أخذت المعركة الدائرة بين القاضي مختار يحياوي والسلطات انعطافاً سياسياً أمس، بعدما أصدرت "جمعية القضاة التونسيين" بياناً جديداً حمل في شدة على الأمين العام لحزب "التجمع الدستوري الديموقراطي" الحاكم علي الشاوش واتهمه ب"قذف أحد أعضاء السلطة القضائية"، في إشارة إلى زميلهم يحياوي. وكان وزير العدل بشير التكاري أصدر قرارين الأسبوع الماضي جمد بموجب الأول يحياوي عن ممارسة القضاء، وأحاله بموجب الثاني على مجلس التأديب في أعقاب الرسالة المفتوحة التي وجهها القاضي إلى الرئيس زين العابدين بن علي بوصفه رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وانتقد فيها أوضاع القضاء وشكا من غياب الفصل بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية. وارتدت المعركة أبعاداً سياسية بعدما حملت "جمعية القضاة" أمس على وسائل الإعلام الرسمية واتهمتها ب"تجريح بعض القضاة ... وإثارة شبهات لدى الرأي العام في شأن جميع القضاة وما عُرفوا به من نزاهة". وحمل بيان للجمعية على الشاوش، بعد مشاركته في حوار تلفزيوني الثلثاء الماضي اتهم خلاله يحياوي بالتورط في قضية مدنية بسبب قيادته سيارة غير مؤمّنة. ولفت البيان الى ان القضية ما زالت أمام القضاء، مستغرباً "استخدام مؤسسة الاذاعة والتلفزيون للتعليق على سلوك أشخاص". واللافت ان البيان اعتبر ان الشاوش ارتكب مخالفة قانونية باللجوء الى "قذف أحد أعضاء السلطة القضائية وإيذاء ضميره والنيل من شرفه والإضرار بمكانته الاجتماعية". وشدد على ان القضايا التي طرحها القاضي يحياوي على الرأي العام "تبقى من صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء". وحض "الاحزاب والجهات الأخرى على الامتناع عن التعليق على تلك المسائل الخطرة وان بالإشارة". وابدى القضاة تحفظاً عن إحالة يحياوي على مجلس التأديب "في غياب جهة الاختصاص". ورأوا ان هذا الأمر "من شأنه التأثير في الضمانات الواقعية لإجراءات التأديب لما في ذلك من مساس بشخص القاضي واستقلال الهيئة التي ينتسب اليها". وحضوا على "الكف عن التشهير بالزميل والتحامل عليه". وتعتبر الحماسة التي أظهرتها جمعية القضاة في الدفاع عن يحياوي انعطافاً في مسارها كونها كانت تمتنع عن إبداء رأيها في المسائل ذات الطابع السياسي، مما حمل المراقبين على الاعتقاد بأن الجسم القضائي بدأ يدخل طرفاً في الصراع بين الحكم ونشطاء حقوق الإنسان والمعارضين الراديكاليين، الذين انتقد بعضهم في الفترة الأخيرة التدخل في الجهاز القضائي.