استبق رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون زيارة وزير خارجيته شمعون بيريز الى كل من عمانوالقاهرة، والتي يتوقع العرب منها ردا اسرائيليا رسميا على المبادرة الاردنية - المصرية، واعلن ان الهدف من هذه الزيارة هو "العمل على خفض التوتر ووقف العنف"، وذلك في الوقت الذي صعدت فيه قوات الاحتلال الاسرائيلي من اجراءاتها القمعية التي تلاها تجديد اطلاق قذائف "الهاون" على مواقع استيطانية في قطاع غزة. القدسالمحتلة، غزة - "الحياة" - أصيب خمسة مستوطنين بجروح مختلفة، وصفت جراح اثنين منهم بانها خطرة، جراء اطلاق قذائف "هاون" على مستوطنة نيتسر هزين في غزة. وقالت مصادر عسكرية اسرائيلية ان عددا من قذائف "الهاون" سقط على المستوطنة بعد ساعات من اعلان حركة "فتح" مسؤوليتها عن اطلاق قذيفتين باتجاه مستوطنة كفار داروم وقذيفة اخرى باتجاه مستوطنة نتسانيت في قطاع غزة ليل الجمعة - السبت، وهو بيان لم تؤكده "فتح". وسارع الجيش الاسرائيلي الى عزل شمال قطاع غزة عن جنوبه بعد ساعات قليلة من السماح لمركبات الشرطة الفلسطينية بالمرور، فيما وصف مسؤول عسكري اسرائيلي الهجوم بالقذائف بانه "عمل ترهيب غير مقبول". وكان الجيش بعد الهجوم الاول قصف مناطق عدة بقذائف المدفعية والرشاشات الثقيلة في دير البلح وشرق مخيم المغازي، ما أدى إلى اصابة 4 مواطنين بجروح متوسطة. ويأتي تجدد اطلاق القذائف باتجاه المستوطنات غداة مقتل اربعة فلسطينيين من كوادر "فتح" واصابة ستة آخرين جراح اثنين منهم خطيرة جراء تفجير قنبلة عن بُعد في رفح. وأكدت "فتح" في بيان وزع أمس ان التزام التوقف عن اطلاق القذائف جاء تجاوبا مع اوامر الرئيس ياسر عرفات "الا ان ذلك لا يعني السكوت عن الجرائم الاسرائيلية". واضاف ان "المجدل ليست بعيدة" في اشارة الى قدرة الحركة على الوصول الى داخل اسرائيل. وقالت مصادر في حركة "فتح" ل"الحياة" ان اطلاق القذائف جاء ردا على الاغتيالات والاعتداءات التي ينفذها الجيش. ومن جهته، قال امين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي ل"الحياة" انه "ليس من عادة فتح ان تعلن عمليات المقاومة والنشاطات التي تقوم بها". لكنه اضاف: "ان فتح مستمرة في كفاحها ضد الاحتلال الاسرائيلي وهي تعهدت باستمرار الانتفاضة وتصعيدها. وفي الوقت نفسه من حق الشعب الفلسطيني ان يرد على الجرائم البشعة التي ترتكبها اسرائيل بحق كوادره وابناء شعبه". ويرى المراقبون ان توقيت اطلاق القذائف حمل رسالة من المستوى الشعبي الفلسطيني تعبر عن رفض كل ما يدور من احاديث في شأن العودة الى ما كانت عليه الاوضاع قبل الانتفاضة، خصوصا في ظل تصورات شارون للحل المستقبلي للصراع مع الفلسطينيين. واشار البرغوثي في هذا الاطار الى ان الشروط والتعديلات التي تسعى اسرائيل الى ادخالها على المبادرة تهدف الى القضاء عليها كلية. واضاف ان هذه المبادرة "لا تستجيب طموحات الشعب الفلسطيني الذي يريد خلاصا من الاحتلال وليس ابعاده امتارا عن مناطق يحاصرها". وقال نبيل ابو ردينة، مستشار عرفات ان الحكومة الاسرائيلية "تواصل التهرب من المبادرة عبر الحديث عن تعديلها". وجاءت تصريحات بيريز نفسه لتؤكد عدم التفاؤل الفلسطيني بامكان قبول الحكومة الاسرائيلية بالمبادرة، اذ دعا بيريز الى "عدم المبالغة" في الامل بزيارته الى كل من القاهرةوعمان، مشيرا الى ان هناك "عقبات" تعترض طريق المبادرة. وفي غزة، اعتبر الأمين العام لمجلس وزراء السلطة الوطنية أحمد عبدالرحمن ان المبادرة تحمل خلاصة الموقفين الفلسطيني والعربي من المفاوضات، مشدداً على أن "الموقف الفلسطيني والعربي له خطوط عريضة وواضحة تقوم على قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام". وحدد "خمسة خطوط حمر" بالنسبة إلى الفلسطينيين والعرب قال انها "ليست موضع مساومة ولا مفاوضات"، مشدداً على أن المبادرة غير قابلة للتفاوض بل ان التفاوض يجري على "آليات لتنفيذها". وقال إن الخط الأحمر الأول يتمثل "بتنفيذ اتفاق شرم الشيخ"، والثاني "بعدم القفز عن ما تم التوصل إليه واستئناف المفاوضات من حيث انتهت في طابا في كانون الثاني الماضي"، والثالث بان "تنطلق اي تسوية سلمية من قراري مجلس الأمن 242 و338 وتطبيقهما"، والرابع "بوقف النشاطات الاستيطانية كاملة"، والخامس بضرورة ايجاد "ضمانات دولية لتنفيذ الاتفاقات". وزاد ان القاهرةوعمان "لن تسمحا بالتفاوض على الأمور الجوهرية الخطوط الحمر". في غضون ذلك، واصل وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث جولته في العواصم الأوروبية بهدف حشد التأييد الأوروبي للموقف الفلسطيني والمبادرة. وسيلتقي شعث عددا من المسؤولين الأوروبيين، من بينهم المسؤولين في الدنمارك اليوم وفرنسا غدا، وبريطانيا بعد غد، كما يجري اتصالات بهدف لقاء وزيري الخارجية الألماني يوشكا فيشر، مشيراً إلى أن "تحسناً ملحوظاً طرأ على الموقف الأوروبي الذي بات أكثر وضوحاً في مطالبته بوقف الاستيطان ودعم المبادرة المصرية - الأردنية".