القضاة" والأمين العام للحزب الدستوري السيد علي الشاوس في أعقاب تصريحات أدلى بها الأخير في برنامج تلفزيوني واعتبرت تحقيرية في حق القاضي المتمرد. وعلى صعيد الأحزاب والمنظمات الشعبية ضبطت القيادات ساعاتها على ساعة الألعاب المتوسطية، وارجئت الاجتماعات والأحداث المهمة الى النصف الثاني من الشهر الجاري خصوصاً أن الحزب الحاكم نفسه قرر عقد الدورة العادية للجنته المركزية في أواخر الشهر، وذلك قبل فترة قصيرة من الانتخابات الفرعية التي ستشمل سبعة مقاعد والمقررة في السابع من الشهر المقبل، وهي أهم انتخابات فرعية منذ الانتخابات العامة التي أجريت في السنة 1999.