عرف القائد الراحل للمعارضة الافغانية الجنرال احمد شاه مسعود بلقبه "اسد بنجشير" نسبة الى وادي بنجشير الاسود الخمسة حصنه الحصين شمال كابول. تحصن في الوادي ومعه اتباعه من العرق الطاجيكي الذي ينتمي اليه وقاد منه عمليات المقاومة للقوات السوفياتية الغازية. وأصبح بفضل بطولاته احد ابرز قادة المجاهدين. درس مسعود في المعهد الفرنسي في كابول، ثم التحق بكلية العلوم لدراسة الهندسة حيث تعرف الى رفيقه في الجهاد ومنافسه سياسياً قلب الدين حكمتيار زعيم الحزب الاسلامي. وقاد الاثنان محاولة في ذلك الوقت للانقلاب على نظام داود الشيوعي. انخرط في صفوف الجمعية الاسلامية التي يتزعمها الرئيس برهان الدين رباني وكان دائماً حريصاً على ولائه للأخير. لكنه حافظ طيلة مرحلة الجهاد على استقلاليته، خصوصاً في وقت كان المجاهدون متأثرين بالنفوذ الباكستاني القوي. مكنته ثقافته الفرنسية من نسج علاقات في الغرب خصوصاً مع الاوروبيين، فجمع بين التزامه الديني وانفتاحه على الثقافات الغربية. كان له الفضل الاكبر في فتح كابول امام المجاهدين عام 1992، بفضل اختراقه نظام الرئيس الشيوعي السابق نجيب الله ونسجه علاقات مع اركان هذا النظام. وكافأه رباني بتعيينه وزيراً للدفاع في اول حكومة شكلها وكانت تضم حكمتيار. تدهورت العلاقة بينه وبين حكمتيار منذ سقوط نظام نجيب الله ودخول المجاهدين الى كابول. وكانت المعارك بين انصارهما نقطة الضعف التي مكنت حركة "طالبان" من التغلب على المجاهدين وطردهم من كابول عام 1996. على رغم انسحاب قوات المجاهدين الى الشمال الافغاني امام زحف "طالبان"، ظل مسعود متحصناً في وادي بنجشير الذي لم يتمكن احد من اختراقه. ورث عن والده الذي كان كولونيلاً في جيش الملك ظاهر شاه، ادراكه اهمية حرب المعلومات، اضافة الى قدرات شخصية في البراعة التنظيمية. كان براغماتيكياً وعملياً في انفتاحه على رفاق اكثر اصولية وتشدداً، مع مرونة في التعاطي مع الواقع الدولي. ورأى الغربيون انه الأكثر انفتاحاً وديموقراطية بين سائر المجاهدين. ودعا الى حكم اسلامي مستقر في كابول، يلعب فيه الطاجيك دوراً محورياً في الانفتاح على الغالبية البشتونية والاعراق والطوائف الأخرى في البلاد، ولذا كان يشترط اجماعاً وطنياً حول النظام الاسلامي، وايدته دول اسلامية وعربية وأجنبية عدة.