بيروت،باريس "الحياة" طغت أنباء التوقيفات والاتهامات الموجهة الى المستشار السياسي لقائد "القوات اللبنانية" الدكتور توفيق الهندي على ما عداها أمس. وسيتسلم النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم ملفه، مع ملفات آخرين ليحولها الى القضاء العسكري اليوم بتهمة التخابر مع العدو الاسرائيلي وعقد اجتماعات مع منسق النشاط الاسرائيلي في لبنان أوري لوبراني، في باريسوقبرص، وفق مصادر قضائية ومصادر التحقيق الأمني. وإذ نفت زوجة الهندي هذه المعلومات واعتبرتها "كذبة وفبركة جديدة"، فان التفاعلات السياسية للخلافات بين اركان الحكم وتحذيرات قوى سياسية في مؤتمر الحريات أول من أمس من عسكرة النظام استدعت صدور جملة مواقف عن الحكم والمؤسسة العسكرية والقضاء العسكري، رداً عليها. راجع ص3 وأعلن رئيس الجمهورية إميل لحود ان "المرحلة تقتضي معالجة الأمور بعيداً من التشكيك والشعارات". ودعا الى "ألا تكون المواقف كلام حق يراد به باطل". وبينما رأت اوساط سياسية مراقبة في كلام رئيس الجمهورية رداً غير مباشر على "مؤتمر الدفاع عن الحريات"، وجدت في تأكيده ان "لا بد من ترجمة التوافق بينه وبين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري عملياً وفي شكل غير مجتزأ"، ردا على مطالبة الحريري في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس بترجمة الأقوال افعالاً، لجهة بقاء الجميع تحت القانون واحترام الدستور. وأبدت مصادر عسكرية، اثر اجتماع قائد الجيش العماد ميشال سليمان مع قادة الوحدات العسكرية لتقويم اجراءات الجيش، "استغرابها لما يشاع عن عسكرة النظام". وأشارت الى تكليف الشرطة العسكرية التحقيق مع من تجاوزوا المهمة الموكولة اليهم في عملية ضرب المتظاهرين أمام نقابة المحامين الخميس في 9 آب/ اغسطس لاتخاذ الاجراءات التأديبية في حقهم...". وكان وزير الداخلية الياس المر وعد بمحاسبة المسؤولين عما حصل، وانتهى الى تأكيده امس ان عناصر الأمن تابعون لمخابرات الجيش، لا للداخلية. واضطر المر الى اعلان ذلك تحت وطأة مطالبة زملائه الوزراء له بمعاقبة المسؤولين عما حصل، فاضطرت المصادر العسكرية بدورها الى الحديث عن تحقيقات في هذا الصدد. وكانت التوقيفات والتجاوزات مدار تعليقات سياسية عدة أمس من قوى سياسية وزوار البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير الذي تلقى المزيد من الرسائل من أوساط الحكم تدعوه الى التهدئة. ولم تقتصر ردود الفعل على الداخل، فأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية فرنسوا ريفاسو ان "السلطات الفرنسية لا تزال تتابع "بانتباه كبير" اعتقالات الناشطين المعارضين في لبنان وهي تأمل بالتوصل الى تهدئة سريعة تحترم القانون". وأضاف ان "السلطات الفرنسية لحظت اعلان الحكومة اللبنانية عزمها القاء الضوء على التجاوزات التي رافقت اعتقال الكثير من ناشطي المعارضة، وان هذه المبادرة تسير في اتجاه احترام الحريات العامة وحسن سير دولة القانون التي نعلق عليها اهمية كبيرة". وأوضح مصدر ديبلوماسي ان عشرة من اللبنانيين المعتقلين يحملون كذلك الجنسية الفرنسية. وعلم لدى وزارة الخارجية الفرنسية ان السفارة في بيروت تدخلت، طبقاً لاتفاق فيينا عن العلاقات القنصلية، لدى السلطات اللبنانية المختصة لمساعدة هؤلاء. وكانت مفوضية الحكومة لدى المحكمة العسكرية اصدرت بدورها بياناً أمس اشارت فيه الى ان معاوني مفوض الحكومة اصدروا مطالعاتهم في دعاوى 77 موقوفاً من "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" الذي يقوده العماد ميشال عون، احيلت على قاضي التحقيق العسكري الذي أصدر قراراته الاتهامية وأحالها على المحكمة العسكرية للمحاكمة... وقال البيان ان مجموعات "القوات" و"التيار" هدفت الى "إحداث بلبلة وزعزعة الثقة بلبنان ونشر افكار ومشاعر عنصرية وطائفية والمراهنة على دولة عدوة وتعكير العلاقة بدولة شقيقة والمسّ بسمعة الجيشين اللبناني والسوري...". وكان القاضي عضوم طلب من المحققين العسكريين ختم التحقيق مع الهندي وموقوفين آخرين هم ايلي كيروز ورئيس الطلاب في "القوات" سلمان سماحة والصحافي في اذاعة "ام. بي. سي" انطوان باسيل الذي اشارت مصادر قضائية وأمنية الى انه رتّب اجتماعات للهندي مع لوبراني في باريسوقبرص. لكن زوجة الهندي اكدت انه لم يزر قبرص. وعدّدت أسفاره وأشارت الى انهم يستخدمونه أداة لقمع الحريات. وطالبت نقابة المحررين اثر اجتماع لها باطلاق باسيل فوراً وأعلنت انها مستمرة في الدفاع عنه حتى النهاية وحتى جلاء الحقيقة كاملة. وفي وقت تتوالى ردود الفعل في شكل ينذر باستمرار تفاعلات الانقسام السياسي في السلطة والبلاد، قال مصدر وزاري مقرب من الرئيس لحود إن معالجة تداعيات التطورات التي حصلت خلال الأسبوعين الماضيين في البلاد، "لن تأخذ وقتاً طويلاً". وأوضح ان الرئيس لحود "سيقوم في ظل المعادلة الجديدة التي رست عليها الأوضاع السياسية في البلاد، بخطوات انفتاح على البطريرك صفير وعلى قوى مسيحية أخرى معتدلة، ما عدا "القوات اللبنانية" والتيار الموالي للعماد عون، وهما تنظيمان محظوران، وهناك قرار سياسي وقرار قضائي بإبقائهما محظورين". وأضاف المصدر: "استفاد عناصر هذين التنظيمين من الحرية المتاحة من اجل الذهاب بعيداً في العودة الى التحرك على الأرض والى السعي الى تغيير الأوضاع في البلاد. وهو ما فرض كل التدابير التي اتخذت في المرحلة الأخيرة... وطبيعي ان تحظر عليهما الحركة الآن". وأضاف المصدر الوزاري المقرب من لحود: "بعد خطوات الانفتاح التي سيقوم بها الرئيس لحود على البطريرك وقوى أخرى، لا بد من الانكباب على القضية الأساسية التي تشغل بال الجميع وهي معالجة الوضع الاقتصادي".