سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فرقة مكافحة الشغب حضرت الى جنوب لبنان ، والأسعد قاطع وأنصاره شاركوا . الانتخابات البلدية : ساخنة في جزين و حاصبيا وعائلات تمردت على "الائتلاف" واقترعت لمستقلين
لم تسلك "اللوائح المقفلة" طريقها الى صناديق الاقتراع لانتخاب المجالس البلدية والاختيارية للمرة الأولى منذ 39 عاماً في الجنوب المحرر وجزين وجوارها إلا قليلاً، واستعيض عنها بلوائح ملغومة، خصوصاً في البلدات الشيعية التي يرعاها "ائتلاف الضرورة" بين "حزب الله" وحركة "أمل"، ما يعزز احتمال حصول خروق من قبل اللوائح المنافسة والمرشحين المنفردين، تلازمت مع اندلاع معارك انتخابية طاحنة في بلدة جزين من خلال لائحتين غابت عنهما المبارزة العائلية وحلت مكانهما مجابهة سياسية من نوع آخر على خلفية الانتخابات النيابية السابقة، تماماً كما حصل في حاصبيا وفي عدد قليل من القرى الشيعية التي يتواجد فيها الحزب الشيوعي اللبناني وتيارات يسارية مستقلة، استفادت جميعها من تبادل التشطيب المدروس الذي دار رحاه بين الحزب والحركة. وقبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع في السابعة من صباح أمس، كانت القوة الأمنية المشتركة قد أحكمت سيطرتها الأمنية على البلدات في الجنوب المحرر تساندها تعزيزات عسكرية قدرت بأكثر من خمسة آلاف بين ضابط ورتيب وجندي، تمثلت في استقدام وحدات من فرقة مكافحة الشغب، والمغاوير، وأفواج التدخل. وكأن الدولة تريد أن تقطع الطريق على من يحاول التشكيك بحياد السلطة أو اللجوء الى تهديد الاستقرار في المنطقة الحدودية. ليعطى للذين يطالبون باستمرار بنشر الجيش اللبناني ذريعة يمكنهم استخدامها في مواصلة حملاتهم... وتكلل النجاح الأمني في الاشراف على العملية الانتخابية بتسجيل التقارير الأمنية حوادث فردية فقط ناجمة عن احتدام المنافسة طوقت بعدما أوقفت القوى الأمنية الفاعلين، وبعضهم من اشتبك بالأيدي وبعضهم الآخر تبادل الشتائم، وأحياناً بين الفريق المتحالف الواحد... جميع القوى السياسية لم تكن غائبة عن خوض المعارك البلدية والاختيارية باستثناء المقاطع الوحيد للانتخابات رئيس المجلس النيابي السابق كامل الأسعد خلافاً ل"المحاربين القدامى" الذين ينتمون اليه، الذين شاركوا فيها ترشحاً واقتراعاً. والمقصود بهذه القوى "أمل" و"حزب الله" الى جانب احزاب "الشيوعي" و"البعث العربي الاشتراكي" الموالي لسورية و"السوري القومي الاجتماعي" على رغم ان حضور الاخيرين كان رمزياً في القرى الشيعية. واللافت ان تحالف الحزب والحركة لم يمكنهما من السيطرة على الشارع الانتخابي واخضاعه لمشيئته، إذ تمردت بعض العائلات الشيعية على قرار الائتلاف وشكلت لوائح مستقلة غير متكاملة تعاونت في بعضها مع الشيوعي الذي خاض منفرداً ثلاث معارك اساسية في حولا وعيترون والطيبة مسقط الأسعد، وإنْ كان حضوره في الاخيرة اقتصر على مرشحين منفردين. ولا يمكن رد السبب في هذا التمرد الى دواع سياسية بمقدار ما انه يكمن في رغبة هذه العائلات في تشكيل نواة قوة مناوئة للطريقة التي اتبعت في تأليف