اجتياز المسافات عبر القارات بات مكلفاً. الأزمة العالمية في مجالي المال والاقتصاد عمّقت ركائز الركود. الإنفاق على السفر لم يعد أولوية أو ضرورة لفئاتٍ كثيرة من المستهلكين العالميين. الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) حدّد تراجع المسافرين العالميين بأربعة في المئة هذه السنة، وحجم الشحن ب14 في المئة. شركات طيرانٍ كبرى وكثيرة تكبدّت خسائر بمئات ملايين الدولارات، ومجموع الخسائر المتوقعة عالمياً 11 بليون دولار توازي 15 في المئة من دخل الطيران المدني كما تعلن «إياتا». وحركة العبور في الأجواء الداخلية أو الخارجية إلى تقلّص، والشركات المتوسطة أو الصغيرة هي الأكثر هشاشةً. هذه المعطيات تحكم بالطبع تكلفة انتقال الأشخاص وشحن البضائع. تكلفة تضافُ حتماً إلى مكوّناتٍ اقتصادية في مدخلات الإنتاج العالمي أو في دخل المواطنين، بلوغاً إلى زيادة نقاطٍ في معدلات التضخم. ومع ارتفاع أسعار المحروقات تبقى بطاقات السفر متأهبةً لأية زيادة في الأسعار. لكن في ظل تنافسية طيران «منخفض التكلفة» لم يتجاوز حضوره عقداً، وترتفع حصته من سوق الطيران المدني إلى 15 في المئة، يبقى على شركات الطيران العالية التكلفة أن تبحث عن دعم لدخلها، بخاصةٍ أن الكبيرة منها تتكبد خسائر فادحة بملايين الدولارات. وقد اتبعت تلك الشركات خطى المؤسسات الكبرى في خفض نفقاتها وتقليص أعبائها المادية، سواء في تقليل أعداد العاملين لديها، أو وقف خدماتٍ أو زيادة في أثمان تذاكر السفر، أو إلغاء خطوط رحلاتٍ لا تؤمن عائداً كافياً. ولم تعد شركات الطيران سخيةً في تقديم خدماتٍ مجانية. بل تقتدي بالطيران «المنخفض التكلفة» لتعوّض جزءاً من خسائرها. المبدأ بسيط، أن تضيف إلى فواتيرها بنود الخدمات المجانية. شركة الطيران الإسبانية «إيبيريا» افتتحت الطريق فحددت 15 يورو (22.2 دولار) لتسجيل الراكب منذ نهاية تشرين الأول الماضي، الذي أعلنت في بدايته «بريتش أروايز» أيضاً بدلاً على الحقيبة الثانية يوازي 45 يورو، بخاصةٍ على متن رحلاتها إلى الولاياتالمتحدة. الشركات الأميركية: «أميركان»، «كونتينانتال» و «دلتا» تقاضت المبلغ منذ الربيع الماضي، وتعرض «يونايتد أرلاينز» اشتراكاً سنوياً قيمتها 249 دولاراً للتسجيل غير المحدود للبضائع. وذهبت شركات طيران إلى أبعد من تسعير خدماتها المجانية. ابتكرت خدمات. «بريتش أروايز» تعرض على زبائنها اختيار المقعد لقاء 15 دولاراً في الدرجات الاقتصادية و60 في درجات رجال الأعمال. «آر فرانس» تسمح بالاحتفاظ بالمقاعد التي قرب مخارج النجاة لقاء 50 يورو. أما الألمانية «لوفتهانزا» فتعرض استخدام شبكة «الويب» على متنها لقاء 10 يورو في الساعة. وهي خدمة تباشر بها منتصف 2010. موارد هذه الخدمات ارتفعت بحسب تقارير عالمية، 346 في المئة خلال سنتين لدى أهم 92 شركة طيران في العالم. وارتفع عائدها إلى نحو 11.2 بليون دولار في 2008 لقاء 2.5 بليون في 2006. وينتظر أن تمثل عائدات الخدمات التي كانت مجانية بين 10 و15 في المئة من حجم الأعمال في 2013. إن واقع خسائر شركات الطيران العالمية يضعها في واجهة تحدياتٍ كبيرة لا سيما على صعيد تأمين خدماتها التقنية والصيانة الدورية لأسطولها وناقلاتها. ويؤثّر أيضاً على تجديد الأساطيل ما ينعكس على صناعة الطيران في العالم، لا سيما للعملاقين «بوينغ» و «آرباص»، وتواجه الأخيرة صعوبات مالية إضافية كلما ارتفع سعر اليورو. لذا باشرت «آرباص» إنتاج طائراتٍ في الصين، نظراً إلى تدني التكلفة، وإلى توسع السوق الصينية الداخلية وحاجتها إلى طائرات في المستقبل. وفي انتظار تحسن سوق السفر والسياحة تدرس شركات الطيران الكبرى الخدمات المدفوعة لدى شركات الطيران المنخفض التكلفة. الأخيرة حققت تقدماً في تحقيق الدخل والأرباح. فعائد الخدمات المدفوعة لدى الأوروبية منها بات يشكل نصيباً جيدا من حجم الأعمال، فبين 2006 و2008 ارتفع نصيب عائد الخدمات لدى «ريان آر» من 16.2 إلى 19.3 في المئة من حجم أعمالها، ولدى «إيزي جيت» من 8.8 إلى 15.5، و «أميركان آرلينز» من 4 إلى 8.9 ولدى «يونايتد من 3.6 إلى 7.9، ولدى «دلتا» من لا شيء إلى 6.6 في المئة. ويتوقع أن يقتطع الطيران المدني المنخفض التكلفة 19.9 في المئة من حجم سوق السفر هذه السنة. يوازي المسافرون جواً في العالم، سكان الأرض، عام 2007 كانوا 4 في المئة ويشكلون 4.6 بليون، تقلصهم لن يؤثر على شركات كثيرة، لكن النفقات الإضافية تجعل النقل الجوي غالياً.