يتخوف العاملون في قطاع النقل الجوي من التأثيرات السالبة التي ستتركها الهجمات الإرهابية الأخيرة في الولاياتالمتحدة، في ظل قناعة عامة بأنها ستؤدي إلى تفاقم حال الركود التي تعاني منها صناعة الطيران التجاري في العالم، وربما إلى إفلاس بعض الناقلات الأميركية الكبيرة في الشهور المقبلة. وأدى توقف حركة الطيران في أميركا الشمالية منذ صباح الثلثاء، وحتى استئنافها ظهر أمس، إلى تجميد أكثر من خمسة آلاف طائرة عن العمل، بقيت جاثمة في مئات المطارات الأميركية والكندية، في حين تم تجميد قرابة ألف طائرة حول العالم تخصص عادة لتسيير رحلات مجدولة إلى الولاياتالمتحدة. وقالت منظمة "اياتا" وهي الرابطة الدولية للنقل الجوي إن أربعة آلاف شركة طيران من أصل 12 ألف شركة طيران تجارية حول العالم توقفت أعمالها بسبب القرار الأميركي. وتستقبل الولاياتالمتحدة سنوياً 48 مليون مسافر من خارج أراضيها، منهم 15 مليون مسافر من كندا، يأتي أغلبهم بالسيارة للاستفادة من رخص أسعار الوقود في السوق الأميركية. إلا أن حجم سوق النقل الجوي الداخلية في الولاياتالمتحدة يقارب 530 مليون مسافر سنوياً، أو ما يعادل ثلث اجمالي الحركة الجوية في العالم. وتُسيّر شركات الطيران الأميركية بين 23 ألفاً و 36 ألف رحلة يومياً، وتقوم بنقل أعداد تراوح بين 5،1 مليون ومليوني مسافر في اليوم الواحد، حسب التغيرات الموسمية. وينتظر أن تصل فاتورة التأمين على الطائرات المدنية الأربع المختطفة، التي قتل على متنها 260 شخصاً، إلى نحو ثلاثة بلايين دولار ستُغطي الحكومة الفيديرالية جزءاً كبيراً منها، على أن تتحمل شركات التأمين المبلغ المتبقي. وتحظى كل طائرة بتأمين تصل قيمته إلى 5،1 بليون دولار. ومن غير المعروف كيف سينعكس هذا الحادث على تكاليف التأمين التي تتحملها شركات الطيران الأميركية، والتي ستضطر إلى تحويل كل زيادة في نفقاتها إلي المستهلكين، في وقت تواجه صناعة الطيران التجاري مشاكل سببها الركود وتراجع المداخيل والأرباح. وتسببت الأزمة الأخيرة في إضعاف ثقة المسافرين بالسفر جواً، بسبب الخوف من تعرضهم إلى حوادث إرهابية. وكانت أسهم شركات الطيران الأميركية والأوروبية شهدت في الشهور الأخيرة تراجع أسعارها إلى مستويات منخفضة لم تعرفها منذ مطلع التسعينات حينما كانت صناعة النقل الجوي في العالم بأسره تشهد أزمة عميقة. وكان السبب في ذلك التوقعات المتشائمة التي أشارت إلى أن الركود قد يتواصل حتى نهاية السنة المقبلة، وهي توقعات تتحتم مراجعتها على ضوء التغيرات التي حتمتها الهجمات الأخيرة، على صعيد الأكلاف الجديدة التي تترتب على تطبيق الإجراءات الأمنية الخاصة بضمان سلامة الطائرات والركاب. وكانت حركة الشحن الجوي سجلت تراجعاً واضحاً منذ مطلع السنة، بسبب الانخفاض في وتيرة النشاط الاقتصادي. ووصلت نسبة الانخفاض في حركة الشحن الجوي إلى 5،8 في المئة، خلال شهر نيسان ابريل الماضي، في أعقاب انحدار متواصل لحجم الكميات المنقولة جواً. وبين المؤشرات على الطابع المستمر لظاهرة الانخفاض هذه، التراجع الكبير في حركة الشحن الجوي بين آسيا والولاياتالمتحدة، وهي خطوط الشحن الجوي الأكثر ازدحاماً في العالم. ومن المتوقع أن يؤدى انخفاض وتيرة النقل الجوي في أميركا الشمالية وأوروبا إلى انخفاض لاحق في كل الأسواق الاقليمية، بما في ذلك سوق الشرق الأوسط. ويتوقع المحللون أن تؤدي ظاهرة الافلاسات المحتملة التي ستفاقمها أزمة الهجمات الأخيرة، إلى حدوث موجة اندماجات جديدة تغير طبيعة السوق الجوية كما حدث منذ مطلع العقد الماضي، وسط توقعات لمنظمة "اياتا" بأن الخسائر التي سيُمنى بها قطاع النقل الجوي حول العالم قد تبلغ عشرة بلايين دولار خلال السنة الجارية سيأتي أكثر من 60 في المئة منها، من سوق أميركا الشمالية.