} فرّ الكثير من سكان مناطق غرب مقدونيا حيث تواصلت الاشتباكات بين القوات الحكومية والمقاتلين الألبان، فيما استمر الوضع هادئاً جنوب صربيا واتخذت الوحدات العسكرية اليوغوسلافية مواقع لها في اجزاء من المنطقة العازلة. استمر القتال لليوم الثاني على التوالي امس، في ضواحي مدينة تيتوفو 40 كلم غرب العاصمة سكوبيا. واستخدمت فيه نيران المدفعية الثقيلة والأسلحة الرشاشة. وأكدت بيانات الحكومة المقدونية سقوط ما لا يقل عن 15 عنصراً من قواتها، بين قتيل وجريح، خلال هذه الاشتباكات. ورصدت "الحياة" عند مداخل سكوبيا الغربية صباح أمس، مئات السيارات الخاصة وحافلات نقل الركاب والجرارات والشاحنات التي تحمل عائلات بكاملها، غالبيتها من غير الألبان، مع حاجياتها الضرورية، وهي قادمة من بلديات تيتوفو وغوستيفار وتيارسي وشيبكوفيتسا وديبار. وأفاد غوران بانوفسكي مقدوني من تيتوفو ان السكان يشعرون بالذعر، ويريدون انقاذ انفسهم قبل فوات الأوان، ذلك ان "الألبان يؤكدون اصرارهم على ان تكون المناطق الغربية من مقدونيا تحت سيطرتهم، وسيواصلون القتال حتى تحقيق ذلك، اذا رفضت السلطات المقدونية الاعتراف سلماً بذلك". وتأتي خطورة اندلاع الصراع في غرب مقدونيا، لأن نصف مليون الباني يشكلون حوالى ربع سكان البلاد يعيشون في هذه المنطقة الوعرة. ومعلوم ان تيتوفو هي اكبر مدينة غرب مقدونيا، ويعتبرها الألبان من سكان هذه البلاد عاصمتهم. وتخشى السلطات التأييد الكبير بين الألبان الذي ظهر تجاه المقاتلين، خصوصاً وان اجتماعاً عقد مساء أول من أمس، بين الرئيس المقدوني بوريس ترايكوفسكي والزعيم الألباني ارين جعفيري رئيس الحزب الديموقراطي الألباني، المشارك في الائتلاف الحكومي، اخفقا خلاله في التوصل الى أي حل بخصوص مطلب الألبان الرئيسي تحول مقدونيا الى نظام فيديرالي للشعبين المقدوني والألباني. وجاء فتح هذه الجبهة القتالية في وقت تواصلت الاشتباكات شمال مقدونيا حيث اخفقت القوات الحكومية في التقدم نحو مواقع المسلحين الألبان الحصينة في قريتي مالينو وبريست. وأكد الناطق باسم وزارة الداخلية المقدونية ستيفو بينداروفسكي في مؤتمر صحافي في سكوبيا أمس، وجود معلومات لدى السلطات الحكومية عن "احتمال قيام المسلحين بفتح جبهات قتالية اخرى في انحاء البلاد". وأضاف ان "الارهابيين يملكون اسلحة متنوعة مخزونة في المناطق الجبلية". واتخذت اجراءات مشددة في سكوبيا خشية قيام مجموعات من الألبان الذين يشكلون حوالى ثُلث سكانها "بعمليات تخريبية". ويجتمع البرلمان المقدوني في جلسة طارئة اليوم، بناء على طلب المعارضة، لمناقشة "تطورات الوضع في البلاد ومسؤولية الحكومة عن المشاكل القائمة واخفاقها في احتواء الحركة الارهابية للانفصاليين الألبان". ويتوقع ان تطلب المعارضة تصويتاً لاقالة الحكومة التي تتمتع بغالبية ثلاثة نواب فقط، يوفرهم 11 نائباً البانياً من حزب جعفيري، وإذا سقطت الحكومة المدعومة من الغرب فان مقدونيا ستقع في ازمة سياسية يتطلب حسمها انتخابات برلمانية مبكرة. وعقدت الحكومة المقدونية جلسة طارئة، ابلغ الرئيس ترايكوفسكي الصحافيين بعدها، ان السلطات "ترفض التحادث مع الارهابيين وستستخدم كل ما لديها من قوة عسكرية ودعم دولي للقضاء عليهم". وأشار الى ان الحال خطرة جداً و"تتطلب عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن". ومن جانبه، افاد رئيس الحكومة ليوبتشو غيورغيفسكي ان ما يحدث هو "حركة سياسية تريد تدمير مقدونيا من اجل تكوين البانيا الكبرى"، وأضاف: "منحت حكومتي الألبان كل مطالبهم في الادارة الذاتية والقضايا الثقافية والاجتماعية والاعلامية والمشاركة في الحكومة وأجهزتها بشكل كامل، ولكن يبدو ان احلامهم هي اكبر من ان يرتضوا بغير تفكيك بلادنا". والى ذلك، عقد حلف شمال الاطلسي والاتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً ناقشا فيه الموقف في مقدونيا. وأفاد الأمين العام للحلف جورج روبرتسون ان "الأمر بحاجة الى تحرك سريع". لكنه اضاف ان القتال الدائر حول تيتوفو "لا علاقة له، على الارجح، بالمواجهات بين الألبان والصرب على الحدود بين كوسوفو وصربيا ومقدونيا". صربيا وفي جنوب صربيا، لا يزال وقف النار بين القوات الصربية والمقاتلين الألبان، ساري المفعول من دون انتهاكات منذ ابرامه مساء الاثنين الماضي، كما واصلت القوات اليوغوسلافية انتشارها في اجزاء من المنطقة العازلة القريبة من حدود مقدونيا. وعرض تلفزيون بلغراد صوراً لرئيس اركان الجيش اليوغوسلافي الجنرال نيبويشا بافكوفيتش مع المئات من جنوده بأسلحتهم الخفيفة وهم يرفعون علم يوغوسلافيا على سارية في المنطقة، للمرة الأولى منذ انسحاب القوات الصربية منها في حزيران يونيو 1999. ونقل التلفزيون عن مسؤولين حكوميين رافقوا القوات التي انتشرت في المنطقة العازلة ان يوغوسلافيا "بدأت تستعيد سيادتها الكاملة على اراضيها". واجتمع وزير الخارجية اليوغوسلافي غوران سفيلانوفيتش مع نظيره الألباني باسكال ميلو في العاصمة النمسوية فيينا أمس، للبحث في ترتيبات اعادة فتح سفارتي البلدين في كل من بلغراد وتيرانا، اضافة الى علاقات حسن الجوار والتصدي للحركات المسلحة التي تعمل ضد استقرار البلقان.