قال مسؤول لبناني ان لبنان سيكون أقل الدول المتضررة من التداعيات السياسية المترتبة على رد الفعل الاميركي حيال الهجمات التي حصلت في نيويوركوواشنطن، "لأنه تمكن منذ مدة طويلة من ضرب البنى السياسية والأمنية للمجموعات الاسلامية المتطرفة في جرود الضنية وامتداداتها في بيروت والبقاع. وتمكن لاحقاً من شل قدرة بعض القوى في الشارع المسيحي على التحرك مراهنة على مستجدات اقليمية تحت عنوان الدفاع عن الحريات العامة". وأكد المسؤول اللبناني ل"الحياة" ان "النجاح في منع اي امكان لتقويض الاستقرار يدفعنا الى الاعتقاد أن ليس مطلوباً منا وحتى اشعار آخر سوى التعاون مع الاميركيين لتزويدهم ما لدينا من معلومات تتعلق بجماعات متطرفة تنتمي الى "العرب الأفغان" وتحديداً تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه اسامة بن لادن"... ولفت الى عدم وجود قلق لبناني على الاستقرار الداخلي والتماسك السياسي، مشيراً الى أن الاميركيين لم يطلبوا حتى الساعة، اسماً لبنانياً يرغبون بتسلمه لعلاقته بالهجمات، باستثناء معرفة بعض المعلومات عن اللبناني زياد الجراح لورود اسمه على لائحة المشتبه بهم في التفجيرات، كونه، وعلى ذمة واشنطن في عداد ركاب الطائرة الأميركية التي سقطت فوق بنسلفانيا. واعتبر ان التحرك اللبناني الخارجي يتجاوز أي شكل من أشكال القلق على الوضع الداخلي الى القلق على مصير الوضع في المنطقة في أعقاب الرد الاميركي على الهجمات... ورأى ان تحرك رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري الموجود حالياً في باريس، "هو الترجمة العملية للمشاورات بينه وبين رئيسي الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري. وهو تحرك أملته الاستعدادات الاميركية الجارية للرد على الهجمات ضد نيويوركوواشنطن، في ضوء ما حصل في اجتماع مساعد وزير الخارجية الاميركية وليم بيرنز مع السفراء العرب في واشنطن حيث سلمهم الورقة الاميركية التي تضمنت ست نقاط وتعكس الموقف السياسي الاميركي في التعاون لمكافحة الارهاب". أضاف: "الورقة الاميركية اياها تسلمها الرؤساء الثلاثة وكبار المسؤولين من السفير الاميركي في لبنان فنسنت باتل، مقرونة بلائحة تصمنت 19 اسماً هم الذين كانوا من العرب المسلمين على الطائرات الأميركية الأربع، والذين يعتبرون من وجهة النظر الاميركية في عداد المشتبه بهم، وتود واشنطن التعاون لمعرفة من هم وأين كانوا قبل دخولهم الى أراضيها، اضافة الى لائحة كبيرة من الأسماء يبدو انها استخرجتها من الكومبيوتر وتظن انهم على علاقة بالعرب الأفغان وابن لادن ومن بينهم خمسة فلسطينيين ومصريان". وأكد ان "اولوية واشنطن هي ملاحقة العرب الأفغان، على رغم انها ذكّرت بما كان صدر في شباط فبراير الماضي عن الخارجية الاميركية في خصوص الدول والمنظمات التي تصنفها على لائحة الارهاب. وعندما التقى بيرنز السفراء العرب تصرف وكأن المطلوب من الدول العربية، أن تركب قطاراً واحداً لمكافحة الارهاب". وأوضح المسؤول اللبناني ان الموقف الاميركي "أخذ يتبدل لجهة الاستماع الى آراء الآخرين. فلبنان كان من بين الدول التي أكدت وقوفها ضد كل أشكال الارهاب شرط التمييز بينه وبين المقاومة، على قاعدة التعاطي تحت سقف ما حددته الأممالمتحدة. وأتاح التفهم الاميركي لهذه الاعتبارات للبنان الاعراب عن قلقه من المرحلة التي أعقبت حرب الخليج واخراج الجيش العراقي من الكويت والتي تمثلت بعقد مؤتمر مدريد للسلام وقد تعطلت مفاعيله لاحقاً، باتفاق أوسلو المنفرد بالتزامن مع انفراط الملف الدولي لتحرير الكويت واصبح محصوراً بالولايات المتحدة وبريطانيا". فهذه المرحلة زادت التوتر الاقليمي، الذي يتخوف لبنان من استمرار مفاعيله، فبدأ يتحرك بالتعاون مع الدول العربية لاشعار العالم بضرورة الالتفات الى المنطقة لأن الدافع الأساسي للارهاب استمرار الاحتلال الاسرائيلي ورفض اسرائيل تطبيق القرارات الدولية. ويتطلع لبنان بالتعاون مع سورية وعدد من الدول العربية والأوروبية، الى اعادة الاعتبار لمؤتمر مدريد للسلام بصيغة مدريد - 2 لخشيته من أن تكون التهدئة الاسرائيلية، في حدود استجابة تل أبيب للضغط الاميركي موقتاً، بدلاً من تطوير وقف النار من اجل احياء العملية السلمية، لأن الفرصة الدولية الراهنة مواتية لذلك.