} أعرب رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو بيرلوسكوني امس عن "اسفه" كون تصريحاته "اُخرجت عن نطاقها واساءت الى اصدقائنا العرب". وكان حديثه عن "تفوق الحضارة الغربية على الحضارة الاسلامية" أثار عاصفة من الاحتجاجات في عواصم ابدت استغرابها وإدانتها. واعلنت باريس ان "ليست هناك تراتبية بين الحضارات". وكان مكتب رئيس الوزراء الايطالي اصدر بياناً نقل عنه أول توضيح بدا كأنه تخفيف لحدة تصريحاته، وورد فيه ان "لا فرق بين الأديان او الثقافات في مكافحة الارهاب". القاهرة، روما، برلين، باريس، مدريد، بروكسيل، واشنطن - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - عبر رئيس الوزراء الايطالي عن "اسفه" امام مجلس الشيوخ كون تصريحاته الأخيرة عن تفوق الغرب على الاسلام "اخرجت من نطاقها العام وشوه تفسيرها واساءت الى اصدقائنا العرب والمسلمين". وكان وزير الخارجية الايراني كمال خرازي دان "جهل" بيرلوسكوني، ووصفه بأنه "غير مسؤول". وقال: "هذه التصريحات غير مقبولة في وقت يتوقف مصير البشرية على التعاون بين الحضارات". واضاف انه يتوقع من رئيس الوزراء الايطالي "ان يُعدل وجهة نظره ويصحح ملاحظاته". واثار بيرلوسكوني موجة احتجاجات عارمة، خصوصاً في صفوف شركاء ايطاليا الأوروبيين، بعدما اعتبر الأربعاء الماضي انه "لا يمكن وضع كل الحضارات على المستوى نفسه ... يجب ان نكون مدركين لتفوقنا ولتفوق الحضارة الغربية.ان الغرب سيواصل تعميم الحضارة الغربية وفرض نفسه على الشعوب. نجح ذلك حتى الآن مع العالم الشيوعي ومع قسم من العالم الاسلامي". وفي واشنطن، قال رئيس الوزراء البلجيكي رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي غي فرهوفشتات انه تطرق "بإيجاز كبير" الى تصريحات بيرلوسكوني خلال لقاء مع الرئيس جورج بوش في البيت الأبيض ليل الخميس. واضاف: "لا استطيع ان اتصور ان يكون رئيس الوزراء الايطالي ادلى بمثل تلك التصريحات، واعتقد ان الاتحاد يناضل من اجل التعددية الثقافية والديموقراطية والتسامح وتلاقي الحضارات". وحذر من ان "الإدلاء بتصريحات مماثلة يمكن ان يكون خطيراً، لأنه يؤدي الى شعور بالمهانة، من نتائجه توقف حوار الحضارات". وذكر بأن الأوروبيين شددوا خلال القمة الاستثنائية الأخيرة على انه لا يمكن "الخلط بين الارهاب وعالم الاسلام". وأعلنت الرئاسة الفرنسية ان الرئيس جاك شيراك دعا امس الى "التنبه" الى أي "خلط بين الارهابيين المتعصبين" والعالمين العربي والاسلامي. وقال خلال اتصال هاتفي برئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي ان "أي خلط بين المجموعات الارهابية المتعصبة من جهة والعالمين العربي والاسلامي من جهة اخرى لن يكون خطأ في التحليل فحسب، بل خطراً في نتائجه". وعلق رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان امس على تصريحات نظيره الايطالي قائلاً: "ليست هناك تراتبية ينبغي احلالها بين الحضارات والمذاهب". وأضاف ان على كل الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي "التزام هذه النظرة الفلسفية والسياسية الجديدة بالحضارة". واعتبرت الحكومة الالمانية ان كلام بيرلوسكوني "يعوزه المنطق ويعطي الانطباع وكأن