يركض العدّاء بسرعة لا تصدق ويحرز قصب السبق، لكنه يصل الى خط النهاية شاحباً وسرعان ما يأخذ في الارتجاف ويقع ارضاً. وتصل الكاميرات، لا لتسجل مجد الانجاز، بل لتسجل موت الرياضي. أرّق هذ السيناريو الافتراضي، اوساط الرياضة وطبها، عقب تواتر تقارير تحدثت عن استعمال هرمون الانسولين كمنشط لرفع اداء العضلات. يذكر ان هذا الهرمون يستخدم علاجاً لنوع خطير من السكري، ومهمته الاساسية هي بناء العضلات وتضخيمها، وهو ما يسمى "أنابوليزم". ويستعمل الانسولين سكر الغلوكوز، اضافة الى مواد اخرى، لاتمام مهمة البناء. وهنا مكمن الخطورة. فأي زيادة بسيطة في الجرعة تؤدي الى هبوط حاد في نسبة الغلوكوز في الدم. ويتأثر الدماغ سريعاً لأنه يعتمد على الغلوكوز كغذاء وحيد، وسرعان ما يدخل الانسان في غيبوبة مميتة. ومنذ سنوات عدة، يعرف اطباء الرياضة ان ابطال كمال الاجسام يستخدمون الانسولين لتضخيم العضلات، ويبدو ان الامر شرع في التسرب الى ألعاب القوى. وما يزيد في الخطورة، صعوبة اكتشاف الانسولين في الفحوصات المستعملة راهناً للكشف عن المواد المنشطة. وبعدما باتت الرياضة سوقاً هائلة قوامها اجساد اللاعبين، صار الحصول على الألقاب والميداليات وتحطيم الارقام القياسية، جزءاً من صناعة الرياضة. و"من اجل حفنة من الدولارات" بحسب عنوان فيلم الكاوبوي الشهير، لا يتورع البعض عن التضحية بحياة الرياضي وتعريضها للمخاطر. وماذا عن القتل المعنوي والنفسي كذلك؟ ألا يذكّر هذا الأمر بما تفعله الصين التي تبحث اجهزتها عن النوابغ في الرياضة بين الأطفال، وما ان تعثر عليهم حتى تفصلهم عن اهلهم عنوة، ويعيشون في ما يشبه الثكن والمستعمرات، ولا يرون ذويهم إلا لماماً. ويقضي هؤلاء افضل سنيّ عمرهم في شبه عبودية، كرمى لعين الميدالية والرقم القياسي، التي تعود بالمجد على الحزب الواحد وزعيمه الأوحد. وذلك هو المقلب الآخر من رياضة المال والمصالح. فأي صورة يمكن رسمها للرياضة في القرن ال21 بين هذين المقلبين؟