تحرك المقاتلون الألبان نحو السيطرة على المدن ذات الغالبية السكانية الألبانية في غرب مقدونيا، وحملت سكوبيا الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي مسؤولية تدهور الأوضاع وانهيار وقف النار. أحكم المقاتلون الألبان قبضتهم على أجزاء عدة من مدينة تيتوفو شمال غربي مقدونيا، وهددوا بالسيطرة على غوستيفار وغيرها من المدن، إذا لم تعترف حكومة سكوبيا باللغة الألبانية لغة رسمية ثانية للدولة إضافة الى المطالب الأخرى. ونقلت محطات التلفزيون في سكوبيا عن قادمين من ضواحي تيتوفو، ان اضراراً جسيمة لحقت بالمدينة التي لزم من تبقى فيها من سكان منازلهم، نتيجة القصف المتبادل بين القوات الحكومية والمقاتلين الألبان، ما أسفر عن تدمير عدد من المنازل وانقطاع الكهرباء والاتصالات الهاتفية عن اجزاء من المدينة التي تجوب دوريات المقاتلين اقسامها الشرقية رافعة الأعلام الألبانية. وتواصل لليوم الثالث على التوالي، امس، اطلاق الرصاص وقذائف الهاون في انحاء تيتوفو، ورحل عدد كبير من سكان المدينة وضواحيها، خصوصاً المقدونيين وأبناء أعراق اخرى غير ألبانية، الى سكوبيا وأماكن اخرى آمنة. وتأتي خطورة استيلاء المقاتلين على تيتوفو باعتبارها اكبر المدن ذات الغالبية السكانية الألبانية، ووجود مقار الأحزاب والمنظمات الثقافية والاجتماعية والجامعة الألبانية فيها، وهي بمثابة عاصمة للألبان في مقدونيا. وذكرت وسائل الإعلام في سكوبيا، ان المقاتلين يحاصرون أربع قرى تحيط بتيتوفو، اضافة الى ضواحي مدينة غوستيفار ثاني كبرى المدن الألبانية في مقدونيا، 25 كلم جنوب تيتوفو حيث سمع امس دوي انفجارات متقطعة وشوهدت اعمدة الدخان تتصاعد من المنطقة بكثافة. وأفاد القيادي في "جيش التحرير الوطني" الألباني نظمي بكيري "أن لواءين للمقاتلين، اتخذا مواقع لهما في المنطقة الممتدة بين غوستيفار وحدود ألبانيا" وطولها حوالى 20 كلم. وأكد ان المقاتلين اشتبكوا مع القوات المقدونية قرب المنطقة الحدودية الغربية "وأرغموها على مغادرة عدد من مراكزها". وكانت الحكومة المقدونية، اتهمت البانيا بالتواطؤ مع المقاتلين الذين هاجموا اراضي مقدونيا القريبة من الحدود، وقدمت احتجاجاً الى حكومة تيرانا. واتهم الناطق باسم الحكومة المقدونية انتونيو ميلوشوفسكي، حلف شمال الأطلسي بدعم المقاتلين الألبان "ضمن مخطط لتحويل مقدونيا الى محمية غربية تحت سيطرة الحلف، والقضاء على وحدة اراضي الدولة المقدونية". وأضاف ان مقدونيا "تواجه تهديداً خطيراً يتمثل في دعم دول غربية التشكيلات العسكرية للإرهابيين الألبان". ودان الناطق الحلف الأطلسي لأنه "لم يشر في بياناته الى المتمردين الألبان، كمسؤولين عن تعطيل وقف النار". وأضاف ان مقدونيا "ليست في حرب مع الإرهابيين فحسب، وإنما ايضاً تواجه تهديداً اكبر يتمثل في دعم دول غربية لهم". وأكد انه تم إغلاق المعابر الحدودية البرية لمقدونيا مع كوسوفو "لوقف تسلل الإمدادات للمتمردين الألبان"، ومعلوم ان غلق المعابر الحدودية مع كوسوفو، يلحق ضرراً كبيراً في نقل الإمدادات الى القوات الدولية في الإقليم. وهدد وزير الدفاع المقدوني فلادو بوتشكوفسكي بشن هجوم شامل على المقاتلين الألبان "ما لم ينسحبوا من كل المناطق التي استولوا عليها منذ ابرام اتفاق وقف النار". وغادر المسؤول الكبير في حلف شمال الأطلسي بيتر فيت الى تيتوفو امس في محاولة للضغط على المقاتلين الألبان للانسحاب من المدينة والالتزام بوقف النار، وذلك بعدما اجتمع في بريشتينا عاصمة كوسوفو مع المسؤول السياسي للمقاتلين الألبان علي احمدي ومن ثم التقى في سكوبيا الرئيس بوريس ترايكوفسكي ووزيري الدفاع والداخلية في حكومته. ونفى مصدر ديبلوماسي غربي في سكوبيا اتهامات الحكومة المقدونية للدول الغربية والحلف الأطلسي بدعم المقاتلين الألبان، وأوضح المصدر ان الوسيطين: الأوروبي فرانسوا ليوتار والأميركي جيمس بارديو "يعملان مع مسؤولي الحلف الأطلسي لتحقيق السلام في جمهورية مقدونيا ووحدة اراضيها، وهما رفضا مطالب الأحزاب الألبانية بتحويل مقدونيا الى دولة ذات نظام فيديرالي على اسس عرقية". واعتبر المصدر الديبلوماسي الغربي، ان التشدد القومي للحكومة المقدونية في الفترة الراهنة "أثر سلباً في جهود تحقيق التسوية السلمية لمطالب الألبان". وفي بريشتينا، أفاد الناطق باسم قوات حفظ السلام "كفور" الكولونيل مانفريد جانك ان القوات الدولية في الإقليم "اعتقلت 55 شخصاً قرب مدينة بريزرين الجنوبية، يشتبه في انهم من اعضاء جماعة للثوار من اصل ألباني ناشطة في مقدونيا المجاورة، وتمت مصادرة الكثير من البنادق الآلية والذخيرة كانت في حوزتهم وكانوا يصحبون معهم 50 بغلاً". وأعلنت السفارة الأميركية في سكوبيا، عن ترحيل عدد من موظفيها غير الأساسيين مع عائلاتهم من مقدونيا وحضت المواطنين الأميركيين العاديين على تأجيل السفر الى هذه الدولة "التي تشهد اضطرابات". وحذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي جورج روبرتسون من وقوع كارثة في مقدونيا، في حال الانهيار التام لوقف النار.