اللوائح وانتقاء المرشحين على نحو أدى الى استبعاد عدد من الكفيين منهم ما أثر سلباً على تحسين التمثيل البلدي. وتجلت منافسة اللوائح الائتلافية، وتحديداً في بنت جبيل وميس الجبل. في مبادرة العائلات الى حشد مرشحيها في لوائح مستقلة، غاب عنها المرشحون اليساريون باستثناء ترشح الشيوعية الدكتورة لورا اسماعيل على اللائحة المستقلة في ميس الجبل. بينما ضمت اللائحة المستقلة في بنت جبيل مجموعة غالبيتها من البعثيين والشيوعيين القدامى ممن قرروا الاقامة الدائمة في بلدتهم. وازاء هذا الواقع أخذ محازبو الحزب والحركة وأنصارهما يعيدون النظر في حساباتهم اثناء التوجه الى صناديق الاقتراع. ونشط الأنصار في تبادل التشطيب، فيما التزم المحازبون بالتكليف الشرعي الصادر عن قيادة الحزب الذي يلزمهم الاقتراع بلوائح مقفلة غير ملغومة. واعتبر البعض ان تجنب الحزب الدخول في لعبة التشطيب على نطاق واسع، والى حد ما "أمل"، يعود بالدرجة الأولى الى شعور الحزب بأن إسقاط بعض الأسماء من اللائحة الرسمية سيوفر حظاً للمستقلين في تسجيل خروق قد تسهم في اعادة خلط الأوراق، بالنسبة الى الاتفاق القائم على التسمية المسبقة لرئيس البلدية ونائبه، خصوصاً أن المستقلين بغالبيتهم ليسوا بعيدين من الحركة وقرروا الانقلاب على الائتلاف احتجاجاً على "الفيتو" الموضوع عليهم من قبل الحزب. وتبين ميدانياً أن اللوائح المستقلة بقواها المتواضعة لا تشكل خطراً داهماً على "الائتلاف الشيعي"، لكن تعاطف بعض العائلات معها، أتاح لها استقدام قوة انتخابية غير منظورة، تماماً كما حصل في ميس الجبل وبنسبة أقل في بنت جبيل التي تجاوزت المنافسة فيها اللائحتين الرئيستين الى مرشحين مستقلين هما عبداللطيف جمعه، والمغترب محمد نجيب بزي المقرب من العلاّمة السيد محمد حسين فضل الله، اضافة الى مرشح محسوب على الحزب القومي. وعلى رغم ان المعركة الأشد كانت في حولا بين الائتلاف "الشيعي" والحزب الشيوعي صاحب الحضور التاريخي في هذه البلدة، فإن الوجه الآخر للمنافسة الثنائية الطاحنة في بلدة الخيام، تجاوز الصراع التقليدي بين اللائحة الائتلافية وبين لائحة الخيار الديموقراطي المدعومة من النائب السابق حبيب صادق، أحد أبرز وجوه المنبر الديموقراطي والشيوعي، والجماعات اليسارية المستقلة الى صراع مثلث شاركت فيه لائحة مستقلة مدعومة من العائلات ومقربة من أمل، اضافة الى المرشحة المنفردة نغم خريس، ما يشكل صعوبة في ضمان نتائج المعارك الانتخابية بالكامل لمصلحة الائتلاف الشيعي الذي لم توقف توتره الاتصالات التي ظلت مفتوحة بين ممثلي الحركة النائب علي حسن خليل والحزب الشيخ نبيل قاووق، ولا الجولات المشتركة على أقلام الاقتراع، والدعوات الى التآخي وضبط النفس. وعلى صعيد آخر، وفي مقابل المبارزة الطاحنة في القرى الشيعية، بدت الانتخابات في القرى المسيحية في مرجعيون والقليعة وبرج الملوك، ورميش وعين إبل ودبل وقرى أخرى هادئة الى حد الملل، لغياب المنافسة الحادة من جهة، ولانخراط اللوائح المتنافسة في صراع عائلي يجمع على دعم الدولة وقواها الأمنية، ولا يمت بصلة