ألغى رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لقاء كان مقررا بين وزير خارجيته شمعون بيريز والرئيس ياسر عرفات، مشيرا الى ان الجانب الفلسطيني لم يلتزم وقف النار مدة 48 ساعة. في الوقت نفسه، طلبت اسرائيل من السلطة الفلسطينية تسليمها امين سر حركة "فتح" مروان البرغوثي الذي تتهمه برئاسة مجموعات شبه مسلحة تنفذ عمليات ضد الاسرائيليين. ورد البرغوثي ان القرار مقدمة لاغتياله. منذ الساعات الاولى من صباح امس، كان واضحاً أن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون سيمنع وزير خارجيته شمعون بيريز من لقاء الرئيس ياسر عرفات مساء امس كما كان مقررا، اذ سرّب مقربون من شارون إلى الاذاعة العبرية أن الجانب الفلسطيني لم يلتزم وقف النار الذي أعلنه الرئيس الفلسطيني، ولذا فإن احتساب الساعات ال 48 للهدوء التام الذي اشترطه شارون لم يبدأ بعد. وأطلق زعماء الأحزاب اليمينية المشاركة في الائتلاف الحكومي تهديدات علنية بفك الشراكة إذا ما تم اللقاء، وانضم إليهم وزراء من حزب ليكود، ومنهم المحسوبون على معسكر شارون، وناشدوه إلغاء اللقاء. وأخذ شارون في حساباته أيضاً تصريحات رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو والساعي إلى خلافته في زعامة ليكود والحكومة والذي حذر من مغبة عقد اللقاء، ناصحا شارون بأن الإسرائيليين بغالبيتهم العظمى يتبنون الموقف نفسه، وبأن "الإدارة الأميركية ستتفهم الموقف الإسرائيلي الذي يستند أساساً إلى إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش عدم اجراء أي حوار مع الإرهابيين". وقبل انعقاد الجلسة الأسبوعية للحكومة، أبلغ شارون وزير خارجيته قرار إلغاء اللقاء، متذرعاً بأن "جبهة القتال مع الفلسطينيين" ما زالت "تشتعل وأنه من غير المعقول عقد اللقاء في وقت تتساقط فيه قذائف الهاون على المستوطنات". وكانت ثلاث دبابات اسرائيلية توغلت مسافة كيلومتر واحد في دير البلح وسط قطاع غزة وسط اطلاق كثيف للنار من الرشاشات الثقيلة وقذائف الدبابات، قبل ان تنسحب بعد ساعة ونصف الساعة الى مواقعها داخل مستوطنة كفر داروم. وجاء التوغل على خلفية ادعاء اسرائيلي بسقوط قذيفة هاون باتجاه موقع اسرائيلي على مشارف مستوطنة كفر داروم. واستند شارون أيضاً الى تقرير قدمه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي عاموس مالكا إلى الوزراء، وقال فيه إن السلطة الفلسطينية تحاول خفض لهيب النار، لكنها لا تتخذ خطوات كفيلة ب"احباط العمليات الارهابية"، كما أن الرئيس الفلسطيني لم يغير استراتيجيته مواصلة "أعمال العنف والإرهاب". كذلك كرر رئيس أركان الجيش الجنرال موفاز التقديرات ذاتها. واحتج بيريز على قرار رئيس حكومته بالتغيب عن جلستها الاسبوعية، وعقد لاحقاً اجتماعاً طارئاً لوزراء العمل في الحكومة ثمانية وزراء للتشاور في الخطوات الواجب اتخاذها وسط تلميحات غير صريحة لإمكان اعلانه الاستقالة. وعلى الجانب الفلسطيني، جاء الرد الأول على ارجاء من رئيس جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية جبريل الرجوب الذي اعتبر انه "يشكل الوجه الحقيقي لحكومة اسرائيل العدائية التي تديرها عصابة مجرمين وارهابيين وقتلة ولا تملك أي مشروع سياسي". وحمّل حكومة اسرائيل مسؤولية عمليات عسكرية قد تقع في اعقاب هذا