تصر القيادة العسكرية في إسرائيل على التأثير في القرار السياسي، وهو النهج الذي اتبعه رئيس الأركان الجنرال شاؤول موفاز مند تسلمه منصبه قبل ثلاث سنوات. ولكن تحسباً لغضب رئيس الحكومة ارييل شارون ووزير دفاعه بنيامين بن اليعيزر على هذا التدخل، التزم موفاز، الذي عارض انسحاب جيش الاحتلال من الخليل قبل أسبوعين، الصمت ومنح حق الكلام إلى رئيس شعبة الاستخبارات الجنرال عاموس مالكا فاستبق جلسة المطبخ السياسي - الأمني ليل أول من أمس، واطلق تحذيراً من مغبة اتخاذ قرار بالانسحاب الفوري من المدن الفلسطينية من دون التزام فلسطيني باتخاذ خطوات عاجلة لوقف النار، معتبراً أن قراراً كهذا سيعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التوغل "ما قد تكون له انعكاسات أمنية خطيرة، خصوصاً على خلفية تزايد الانذارات بنية عناصر ارهابية تنفيذ سلسلة من العمليات العدائية والانتحارية". واتهم مالكا السلطة الفلسطينية ب"عدم الجدية في وقف الإرهاب". إلى ذلك، كشف المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" شمعون شيفر تجدد الجدل في أوساط قادة الأجهزة الأمنية في شأن ضم أمين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي في قائمة المطلوبين المرشحين للاغتيال. وزاد أن الأصوات داخل قيادة الجيش التي تطالب برأس البرغوثي ازدادت في اعقاب اتهامه بالمشاركة في اطلاق النار على قوات الاحتلال الأسبوع الجاري. وأضاف المراسل ان عدد "المطلوبين" الذي تقدمت به إسرائيل للسلطة الفلسطينية بلغ 156 مطلوباً. وطالب رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو الحكومة الحالية بمزيد من الاجراءات لقمع الفلسطينيين، مضيفاً ان اغتيال الناشطين الفلسطينيين هو رد جزئي فقط في إطار محاربة الإرهاب. وأكد دعمه المطلق مواقف موفاز المعارضة للانسحاب من الأراضي الفلسطينية. وفي هذا السياق، أفاد استطلاع للرأي أجرته صحيفة "معاريف" أن 66 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون توغل الجيش في المدن الفلسطينية. ورأت نسبة مماثلة ضرورة أن ترفض إسرائيل الطلب الأميركي بالانسحاب. وقال 62 في المئة إن الرئيس ياسر عرفات هو المسؤول عن قتل وزير السياحة رحبعام زئيفي، وقال 82 في المئة إن السلطة الفلسطينية لن تذعن للمطلب الإسرائيلي بتسليم "القتلة". ولفت الاستطلاع إلى أن 50 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون فكرة ترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى دول عربية الترانسفير التي حملها الوزير زئيفي، لكن 20 في المئة يرون أنها قابلة للتنفيذ. وعارض الفكرة 44 في المئة. من جهة أخرى، اطلق النائبان شلومو بن عامي وحايم رامون العمل خطة جديدة تقضي بانسحاب إسرائيلي أحادي الجانب من غالبية المناطق المحتلة والمستوطنات "كخطوة في طريق النوصل إلى اتفاق حل دائم"، وأضافا في مؤتمر صحافي عقداه أول من أمس ان احتمال التوصل إلى اتفاق مع عرفات في المدى المنظور غير ممكن "لأنه لن يكافح الإرهاب لتجنب حرب أهلية"، ما يحتم على إسرائيل التوجه إلى المجتمع الدولي بطلب تأييد اقتراح الانفصال عن الفلسطينيين. وحسب خطتهما، فإن إسرائيل ستبقي على 80 في المئة من المستوطنات تحت سيادتها على أن تراقب القوات الدولية الممرات والمعابر الحدودية وتكون بزعامة الولاياتالمتحدة بمثابة حاجز مانع بين مناطق السلطة الفلسطينية وإسرائيل. ورأى المراقبون ان الوزيرين السابقين سيواجهان صعوبة في اقناع مؤسسات حزب "العمل" تبني خطتهما حيال موقف وزير الخارجية زعيم الحزب غير المتوج شمعون بيريز الرافض مبدأ الفصل أحادي الجانب.