دخلت كرواتيا في أزمة سياسية عنيفة، شبيهة بتلك التي شهدتها يوغوسلافيا، وذلك إثر موافقة زغرب على تسليم اثنين من كبار ضباط الجيش الكرواتي الى محكمة جرائم الحرب في لاهاي. عقدت الحكومة الكرواتية جلسة طارئة استمرت عشر ساعات، سادتها اجواء عاصفة ومتوترة، لاتخاذ قرار في شأن مطالبة الادعاء العام في محكمة لاهاي، بتسليمه اثنين من كبار الضباط المتهمين بارتكاب جرائم حرب اثناء العمليات العسكرية لإنهاء التمرد الصربي في منطقتي سلافونيا الشرقية وكرايينا الكرواتيتين عام 1995. وأعلن "الحزب الليبرالي الاشتراكي" الذي ينتمي إليه النائب الأول لرئيس الحكومة غوران غرانيتش ووزراء الدفاع زفونكو رادوش والاقتصاد غورانكو فيزوليتش والعلوم والتكنولوجيا خرفويي كرالييفيتش استقالاتهم احتجاجاً على موافقة الحكومة على تسليم الضابطين. ومعلوم ان "الحزب الليبرالي الاشتراكي" كان الحليف الرئيسي "للحزب الاشتراكي الديموقراطي" بقيادة رئيس الوزراء ايفيتسا راتشان وهما يعتبران حزبين اصلاحيين، ودخلا معاً الانتخابات البرلمانية في كانون الثاني يناير 2000، وحصلا على 71 مقعداً في البرلمان المتكون من 140 نائباً. وأعلن الحزب المنسحب انه سيطالب البرلمان بإجراء تصويت لحجب الثقة عن الحكومة، ما سيؤدي الى سقوطها واللجوء الى انتخابات مبكرة. ويذكر ان الضابطين اللذين لم يفصح رسمياً عن اسميهما، يعتبران في نظر الكثير من الكروات، من ابطال الاستقلال والوحدة الوطنية لدولة كرواتيا. وأصدرت منظمة تمثل المحاربين القدامى في كرواتيا وتنظيمات سياسية وقومية عدة، بيانات في زغرب، ذكرت فيها انها "ستلجأ الى كل الإجراءات الممكنة، بما في ذلك التظاهرات، لوقف تسليم الضابطين". وأعرب رئيس الحكومة راتشان في تصريح نقله تلفزيون زغرب امس، عن قلقه من ان تؤدي الأزمة السياسية "الى وقوع توتر وارتكاب اعمال عنف وحدوث فوضى، ما يؤثر على مصالح الشعب الكرواتي". وأضاف ان حكومته ستقدم استقالتها، خلال اسبوع، في حال عدم حصولها على الثقة في البرلمان. وتعد هذه المرة الثانية خلال اسبوعين التي يتسبب فيها تسليم متهمين الى محكمة جرائم الحرب في لاهاي، بانقسامات حادة في إحدى حكومات منطقة البلقان، وذلك بعد الانقسام في الحكومة اليوغوسلافية في شأن تسليم الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش. وكانت المدعية العامة لمحكمة لاهاي كارلا ديل بونتي زارت العاصمة الكرواتية زغرب يوم الجمعة الماضي، واجتمعت مع رئيس الحكومة راتشان وطالبته بوجوب تنفيذ امر المحكمة وتسليم الضابطين فوراً لمحاكمتهما. وتعتبر لائحة اتهام الضابطين التي سلمتها ديل بونتي الى رئيس الحكومة راتشان، الأولى من نوعها التي توجهها المحكمة الى مسؤولين في جمهورية كرواتيا.