واشنطن - أ ف ب، رويترز - تعكف وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون على دراسة خياراتها العسكرية من اجل "الحرب" على الارهابيين. ولا يستبعد محللون توجيه ضربات ضد افغانستان او القيام بعمليات كوماندوس، لكنهم استبعدوا عمليات احتلال عسكرية، مشيرين الى ان الحملة تتطلب صبرا ضد عدو غير واضح المعالم. واشار وزير الدفاع الاميركي رونالد رامسفلد الى معضلة تواجه الالة العسكرية المعتادة على مواجهة شاملة مع اعداء محددين وظاهرين كما حصل ابان الحملة الجوية على صربيا خلال حرب كوسوفو العام 1999. وقال، في مقابلة مع الشبكة التلفزيونية الاميركية "ايه. بي. سي."، ان "عصر الحرب النظيفة بحيث تلقي طائرات حربية بقنابلها عن ارتفاع 20 الف قدم او صواريخ تنطلق من بوارج في منتصف الليل ولا يسقط اي جريح من الاميركيين او الحلفاء، قد ولى. وكل ذلك لن يجدي مع هذا العدو" الجديد. وقال الخبير العسكري من مركز ليكسينغتون للابحاث دان غور: "لا اتوقع حاليا شن هجمات جوية مكثفة ضد اي كان. ان هذا الامر سابق لاوانه". واضاف: "حتى لو كان لذلك معنى سياسي، فسيكون من الخطأ التركيز على افغانستان" حيث يقيم اسامة بن لادن المتهم الرئيسي في الاعتداءات التي استهدفت الولاياتالمتحدة الثل"ثاء الماضي. ولا يعتبر الخبراء افغانستان، البلد الممزق بسبب عقود من الحرب والمتخلفاقتصاديا، هدفا واقعيا ولن تغير عمليات القصف من المعطيات الموجودة. ومن جهته، قال مايكل اوهانلون من معهد بروكينغز ان الولاياتالمتحدة والحلفاء المحتملين يخاطرون بحرق اصابعهم "وخسارة مئات الاف الرجال"، اذا حاولوا قلب نظام "طالبان"، معيدا الى الاذهان ان المجاهدين الافغان الاشداء طردوا، من بلادهم، الجيش السوفياتي البالغ القوة. يبقى سيناريو قيام وحدات كوماندوس اميركية بالتحالف مع معارضين افغان بمحاولة "القبض على ابن لادن عندما تسنح الفرصة من اجل تقديمه للمحاكمة"، وهو سيناريو مثالي جدا. وكذلك سيناريو مساعدة المقاومة الافغانية التي اضعفها مقتل قائد الميليشيات الطاجيكية احمد شاه مسعود. ويعتقد اوهانلون بان الفرص معدومة امام هاتين الفرضيتين في الوقت الحالي. ثمة صعوبة اخرى في هذه الحرب، وهي ان المشتبه بهم قد يكونون تفرقوا في كل ارجاء الكرة الارضية. وواعرب اندرو كريبينفيتش مدير مركز شؤون الموازنة والاستراتيجية عن اعتقاده ب"ان المسألة ليست مسألة امكانات عسكرية بل امكانات استخباراتية وتدخل سريع" فور توافر المعلومات الصحيحة. واعتبر غور انه من غير المستبعد وضع افغانستان في خط النار لغايات مختلفة وربما لتوجيه ضربات الى اماكن اخرى في الشرق الاوسط. وقال فرانك كيلفوو من مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية: "لا استبعد شيئا" بالنسبة الى العمليات، "ولكن لا يوجد حل وحيد. يجب ان نستعد لحملة طويلة" من دون الاصطدام مع العالم الاسلامي. واخيرا، اعرب الخبراء، وبالاجماع، عن اعتقادهم بان اجهزة الاستخبارات ستتلقى المزيد من الدعم المادي والفني والبشري في حرب طويلة تشن ضد الارهاب. وفي مواجهة مطالب الانتقام التي تغلي في اوساط الاميركيين، فان واشنطن لن تبقى مكتوفة الايدي. وبعد استدعاء 50 الف من جنود الاحتياط، وضع "البنتاغون" الوحدات الخاصة المجوقلة المتمركزة في فورت براغ في ولاية كارولينا الشمالية في حال تأهب اضافة الى قيام احدى حاملات الطائرات في الخليج بزيادة الاجراءات الامنية العملانية بحسب معلومات نشرتها "واشنطن بوست". في موازاة ذلك، تبدو الترسانة المتهالكة ل"طالبان" هدفا سهلا، الا ان مقاتليها من امهر المدافعين في مواجهة جيش حديث ويمكن ان يشنوا حرب عصابات مطولة. ويعتقد المحللون ان مقاتلي الحركة لن يشتبكوا مع القوات الاميركية لاي سبب من الاسباب الا بشروطهم الخاصة بهم. ونقلت وكالة "رويترز" عن ناشر لاحدى النشرات الاستخبارية: "الافغان لا يميلون الى الانتحار. من المحتمل الانتقام أو الثأر ولكن ليس الانتحار.. انه ليس في ثقافتهم." وتراوح التقديرات المتوافرة عن المعدات والافراد لدى "طالبان" بصورة كبيرة بحيث يصعب تكوين صورة واضحة عن قوتها الحقيقية. ويقول المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الذي ينشر تقريرا سنويا عن التوازن العسكري في كل انحاء العالم ان الصيانة الضعيفة ونقص قطع الغيار ادت الى استنفاد ترسانة "طالبان". كما ان نقص المهندسين المهرة وخبراء القذائف ووجود طيارين مشكوك في ولائهم ادى الى الحد اكثر من خياراتهم. الا ان هناك مجموعة من الاسلحة السوفياتية تدفقت على افغانستان خلال احتلالها الذي استمر عشر سنوات وانتهى العام 1989. كما قدمت الولاياتالمتحدة الاسلحة للمجاهدين الذين كانوا يقاتلون الغزو السوفيتي. الا ان الامر غير اليقيني هو كمية الاسلحة التي ما زالت تعمل، علما ان المعارضة الشمالية استولت على جزء من الترسانة الوطنية بعد تقهقر عن كابول. والى بعض قطع المدفعية الثقيلة، يتعين على "طالبان" ان تعتمد على قوة من حولوا البلاد الى مقبرة للكثير من الغزاة: الشعب والارض. وقال احمد راشد مؤلف كتاب "طالبان" الذي يتناول صعود الحركة الاسلامية الى السلطة: "من المحتمل ان يكون لديهم نحو 25 الف مقاتل تحت السلاح. ومن الممكن ان يرتفع العدد الى بين 35 و45 الفا مع بدء حملة تعبئة سريعة". والتحسين الوحيد الذي اجرته "طالبان" على حرب العصابات الافغانية التقليدية هو ادخال شاحنات ذات دفع رباعي لاستخدامها كحاملة افرادمتنقلة بوحي من الوسائل التي استخدمها افراد الميليشيات الصومالية خلال التدخل العسكري الامميكي في بلادهم. ومن الجبال والوديان الوعرة من الممكن ان يمضي مقاتلو "طالبان" سنوات في الهجوم على القوى المحتلة كما فعل الافغان مع البريطانيين في القرن التاسع عشر والسوفيات خلال القرن الماضي.