للمرة الأولى منذ نحو خمسة شهور، وقبل يومين من الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب، افتتح مجلس الأمن جلسة مناقشات علنية مخصصة للبحث في أزمة المنطقة، على رغم معارضة إسرائيل ما تعتبره "تدويلاً" للصراع مع الفلسطينيين. وبدا ان إدارة الرئيس جورج بوش ما زالت متمسكة بموقفها المعارض لمطلب السلطة الفلسطينية ارسال مراقبين دوليين، على رغم كل تداعيات التصعيد الإسرائيلي. وأكدت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" في واشنطن أن أي محاولة لاستصدار قرار لمجلس الأمن ستصطدم ب"فيتو" أميركي، كما حصل لدى التصويت الأول حين احبطت الولاياتالمتحدة القرار. وتابعت أن الأمر إذا تكرر سيزيد هوة انعدام الثقة التي باتت تطبع العلاقات الفلسطينية - الأميركية، فيما حذر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان من أن الأزمة "قد تمتد إلى اجزاء أخرى في المنطقة وخارجها إذا لم نتخذ اجراءات ملموسة لاحتوائها". وقالت مصادر وزارة الخارجية الأميركية ل"الحياة" إن الإدارة تعتقد أن الوقت ليس مناسباً الآن لمناقشة موضوع ارسال مراقبين في مجلس الأمن، معتبرة أن "أي محاولة لفرض أي شيء على الأطراف المعنية ستؤدي إلى تصعيد". وأوضحت أن واشنطن لا تعارض "آلية مراقبة" بعد "مرحلة التبريد" باتجاه تطبيق توصيات ميتشل، مشيرة إلى أن "المجتمع الدولي بما فيه الأعضاء الدائمون في المجلس، يؤيد وجهة النظر الأميركية التي ترى ان اتخاذ خطوات في المجلس لا يخدم الهدف الأساسي، وهو وقف العنف وبناء الثقة، تمهيداً لاستئناف العملية التفاوضية". ونشطت الاتصالات الديبلوماسية بين واشنطن وعواصم عربية لتجنب استخدام إدارة بوش "الفيتو" ضد أي مشروع قرار، فيما أبلغت مصادر ديبلوماسية "الحياة" ان مصير المشروع الذي قدمه الفلسطينيون الى مجلس الامن عبر المجموعة الاسلامية سيتحدد بعد الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب المقرر في القاهرة غداً. اسرائيل و"التدويل" وطلب 43 مندوباً التحدث امام مجلس الامن، في مقدمهم المراقب الفلسطيني في الاممالمتحدة ناصر القدوة، وسفير اسرائيل لدى المنظمة الدولية يهودا لانكري. وهذه اول جلسة علنية يعقدها المجلس في شأن ازمة الشرق الاوسط منذ السابع والعشرين من اذار مارس عندما استخدمت الولاياتالمتحدة حق النقض الفيتو لإحباط قرار يهدف الى ارسال مراقبين دوليين. وقال القدوة: "منذ ذلك الحين، ما زال الوضع يتدهور، وامتناع المجلس عن اتخاذ اي مبادرة يصعب تصديقه ولا مجال لتبريره". وكان ناطق باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية اكد ان الدولة العبرية "تعارض التحرك الفلسطيني لتدويل النزاع، والذي لن يساهم في جهودنا لوقف النار والعودة الى طاولة المفاوضات". ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الناطق قوله: "سيكون الافضل للمجموعة الدولية مهاجمة الذين يرتكبون العمليات الارهابية بدلاً من مهاجمة ضحاياها". أنان في اوسلو أ ف ب، رويترز اعتبر الامين العام للامم المتحدة ان على الولاياتالمتحدة ان تلعب دوراً اكثر فعالية في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني لأن هذا "ما يريده الطرفان". وقال بعد لقائه امس رئيس الوزراء النروجي ينس ستولتنبرغ ان الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي "يريدان ان تلعب الولاياتالمتحدة دوراً اكثر فاعلية في تهدئة الوضع، لكن تلك مسألة يعود بتها الى واشنطن". وسئل عن امكان ارسال مراقبين من