الأمر يتعلق بحرب الحضارات، وهذا ما لا يعبر أبداً عن موقف حكومة المانيا". وقال الناطق باسم الحكومة كارستن أوفه هايه رداً على سؤال ل"الحياة" ان بيرلوسكوني لم يبحث ما قاله مع المستشار غيرهارد شرودر، وأدلى بتصريحاته الى صحافيين ايطاليين، خارج المؤتمر الصحافي الذي عقده المسؤولان في مقر المستشارية في برلين الأربعاء. وأضاف هايه: "موقف الحكومة من هذه المسألة واضح جداً. انها ضد التمييز واطلاق الكلام على عنانه. والمستشار اكد ضرورة اشراك المسلمين في التفكير الجاري للتحالف ضد الارهاب الدولي". وأشار استطلاع للرأي نشر امس في روما الى ان غالبية الايطاليين 53 في المئة ترى أن أقوال رئيس الوزراء "مهينة". وافاد الاستطلاع الذي اجرته مؤسسة "تشيرم" لحساب صحيفة "لاريبوبليكا" ان حوالى الثلث يؤيدون أقوال بيرلوسكوني ويرون ان "الحضارة الغربية متفوقة على حضارة الاسلام". ونقلت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" عن أوساط رئيس الوزراء في وقت سابق انه لا ينوي الاعتذار عما قاله. واعتبرت انه لم يقل سوى ان بعض قيم الحضارة الغربية، كالتسامح والحرية والديموقراطية والتضامن، ليست من قيم الأنظمة الأصولية الاسلامية. وتولى الناطق باسم بيرلوسكوني الدفاع عنه، مؤكداً انه لا يفهم كيف توجه تهمة "إهانة الاسلام الى رئيس حكومة أوروبية يناضل من أجل مشاركة الدول العربية المعتدلة في التحالف ضد الارهاب، ويطالب بحل لأزمة الشرق الأوسط". وسعت وزارة الخارجية الايطالية أول من امس الى تبديد غضب الدول العربية وممثليها في روما. وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء الخميس ان بيرلوسكوني سيستقبل ديبلوماسيين عرباً، كما سيلتقي الثلثاء المقبل عميد السفراء العرب في روما سفير السعودية الأمير محمد بن نواف. لكن مندوب جامعة الدول العربية في روما مهنى الدورا كتب في منبر "كورييري" الحر امس ان ذلك لا يكفي، ورأى ان دعوة السفراء العرب والمسلمين الى قصر تشيغي يمكن أن تكون "خطوة أولى" فحسب. إدانات أوروبية واسف مصري واكد زعيم المعارضة الاسبانية خوسيه لوي رودريغز زاباتيرو ان تصريحات رئيس الوزراء الايطالي تظهر انه "لا ينتمي الى هذه الحضارة الأوروبية"، واعتبرها "خطرة". وانتقدت الصحافة البلجيكية تصريحات بيرلوسكوني الذي وصفته بأنه "طالبان الحريات" ودعته الى الاستقالة. وكتبت صحيفة "لوسوار" ان ما قاله "ليس خطأ بل غلطة كبرى لا تليق بديموقراطي وبأوروبي وبرجل دولة، وعليه الاعتذار ثم الصمت لفترة طويلة. وإذا كان يؤمن بالقيم التي يتباهى بها عليه ان يستقيل". وكتبت صحيفة "لا ليبربلجيك" تحت عنوان "بيرلوسكوني المخرب" ان "طالبان الحريات" موجود في بالازو شيغي، مقر رئاسة الحكومة الايطالية. واعرب مصدر رسمي مصري عن الأسف الشديد ل"التصريحات الغربية" التي أدلى بها بيرلوسكوني، وقال انها "تتعارض مع ما ذكره هو نفسه، وما ذكره الرئيس الايطالي كارلو ازيليو تشامبي خلال اللقاءات الأخيرة التي جمعتهما مع الرئيس حسني مبارك وآخرها الثلثاء الماضي". وزاد ان "تلك التصريحات تكشف عدم إلمام كامل بتعاليم الاسلام، التي تدعو الى التفاهم والتعايش السلمي بين كل الشعوب، بصرف النظر عن اختلاف عقائدها".