طاول نهج الاغتيالات الذي تعتمده الحكومة الاسرائيلية كل الفصائل الفلسطينية وقفز من المستوى الميداني الى القيادات السياسية، وتحديدا قيادات الصف الاول، في رسالة لم يخفها وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر الطامح للفوز في رئاسة حزب "العمل" في انتخابات الرابع من الجاري. اذ شدد في تصريحات جديدة امس على ان المس بالقادة الفلسطينيين مشروع وناجع لتحقيق الامن للاسرائيليين، وعلى "كل من يدبر هجمات ارهابية ويخطط لها ويشرف على تنفيذها ان يعلم انه ما من مكان آمن له في الضفة الغربية وقطاع غزة". ولم يعترف صراحة بان قواته استهدفت الامين العام المساعد ل"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"، الا انه اشار الى ان هناك حربا تدور ضد المتطرفين الفلسطينيين، مدعيا ان اسرائيل لا تريد المس بالمواطنين الفلسطينين. قيس عبد الكريم ابو ليلى، وهوعراقي الاصل، كان نجا قبل دقائق من عملية اغتيال حين حذرته الاجهزة الامنية الفلسطينية فغادر وافراد اسرته منزله في مدينة رام الله الذي طالته قذائف اسرائيلية رجح الامن الفلسطيني انها صواريخ من مروحيات "اباتشي". واصيبت البناية التي يسكن ابو ليلي احدى شققها كما اصيب ستة من السكان باختناق نتيجة انبعاث دخان كثيف من حريق شب بفعل القصف. وشارك ابو ليلى في مسيرة في رام الله بعد ظهر امس وقال ل"الحياة" انه يتخذ اجراءات الحيطة والحذر على الصعيد الشخصي وهو يدعو الى الحذر ايضا على المستوى الفصائلي والسياسي في السلطة والتنظيمات المختلفة، لكن "الامر الوحيد الذي لن نفعله هو الابتعاد عن شعبنا والاحتجاب عن النضال الجماهيري". واضاف ان عملية اغتياله تأتي ضمن "مسلسل التصفية الذي يديره السفاحون الاسرائيليون ليضيفوا جرائم جديدة الى سجلهم، وهو مسلسل سيعود فقط بزيادة الاصرار الفلسطيني على المقاومة والنضال". وعما اذا كانت هناك اسباب محددة للنيل منه، اجاب ان اسرائيل تسعى لتصفية كافة ابناء الشعب الفلسطيني وقياداته وربما كان للعملية التي نفذها مقاتلو الجبهة في قطاع غزة ونال من عساكر شارون، ربما يكون لذلك علاقة بمحاولة الاغتيال. الا ان ما يقوم به الاحتلال الاسرائيلي منذ الاشهر الاولى للانتفاضة، يعكس مخططا للنيل من النخبة العسكرية والسياسية للشعب الفلسطيني. ولا يقتصر الامر على معارضي اتفاق اوسلو كأنصار "حركة المقاومة الاسلامية" حماس و"الجهاد الاسلامي" بل طاول ايضا انصار حركة "فتح" وكذلك المعارضة اليسارية كالجبهتين "الشعبية" و"الديموقراطية" وقيادييهما ممن عادوا الى الضفة والقطاع على ارضية اتفاق اوسلو. ميدانيا، قضى اهالي منطقتي رفح ودير البلح ليل الخميس - الجمعة في مواجهة مستمرة مع قوات الاحتلال، وسقط شهيد هو سامي بارود فيما اصيب 16 آخرون بشظايا القنابل التي اطلقتها الدبابات الاسرائيلية المتوغلة في المنطقتين. وافاد الاهالي ان المحتلين حركوا الدبابات التي كانوا حشدوها على طول خط التماس منذ ثلاثة ايام. واقتحمت الدبابات والجرافات مدينتي دير البلح ورفح والمخيمات المرتبطة بهما، ولم تتوقف الا بعد ان دمرت ثمانية منازل واربعة مواقع للامن الوطني الفلسطيني. ووفق مصادر محلية فان مقاتلي لجان المقاومة الشعبية تمكنوا خلال تصديهم للجيش الاسرائيلي من اعطاب ناقلة جنود وسيارة جيب كما اوقفوا تقدم الاليات والجرافات. اذ القيت 30 قنبلة يدوية واطلقت مضادات للدروع على القوات المتقدمة والتي ستعاود الكرة على المنطقتين المحاصرتين والمعزولتين عن العالم تماما. وادت الهجمات الاسرائيلية المتواصلة خصوصا على منطقة رفح الى افقار غير مسبوق فتردت الاوضاع الاقتصادية الى ادنى درجة منذ سنوات وبات العديد من العائلات يعتاش على مساعدات الجمعيات الخيرية ووكالة غوث اللاجئين الفلسطنيين. وحتى هذه المساعدات باتت عصية على الوصول بعد الاغلاق المتجدد. والذي يمنع موطفي الهيئات الدولية من دخول المناطق المنكوبة. الى ذلك، سجلت مواجهات مسلحة في مدنية الخليل امتدادا لاشتباكات مساء الخميس، اذ هاجمت قوات الاحتلال منطقتي وادي الهرية وحارة الشيخ فواجهها المقاتلون الذين اطلقوا النار ايضا على البؤر الاستيطانية وسط المدينة وفي البلدة القديمة. وبعد ان شيع الالاف جثمان الشهيد الطبيب موسى قديمات، وقعت الصدامات الحامية وجرح فيها اربعة فلسطينيين، لكن العدد الاكبر من الجرحى شهدته مداخل مدينة رام الله حيث شارك الاف من المواطنين في مسيرة انطلقت من مسجد عبد الناصر بعد صلاة الجمعة ووصلت الى الحواجز العسكرية الاسرائيلية حيث دارت صدامات اطلق خلالها جنود الاحتلا ل نيران بنادقهم فاصيب 21 فلسطينيا بالرصاص المطاط وتسعة بالرصاص الحي و17 بحالات اختناق جراء الغاز المسيل للدموع. كذلك سجلت مواجهات في المدخل الغربي لمدينة طولكرم بعد تشييع جثمان الشهيد محمد الفحماوي الذي استشهد عصر الخميس. وفي القدس لا تزال قوات الاحتلال تنتشر بكثافة في اعقاب ليلة كاملة من المطاردة في منظقة بيت حنينا الشمالية، اذ رصدت قوات الاحتلال مجموعة فلسطينية مسلحة توجه افرادها الى بيت حنينا التي حاصرها مئات الجنود وافراد "الوحدات الخاصة" والشرطة و"حرس الحدود" وفرضوا حظر التجول على المنطقة ومنعوا آلاف المواطنين من الوصول الى منازلهم من الساعة التاسعة مساء الخميس حتى الخامسة صباحا، ما اضطر الاطفال والمسنون الى النوم في السيارات وعلى الارصفة. وفي حملة مداهمات واسعة اعتقل اكثر من مئة فلسطيني واعلنت الشرطة الاسرائيلية اعتقال اثنين من المسلحين بحوزتهم بنادق ومخازن ذخيرة كانا في طريقهم الى تنفيذ عملية في القدس.