تعهد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة على إحداث تغييرات عميقة على الدستور، وشددت قوات الأمن والدرك الرقابة على الطرق المؤدية نحو منطقة القبائل لمنع تسلل المتظاهرين قبل انطلاق المسيرة المقررة اليوم. وعلمت "الحياة" أن توافقاً جرى لتجنب حصول المواجهات، لكن منظمي المسيرة والمسؤولين في الحكومة ما زالوا قلقين ويخشون حصول انزلاقات أمنية. تعهد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بإعلان استفتاء شعبي على الدستور الجديد قريباً، قال إن "الدستور الجديد سيشهد تعديلاً جذرياً للدستور بعدما اعيد النظر في إصلاح المنظومة التربوية والعدالة و هياكل الدولة حتى نجعل الإدارة وكل المؤسسات أدوات في خدمة الشعب". وكان بوتفليقة يتحدث خلال الاحتفال بمنح الرتب والأوسمة لدفعة جديدة من الجنرالات في وزارة الدفاع الوطني لمناسبة عيد الاستقلال أمس، وقال: "إننا من منطلق الاعتماد على النفس قمنا بإصلاحات اقتصادية واجتماعية من اجل الخروج من المرحلة الانتقالية". ومنح بوتفليقة، الذي كان في استقباله عند مدخل مقر وزارة الدفاع الوطني الفريق محمد العماري رئيس أركان الجيش الجزائري، الرتب و الأوسمة ل12 شخصية عسكرية بينهم ثلاثة عمداء إلى رتبة لواء وثلاثة ضباط إلى رتبة عميد، في حين تم ترقية مجموعة من الضباط الاخرين إلى رتبة عقيد. كما سلم أوسمة الشرف وأوسمة استحقاق إلى عدد من الضباط. وحرص الرئيس الجزائري على التأكيد بأنه عمل "منذ أن منحني الشعب ثقته على تنفيذ العهود التي التزمتها انطلاقاً من تطبيق الوئام المدني ومن ثمة تجسيد المصالحة الوطنية الشاملة وإعادة مكانة الجزائر في الخارج". وتحدث مجدداً عن ما أصبح يعرف ب"الحملة على قيادة الجيش" فأشاد بدور المؤسسة العسكرية في "حماية التراب الوطني ووحدة البلاد". إلى ذلك يتوقع أن تتسلم الرئاسة الجزائرية اليوم عريضة مطالب سكان منطقة القبائل خلال مسيرة سلمية قررت الحكومة منعها "لأسباب أمنية". وقالت مصادر قريبة إلى تنظيمات العروش أنهم سيتوقفون عند أول حاجز ينصب أمامهم في طريقهم إلى العاصمة على أن تسمح السلطات لممثلين عن المشاركين في المسيرة بالانتقال إلى رئاسة الجمهورية لإبلاغها مضمون العريضة التي أعيد النظر فيها من دون أن يلحق ذلك تغييراً بالمحتوى الأساسي لمطالب البربر مثل إبعاد قوات الدرك عن المنطقة واعتماد الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية. لكن ذلك لم يحد من القلق ازاء احتمال حصول تجاوزات من أحد الطرفين في شكل ينقل المظاهرات إلى مواجهات عنيفة قد تنعكس على الاستقرار الذي يميز منطقة القبائل منذ أسبوع. وعلمت "الحياة" أن زوجة أحد العسكريين الجزائريين تدعى السيدة يحياوي لعبت دوراً أساسياً في الوساطة بين الرئيس بوتفليقة وتنظيمات العروش لتجنب تحول المسيرة المقررة اليوم إلى مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن. وفي خطوة لجس نبض سكان القبائل عشية المسيرة المقرر اليوم في الجزائر العاصمة، استجاب سكان منطقة القبائل، أمس، إلى الإضراب العام الذي دعت إليه هيئة التنسيق للعروش، وشلت الحركة في مدن وقرى ولاية تيزي وزو وتوقفت النشاطات الاقتصادية والتجارية ومرافق الخدمة العمومية وتقلصت حركة المرور. وأدى تخلف ولاية بجاية 300 كلم شرق عن تنظيم الإضراب العام على غرار ولاية تيزي وزو إلى خلافات بين ممثلي العروش في شأن عدد من القضايا المقرر عرضها على الرئيس بوتفليقة لدراستها والرد عليها قريباً. وتحول اللقاء الذي جرى أمس إلى مواجهات شديدة بين عروش تيزي وزو وعروش بجاية بسبب المطالب المستعجلة وتلك التي يمكن تأجيلها. حواجز في العاصمة وبادرت قوات الأمن الجزائرية فجر أمس إلى وضع حواجز مرور عبر الطريق الذي يربط الحدود الشرقية لولاية العاصمة مثل الرويبة والثنية، وأجبر بعض المسافرين الوافدين من منطقة القبائل إلى العودة من حيث جاؤوا "لأسباب وقائية" لتجنب أي تسلل للمتظاهرين إلى العاصمة للمشاركة في المسيرة اليوم.