الى الصراع الدائر في البلدات المجاورة. إلا أن جزين وحدها اخترقت الهدوء، وشهدت معركة طاحنة بين لائحتين "الغد الأفضل" مدعومة من النائبين سمير عازار وانطوان خوري وعائلة النائب الراحل فريد سرحال ومارون كنعان، و"التضامن والخدمة" مؤيدة من النائبين السابقين نديم سالم وادمون رزق وسيمون كرم وجميعهم أعضاء في "لقاء قرنة شهوان" اضافة الى رجل الأعمال فوزي الأسمر. وغاب عن المعركة أي لون من ألوان الصراع العائلي، واستبدل بصدام سياسي بين قرنة شهوان وطروحاتها المنسجمة مع بيانات مجلس المطارنة الموارنة وبين عازار وخوري ومن معهما على خلفية انهم ينتمون الى كتلة رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وبدت المعركة في جزين "كسر عظم" بامتياز، وأظهرت اللافتات المرفوعة في جميع شوارع البلدة مدى احتدامها، إذ حملت لائحة "الغد" على "الناكرين والطارئين"، بينما دعت لائحة التضامن الى عدم ترك "الغير يقرر عنكم لأنكم أسياد أنفسكم ولستم آلة مبرمجة"، ما يعني ان التنافس هدف الى اظهار لمن تكون الإمرة السياسية في معقل الموارنة في الجنوب. أما بالنسبة الى البلدات الشيعية أو تلك المختلطة في قضاء جزين فإن الائتلاف الشيعي لم يكن شاملاً، وحصلت معارك مواجهة بين الطرفين في قرى خلافاً للتحالف في بلدات اخرى. وفسّر السبب بأنه يعود الى مزاجية المسؤولين في المنطقة، تماماً كما حصل في بلدة دبين الشيعية في قضاء مرجعيون التي شهدت مواجهة مباشرة استخدمت فيها كل انواع الأسلحة السياسية والاعلامية وانما بقالب اتهامي. وفي بلدة حاصبيا، كانت المعركة فيها الأقوى في القضاء الذي يحمل اسمها. ودارت بين لائحة الحزب التقدمي الاشتراكي واللائحة المدعومة من وزير الدولة طلال ارسلان والنائب انور الخليل والحزب السوري القومي الاجتماعي معززة بالمقيمين في البلدة. وتردد ان الأوراق الخضر أي "الدولار" لعبت دوراً في المواجهة التي اتسمت بطابع سياسي، إذ ان خصوم وليد جنبلاط يحاولون الثأر منه للخسارة التي أصابتهم في الانتخابات النيابية في جبل لبنان وهذا ما "يبرر" العطف الرسمي عليهم. أما في شبعا فإن المنافسة ظلت محلية بين لائحة يتزعمها عمر الزهيري وأخرى يدعمها المؤتمر الشعبي بقيادة كمال شاتيلا، ولن يكون لنتائجها فرز سياسي، لا سيما أنهما يدعمان بالمطلق التوجه الرسمي، وان كانتا من موقعين معترضين لضرورات "ضيعوية"، وذلك خلافاً للمواجهة التي حصلت في دير ميماس بين لائحة مدعومة من "الشيوعي" و"القومي" في منافسة مع لائحة مستقلة، وهما خاضا مواجهة في إبل السقي. صورة الانتخابات البلدية بدت كأنها فسيفساء سياسي متقلب الهوى والمزاج، فهناك قوى خاضت المعارك في خندق واحد وانقلبت على بعضها لتتوزع على جبهتين متنازعتين، اضافة الى قوى كالحركة والحزب أعلنتا الائتلاف لكنهما فتحتا خطوطاً مع العائلات أرادتا عبرها اجراء تعديل على النتائج لتترك أثرها لدى الانصراف الى تحديد الربح والخسارة فور الاعلان عن النتائج. في ظل الاقبال اللافت على صناديق الاقتراع في البلدات التي لا تدين بالولاء المطلق لهاتين القوتين الشيعيتين.