لقرار. ونفى رجوب أي علاقة للناشط عبيات بمقتل الاسرائيلية. من جهته، قال الأمين العام لحركة "فتح" في الضفة الغربية حسين الشيخ للاذاعة العبرية ان قرار شارون يؤكد ان وجهته هي الحرب "فاسرائيل لم تلتزم وقف النار الذي أعلنته. وهذا دليل على ان شارون يرفض التقدم سنتيمتراً واحداً في المسار السياسي. انه يريد مواصلة الحرب وسنعرف كيف سندافع عن انفسنا". وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات توقع ان يقوم شارون مجددا بمنع بيريز من لقاء عرفات، مضيفاً ان الفلسطينيين لا يعولون كثيراً على هذا اللقاء لأن اسرائيل لم تتخذ أي خطوات على الأرض تثبت نيتها التوجه نحو الحل السياسي. وقال ان الحصار التجويعي ازداد شدة، وقوات الاحتلال تقصف المدن الفلسطينية وبدأت بتنفيذ مخطط الفصل في محافظتي طولكرم وجنين، وتواصل فرض عقوبات جماعية غير مسبوقة على اكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني. البرغوثي الى ذلك، اصدرت محكمة اسرائيلية في القدس امس مذكرة توقيف بحق امين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي بتهمة رئاسة مجموعات شبه عسكرية، وطالبت السلطة الفلسطينية بتسليمه بتهمة "المشاركة في اعمال ارهابية وفي جرائم قتل". ومن جانبه، اعتبر البرغوثي ان مذكرة التوقيف ما هي الا تغطية لعملية اغتيال ستقدم عليها اسرائيل لاغتياله بحجة عدم تسليمه. وقال لوكالة "فرانس برس": "ان الاسرائيليين يقومون بالاغتيالات بحجة ان السلطة الفلسطينية لا تعتقل المطلوبين الفلسطينيين الذين تطالب بهم الحكومة الاسرائيلية". وشدد على انه "من الاولى اعتقال المجرم شارون وعصابته التي قامت بارتكاب مجازر بحق شعبنا وتقديمهم للمحاكمة وليس نحن الذين نقوم بنضال مشروع ضد الاحتلال اقرته الشرعية الدولية". واكد ان هذا القرار "يأتي في اطار التخريب الذي تقوم به حكومة شارون لافشال كل الجهود السياسية المبذولة في المنطقة". تحركات ديبلوماسية وعلى صعيد التحركات الديبلوماسية في المنطقة، بدأ وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين بعد ظهر امس زيارة تستغرق ثلاثة ايام الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية، حيث من المقرر ان يلتقي مساء بيريز واليوم شارون، على ان يلتقي عرفات بعد الظهر. كذلك توجه وزير الخارجية النروجي ثوربيورن ياغلاند امس الى الشرق الاوسط حيث يجري لقاءات اليوم مع مسؤولين اسرائيليين وفلسطينيين تهدف الى استئناف مفاوضات السلام وتطبيق توصيات "ميتشل". الى ذلك اعتبر الشيخ عكرمة صبري، مفتي القدس والديار الفلسطينية، توصية الشرطة الإسرائيلية للنيابة العامة بتقديم لائحة اتهام ضده ومحاكمته "محاولة إسرائيلية لإسكات صوت الأقصى في هذه الديار"، مضيفاً انه يرفض "أي تدخل إسرائيلي في شؤوننا الدينية". وزاد ان إسرائيل افتعلت قضية على نحو يشكل استغلالاً بشعاً للظرف الدولي العام وانشغال العالم بأميركا. وتوجه الشرطة للمفتي تهم "التحريض والدعوة إلى التمرد والاتصال مع عميل أجنبي والسفر إلى دولة معادية من دون إذن"، في إشارة إلى زيارته لبنان ولقائه الأمين العام ل"حزب الله" الشيخ حسن نصرالله. كما تتهمه بأنه قال في خطبة في الأقصى الشريف قبل شهر ان "الولاياتالمتحدة وبريطانيا وإسرائيل سيتم القضاء عليها بعون الله".