يعود الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف الى نيودلهي الاسبوع المقبل، ليشاهد المدينة التي غادرها مع عائلته وهو في الرابعة من عمره عند استقلال الهند وتقسيم شبه القارة الهندية قبل 53 عاماً. ويعلّق البلدان آمالاً كبيرة على القمة الثنائية التي تعقد بناء على دعوة من الحكومة الهندية، والتي ينتظر لها ان تستمر ثلاثة ايام تخصص غالبية الوقت فيها "لإجراء اقصى مقدار من المحادثات"، على حد قول المصادر الديبلوماسية المطلعة. وعاد من نيودلهي الى اسلام آباد امس، فريق يضم مسؤولين باكستانيين احدهما من قسم البروتوكول والآخر في اجهزة الأمن، بعد جولات عدة قاما بها في كل الاماكن التي ستشملها زيارة الجنرال مشرف الذي ترافقه عقيلته شهباء وهي تتحدر بدورها من الهند التي اضطر والداها الى الفرار منها. ويبدأ برنامج الزيارة بالوصول في 14 الشهر الجاري الى مطار دلهي الدولي حيث يقام استقبال رسمي تتبعه جولات رسمية صغيرة، قبل تناول طعام الغداء على مائدة رئىس الوزراء آتال بهاري فاجبايي ثم طعام العشاء في حفلة يقيمها على شرف الضيف الزائر وعقيلته الرئيس الهندي كوتشاريل رامان نارايانان. ومن المقرر ان ينتقل الرئس الباكستاني الى مدينة آغرا، على بعد 200 كلم من نيودلهي ليقضي اليومين الأخيرين من القمة فيها. وسينزل في فندق "آمار فيلاس" الجديد الذي لم يكتمل تجهيزه بعد، والواقع على بعد 600 متر من تحفة "تاج محل" المغولية الجميلة. وتم اختيار الفندق الذي يكلف النزول فيه 1750 دولاراً في الليلة الواحدة لانه سهل الحماية، ولا تستطيع السيارات والمركبات الوصول اليه لوقوعه قريباً من منطقة تاج محل المحظورة على الآليات. وسيتاح للجنرال مشرف وعقيلته والوفد المرافق له زيارة تاج محل لمدة 45 دقيقة يغلق فيها النصب امام غيرهم من الزوار، وذلك بعد ظهر اليوم الثاني للوصول. ولن تقتصر اعمال القمة على النشاطات البروتوكولية والترفيهية بل ستركز اساساً على قضايا عدة حساسة في مقدمها: مسألتا جامو وكشمير والاستقرار الاقليمي، بما في ذلك سباق التسلح النووي والإنفاق على التسلح التقليدي، علاوة على البحث في قضايا التعاون الثنائي وإمكان توسيعها سواء على الصعيد الاقتصادي او التجاري او المالي راجع ص12. وتدور تكهنات عدة عن مدى التقارب الذي يمكن ان يتحقق خلال زيارة تاريخية من هذا النوع قد تسمح بإنهاء نزاع تاريخي تسبب حتى الآن بوقوع حروب عدة بين البلدين، واستنزف طاقاتهما الاقتصادية على مدى خمسة عقود. إلا ان ثمة تبايناً واضحاً بين الجانبين حول سبيل معالجة القضايا المطروحة على جدول الاعمال، إذ ان دلهي اقترحت ان يتم في المرحلة الاولى اتخاذ اجراءات لبناء الثقة وتطبيق خطوات تكفل تبرير التوتر الحدودي بين البلدين، على ان يتم بعد ذلك الشروع في محادثات تخص الوضع النهائي لجامع كشمير. غير ان الجانب الباكستاني أصرّ على ان تركّز القمة على هذه المسألة مع اقرار الجنرال مشرف مسبقاً ان المسألة ستحتاج الى فترة من الوقت. ويبدو ان الحوار بين العاصمتين اسفر عن "اقتراحات هندية تدرسها اسلام آباد بعناية الآن". ويقول المراقبون ان اجراءات بناء الثقة لا تحتاج الى خطط مسبقة بدليل موافقة باكستان على تنفيذ خط الغاز بين إيرانوالهند، وهو مشروع حيوي للغاية بالنسبة الى الهند عموماً، من دون عوائق في طريقه. وذكرت مصادر ديبلوماسية ان المسؤولين الهنود مهتمون للغاية بحماية الدور المتاح الذي يستطيع الجنرال مشرف لعبه، في حال اسفرت المفاوضات عن وضع آلية للحوار بين البلدين. وبين المزايا التي يتمتع بها مشرف، في نظر دلهي، وقوف الجيش خلفه وكونه اول زعيم باكستاني، منذ ذوالفقار علي بوتو، لا يملي عليه احد سياسته. وقالت المصادر ان فاجبايي هو الذي نصح مشرف بإعلان نفسه رئيساً لباكستان، على اعتبار ان رتبته كقائد للأركان لا تؤهله، في حال قيامه بزيارة رسمية للهند، سوى للقاء وزير الدفاع الهندي، ليقوم من ثم بزيارات مجاملة لكل من رئيس الجمهورية ورئىس الوزراء، وهو ما لا يتناسب مع مفاوضات بأهمية القمة المقبلة. وأشارت المصادر الى ان الانتخابات التي ستبدأ اليوم في الجزء الباكستاني من كشمير، لانتخاب برلمان محلي وحكومة محلية سمح بها الجنرال مشرف لتمهيد الطريق امام تصويت السلطات الكشميرية المحلية على اي خطة يتفق عليها مع الهند وقد تواجه باعتراض الجماعات الكشميرية.