هل هناك خلاف بين الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى ووزير الخارجية المصري السيد أحمد ماهر؟ وما الفارق بين سياسة موسى وأسلوب ماهر الذي حل محله في وزارة الخارجية؟ الحقيقة المؤكدة أن لا موسى ولا ماهر يرسمان السياسة الخارجية لمصر. والجميع يعرف أن المسؤول الوحيد عن وضع هذه السياسة هو الرئيس حسني مبارك. أما وزير الخارجية، أياً كان الشخص الذي يتولى المنصب، فهو ينفذ سياسة رئيس الجمهورية. لكن الثابت أيضاً أن هناك اختلافاً في شخصية الرجلين. فموسى ينتمي فكرياً إلى مدرسة اسماعيل فهمي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات. أما ماهر فينتمي إلى مدرسة مؤسس الديبلوماسية المصرية الدكتور محمود فوزي وزير الخارجية في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. وكما أن لموسى خبرة ديبلوماسية واسعة، يمتلك ماهر قاعدة عريضة من الخبرة والحنكة. فهو كان سفيراً لمصر في واشنطن وموسكو كما أن لديه خبرة واسعة بالملف الكامل لقضية السلام في الشرق الأوسط والعلاقة مع إسرائيل، إضافة إلى رصيد تاريخي يمتد إلى سنوات طويلة سابقة، إذ كان جده أحمد ماهر باشا رئيساً لوزراء مصر أيام الملك السابق فاروق وواحداً من أبرز زعماء حزب الوفد أيام سعد زغلول باشا، وصدر عليه حكم بالإعدام لقيادته قوات الفدائيين أيام الاحتلال البريطاني لمصر. لاحظ المراقبون السياسيون بوادر أزمة عند اجتماع لجنة المتابعة العربية أخيراً في القاهرة، والتي اجتمعت في حضور الرئيس ياسر عرفات والأمين العام للجامعة. واصدرت قرارات دفعت الى التساؤل: هل حقيقة أن اللجنة رأت أن مصر خرقت قرارات اللجنة بقطع الاتصالات السياسية مع إسرائيل حين استضافت القاهرة شمعون بيريز وزير خارجية إسرائيل؟ وفقاً لمصدر عربي كبير، لم تصدر القمة العربية أي قرار بقطع الاتصالات السياسية مع إسرائيل. كما أن مصر تتحرك دائماً في الإطار الداعم للقضية الفلسطينية وضرورة تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي السورية واللبنانية المحتلة، وهو ما يتفق مع القرارات العربية الإجماعية والتي تنص على ضرورة العمل على تكثيف هذا الدعم بكل الوسائل. وأوضح المصدر ان ماهر فضل عدم الكلام لدى مناقشة اقتراح قطع الاتصالات السياسية مع إسرائيل أثناء اجتماع اللجنة. لكن وزير الخارجية المغربي السيد محمد بن عيسى كان واضحاً وحاسماً عندما أكد أن لجنة المتابعة المنبثقة عن القمة العربية مهمتها متابعة القرارات التي يصدرها الملوك والرؤساء وليس إصدار قرارات. وقال بن عيسى إنه "لا يرى جدوى في إصدار هذا القرار أو التوجه بقطع الاتصالات السياسية، مع إسرائيل، وأنه على اللجنة أن تعود أولاً إلى الملوك والرؤساء العرب". وأضاف: "أما إذا كان الرد من وزراء الخارجية العرب، وبينهم سورية ولبنان، ان معهم تفويضاً باتخاذ مثل هذه الخطوة فإنني من جانبي لا أحمل مثل هذا التفويض. وكل ما يمكن للجنة عمله في حضور الرئيس عرفات أن ترفع توصية بذلك وللقمة أن تصدر قرارها". وبعدما انهت اللجنة أعمالها وأعلنت قراراتها حضر ماهر لقاءً سياسياً في اللجنة المصرية للتضامن الافرو-آسيوي صرح خلاله بأن مصر لم تخرق قرارات لجنة المتابعة لأنه لم تكن هناك أصلاً قرارات، كما أن وصول بيريز إلى القاهرة لم يكن خروجاً على الصف العربي بل جاء لتدعيم الموقف الفلسطيني. وفي اليوم التالي خرجت الصحف بتفسيرات مفادها أن وزير خارجية مصر هاجم لجنة المتابعة وأن هناك أزمة بين عمرو موسى وأحمد ماهر. ويبقى السؤال: هل هناك فعلاً خلاف بين ماهر وموسى؟ لا خلاف، وإن اختلفت المواقع. قد يكون هناك تنافس. فالوزير ماهر حل محل وزير كانت له شعبية طاغية فسرها بعضهم بأنها نتيجة مواقفه المضادة لإسرائيل. لكن الحقيقة أن موسى كان ينفذ بدقة السياسة التي يضعها مبارك. والآن ينفذ ماهر أيضاً وبدقة وحنكة السياسة المستمرة ذاتها تجاه إسرائيل وعملية السلام.