كابول - "الحياة"، أ ف ب - أفرز اتفاق بون للسلام في أفغانستان جيلاً جديداً من الحكام في كابول. وشكل نهاية لعهد رموز الحرس القديم من قادة "تحالف الشمال"، خصوصاً الرئيس برهان الدين رباني 61 عامًا الذي كان من أبرز المجاهدين ضد الشيوعية والاجتياح السوفياتي لبلاده، والذي لم تنجح حركة "طالبان" في إزالته عن الخريطة السياسية على رغم سيطرتها على أكثر من 90 في المئة من البلاد. ومن رموز الحرس القديم الذين همش اتفاق بون أدوارهم، الزعيم الاصولي عبد رب الرسول سياف الذي ظل على ولائه لرباني، على رغم الضغوط عليه كونه بشتونيًا لفك ارتباطه بالتحالف الذي يضم أقليات. كما همش اتفاق بون دور الزعيم الاصولي قلب الدين حكمتيار الذي اختار، بملىء إرادته، عدم مناهضة "طالبان" في زمن ضعفها، علماً أن الحركة أبعدته الى الخارج في زمن سيطرتها على معظم أنحاء البلاد. كما فقد الرئيس السابق البشتوني صبغة الله مجددي أي فرصة له في لعب دور في بلاده، بعدما كان يأمل في العودة الى الساحة كونه أحد المرشحين الذين يمكن أن يحصل إجماع عليهم لقيادة المرحلة الانتقالية. غياب دوستم ولا شك في أن أبرز المهمشين هو الزعيم الاوزبكي الجنرال عبد الرشيد دوستم الذي لعب دوراً أساسياً في فتح أبواب كابول أمام المجاهدين بفضل تحالفه مع القائد الطاجيكي الراحل أحمد شاه مسعود. ولعل تيار دوستم حرم من أي تمثيل في الحكومة الافغانية المقبلة، على رغم أن أحداً لا يتوقع أن يؤدي ذلك الى تقليص نفوذه عسكرياً على الارض في معاقله في مزار الشريف وضواحيها. الجيل الجديد ويجسد تعيين حامد قرضاي 44 عامًا على رأس الحكومة الانتقالية، وهو الاصغر سناً بين المرشحين الاربعة لهذا المنصب، تراجع نفوذ "الطاقم القديم" الذي يفترض أن يفسح في المجال أمام قيادة مؤلفة من تكنوقراط شبان أكثر وعيًا للمصلحة العامة. ولا يستبعد كثيرون ممن عرفوا مسعود الذي اغتيل في التاسع من أيلول سبتمبر الماضي، ان يكون هذا التطور حقق رغبته، إذ كان الزعيم الطاجيكي الراحل وراء ظهور عدد كبير من هؤلاء القادة الشبان الطاجيك مثل عبدالله عبدالله وزير الخارجية في حكومة التحالف ويونس قانوني وزير الداخلية والجنرال محمد فهيم خان وزير الدفاع. ويرى محللون أن قسماً كبيراً من فلسفة هؤلاء الشباب يرتكز على تصور أن المدنيين باتوا يضيقون ذرعًا من الحروب، فيما لا يستطيع "تحالف الشمال" بمفرده أن يضمن انضواء كل المجموعات في البلاد في صيغة واحدة. كما لا تستطيع أي قوة سياسية التفرد في القيام بذلك. لذا اتخذ هؤلاء الشباب قراراً بالانفتاح على الآخرين في رهان لا يزال محفوفاً بالمخاطر، ومضوا في تقديم عدد من التنازلات شملت الهيئة التنفيذية في الحكومة المقبلة ووجود قوة سلام دولية في كابول، على رغم اعتراض رموز الحرس القديم وفي مقدمهم رباني الطاجيكي الذي بدأ يتحول زعيماً محرجاً بالنسبة الى "جيل مؤتمر بون". وقال أحد هؤلاء القادة الشبان طالبًا عدم ذكر اسمه: "طلبنا منه رباني عدم المجيء الى كابول، لكنه جاء على رغم ذلك واستقر في القصر الرئاسي وكان يستمتع باقبال مئات الصحافيين الاجانب الى مكتبه على رغم أنه لم يعد لديه أي مناصر". ورباني الذي بات مهمشًا، انفجر غاضبًا الثلثاء الماضي، خلال لقاءات مع الصحافيين متهمًا "مندوبي" بون ب"تجاوز" حدود المهمة الموكلة اليهم، مشددًا على أولوية حصوله على منصب في الحكومة الانتقالية. وقال أحد القادة الشبان ساخرًا إن الاممالمتحدة "شكرت رباني مسبقًا على تسليمه السلطة". ومع إبعاد رباني ورفاقه من الحرس القديم عن الساحة السياسية، يطوى فصل من فصول الحرب الافغانية، وتعقد الامال على إرساء السلام بعد 23 عامًا من الحروب.