ساد انطباع غداة توقيع اتفاق التسوية السلمية في مقدونيا بأن انهاء الصراع هناك لا يزال في حاجة الى اجراءات مكثفة محلياً ودولياً، كي يستتب الامن والاستقرار. وصل 150 خبيراً عسكرياً من حلف شمال الاطلسي الى سكوبيا امس، من اجل تقويم الوضع وتعزيز وقف النار بين القوات الحكومية والمقاتلين الألبان، ودعم اتفاق التسوية السلمية للأزمة المقدونية الذي تم توقيعه مساء اول من امس، ما يمهد الطريق لتلبية شروط الحلف لنشر 3500 من جنوده في مناطق المواجهات، من اجل نزع سلاح المقاتلين. واطلع الأمين العام للحلف جورج روبرتسون بعد عودته الى بروكسيل من سكوبيا حيث حضر توقيع اتفاق السلام، سفراء الدول الاعضاء على تطورات الوضع في مقدونيا، لبحث مهمة الحلف ونشر جنوده. وتواصلت الاشتباكات في شكل متفرق بين القوات الحكومية والمقاتلين الألبان، بعد توقيع اتفاق السلام، وشاركت الدبابات والمدفعية المقدونية في قصف مواقع المقاتلين في قريتي مايتيتشي ونيكوشتاك شمال غربي سكوبيا، ومنطقة رادوشا القريبة من الحدود مع كوسوفو. وحمّل تلفزيون سكوبيا الرسمي المقاتلين الألبان الذين "اطلقوا اكثر من 20 قذيفة مورتر على مواقع القوات الحكومية"، مسؤولية انتهاك وقف النار. وأضاف التلفزيون ان المقاتلين الألبان "ألقوا قنابل يدوية على احد الاحياء المقدونية في تيتوفو فأصابوا مدنياً بجروح خطيرة، كما احرقوا مصنعاً ومزيداً من المساكن التي هجرها سكانها المقدونيون في ضواحي المدينة". وبدا واضحاً امس ان الاتفاق حظي بتأييد واسع في مقدونيا. فقد اخفق المتشددون المقدونيون في تنظيم تظاهرة وسط سكوبيا بعد توقيع الاتفاق للتنديد به، فلم يشارك في التجمع سوى مئات عدة من الاشخاص. وخرجت الصحف المقدونية امس بعناوين بارزة ايدت الاتفاق ولكنها شككت في تنفيذ المقاتلين الألبان التزاماتهم. ومن هذه العناوين: "مقدونيا قدمت دستوراً جديداً فهل يقدم الالبان سلاحهم" و"السلام دق الابواب، فهل يصده دعاة الحرب؟". وكانت اول مشكلة حدثت بعد توقيع الاتفاق مباشرة، ان الزعيم الالباني اربن جعفيري رئىس الحزب الديموقراطي القى كلمته التأييدية للاتفاق باللغة الالبانية، فأثار غضب المقدونيين. وعلى رغم تأكيده انه لم يتعمد اي انتهاك او استفزاز "لأن المهم ليست اللغة التي يتكلم بها الشخص وانما مضمون كلامه"، فإن الرئىس بوريس ترايكوفسكي اصر على انه ارتكب خطأ جسيماً "وعليه ان يعتذر علناً من الشعب المقدوني". وأعلن ناطق باسم "جيش التحرير الوطني" لألبان مقدونيا، ان قادة المقاتلين يقبلون اتفاق التسوية "لكنهم سيوضحون موقفهم كاملاً في غضون اسبوعين، بعد تسلمهم نسخة رسمية منه ودراستها". وأوضح القائد الميداني "خوجة" ان المقاتلين لن يسلموا اسلحتهم "ما لم يتم تشريع الاتفاق من طريق البرلمان واتخاذ اجراءات واقعية لتنفيذه". ورحب الرئىس الاميركي جورج بوش بالاتفاق ودعا كل الاطراف في مقدونيا الى احترامه. وطلب من الحكومة المقدونية والمقاتلين الالبان الاسراع في تنفيذه. وأكد مجلس الأمن في بيان له، ترحيبه بالتوقيع على اتفاق التسوية السلمية في مقدونيا ودعا كل الاطراف الى احترامه ودعمه والتنديد علناً بالعنف. وأصدر الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان بياناً اعرب فيه عن الامل في ان يؤدي الاتفاق الى عودة الهدوء الى مقدونيا.