الاممالمتحدة الى المنطقة، فأجاب ان الموضوع "سيناقش على الارجح خلال اجتماع مجلس الامن"، مؤكداً ان "كل دولة عضو في المجلس تستطيع ان تثير المسألة، وانا متأكد انها ستناقش، لكنني لا استطيع ان أحكم مسبقاً على النتائج". وشدد على اهمية "الاعتراف بأنه لا يمكن السماح للازمة بالاستمرار، فهي خطيرة تثير توترات في المنطقة، واذا لم نتخذ اجراءات ملموسة لاحتوائها، قد تمتد الى اجزاء اخرى في المنطقة وخارجها". ولفت الى "الدور القيادي" للولايات المتحدة في البحث عن حل. وفي القاهرة نفى وزير الخارجية أحمد ماهر التوصل الى مشروع مصري - اميركي لتجاوز الوضع المتدهور، وقال: "ليس هناك مشروع محدد بل تبادل لوجهات النظر وتعبير عن الموقف المصري، ورؤية الولاياتالمتحدة للوضع". وأكد وجود "نقاط التقاء بين الجانبين"، ولكن "لا يمكن أن نتحدث عن مشروع متكامل مصري اميركي أو عن مشروع اميركي". واستدرك ان هناك اتفاقاً على "أهمية التحرك لوقف ما يحدث في فلسطين وبدء المفاوضات". "أبو مازن" في غضون ذلك، وصف أمين سر منظمة التحرير محمود عباس ابو مازن في حديث الى عدد محدود من الصحافيين في رام الله أمس، موقف ادارة الرئيس بوش بأنه "مضلَل بالكامل". وقال إن الرئيس السابق بيل كلينتون الذي "ازعجه" رفض الفلسطينيين الموافقة على ما طرح في كامب ديفيد، نقل صورة غير صادقة عن الموقف الفلسطيني ودعمها معظم المسؤولين في إدارته الذين حملوا الفلسطينيين مسألة الفشل، إضافة الى "ضغوط اللوبي الصهيوني، ما أدى الى وجود ادارة اميركية تجهل الواقع الفلسطيني ولا تعرف شيئاً عن حقيقة الصراع". وكرر "ابو مازن" أن الموقف الفلسطيني ما زال يستند الى ضرورة انسحاب اسرائيل من الأراضي التي احتلتها الى ما قبل حدود 4 حزيران يونيو 1967، وحق العودة المطلق للاجئين الفلسطينيين بما لا يدمر دولة اسرائيل ديموغرافياً ولا يمس حق اللاجئين الفلسطينيين في الاختيار الفردي. وقال إن الاستيطان غير شرعي و"من حقنا أن نطالب باقتلاع المستوطنات اليهودية". وكشف ان وفداً فلسطينياً برئاسة وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث سيتوجه في غضون الأيام الثلاثة المقبلة الى دمشق، لوضع القيادة السورية في صورة ملامح "الخطوط العريضة" للعلاقة بين القيادتين الفلسطينية والسورية، استكمالاً للزيارة "الناجحة جداً" التي قام بها "أبو مازن" لسورية للمرة الأولى منذ 18 سنة. وذكر ان هذه الخطوة ستتبعها زيارة الرئيس ياسر عرفاتدمشق، تلبية للدعوة التي وجهها اليه الرئيس بشار الأسد. عمليات "كوماندوز" الى ذلك أ ف ب اعلن التلفزيون الرسمي الاسرائيلي ان رئيس الوزراء ارييل شارون اجتمع في تل ابيب بهيئة الاركان الموسعة، التي تشمل جميع قادة الجيش للمرة الاولى منذ توليه منصبه في 7 آذار. وضم الاجتماع وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر ورئيس جهاز الاستخبارات الاسرائيلية موساد افراييم هاليفي. وقال شارون للتلفزيون عقب الاجتماع ان "هيئة الاركان الموسعة هدفها الوحيد القضاء على الارهاب الفلسطيني، والاداء الذي اثبتته سيقود الى التغلب على هذا الارهاب". وشدد مجدداً امام كبار الضباط على التوجيهات الصادرة اخيراً عن حكومته، والتي تقضي ب"الرد فوراً على اي هجوم فلسطيني". وكان اكد اول من امس ان اسرائيل "وجدت الوسيلة لمعالجة مشكلاتها الامنية عبر عمليات كوماندوز لم تكشف كلها للرأي العام". وقال ان "الامر يتعلق بالعديد من عمليات الهجوم على ارهابيين واعتقالات وعمليات تهدف الى ضمان الامن على الطرق".