} أحاط سكون اجواء تيتوفو وبدأ السكان يعودون الى حياتهم الاعتيادية، فيما غادرت المدرعات المقدونية المدينة، تاركة النزاع مع الألبان في عهدة الوساطة التي قام بها منسق الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا لدى زيارته تيتوفو امس. هدأ الوضع في تيتوفو امس، وبدأت الحركة تعود الى طبيعتها. وفتحت المحلات التجارية ابوابها الى جانب الاسواق الشعبية في الهواء الطلق. لكن وضع السكان بدا محزناً معبرين عن مشاعر الألم والاستياء همساً. وخلال الساعات الثماني التي قضتها "الحياة" في تيتوفو امس، لم يسمع دوي اي انفجار او اطلاق نار، في حين وصلت وحدات للشرطة، عبر مرتفعات تيتوفو التي خلت من الحرائق والدخان الى قرى مالينو وبريست وكوتشكوفو التي كانت خلال الايام الماضية اهدافاً للقصف المقدوني. وبدأت الدبابات والمصفحات بمغادرة تيتوفو الى قواعدها في ضواحي سكوبيا، في حين ان عناصر الشرطة في نقاط السيطرة بين تيتوفو وسكوبيا، كانوا بشوشين وتخلوا عن التشنج. ورفع الجنود علم مقدونيا فوق حصن قديم في منطقة كالا في المرتفعات كدليل منظور على احكام السلطات المقدونية سيطرتها على المنطقة واخراج المقاتلين. وعلى رغم هذه الاجواء، فإن عدداً من الألبان تحدثت اليهم "الحياة" اكدوا المعاناة التي عاشوها خلال الاسبوعين الاخيرين. وقال سليمان خليلي: "لا يزال الوضع الألباني في مقدونيا صعباً جداً، لأن الألبان يشعرون انهم تعرضوا الى اعتداء غاشم من دون ان يطالبوا بشيء يزيد عن مساواتهم مع السلافيين المقدونيين". وأضاف: "استخدموا الشرطة والجنود كل ما لديهم من عنف مع سكان تيتوفو الألبان وضواحيها". وأكد ان غالبية الذين مارسوا الاعتداءات لم يكونوا مقدونيين "بل صرب وبلغار ويونانيون، وهم الذين اثاروا الرعب على وجه الخصوص". وضرب خليلي مثلاً على ذلك: "انهم اطلقوا 30 رصاصة على جسم احد الألبان في ضواحي تيتوفو وأردوه قتيلاً، وهو قروي ليس مقاتلاً". وأضاف: "سيرى العالم قريباً اي حقد مارسوه على الألبان، اذ ان الألبان، بوسائلهم الخاصة، صوروا الكثير مما حدث من عنف واعتداء، وسيقدمونه للمنظمات الانسانية والدولية". سولانا وزار منسق الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا تيتوفو امس، وأبلغ الصحافيين ان هدف زيارته هو "دعم الشعب المقدوني وتشجيعه على انهاء العنف". وأضاف: "اردت الحضور الى هنا لابداء تضامن الاتحاد الاوروبي مع الشعب في مقدونيا الذي تريد غالبيته السلام والعيش في أمان". وأعرب عن امله في ان تكون الازمة انتهت، وقال: "يجب ان نواصل العمل، ولكنه الآن عمل سياسي". وخلال وجوده في تيتوفو، اجرى سولانا محادثات مع اربن جعفيري زعيم "الحزب الديموقراطي الألباني" وايمير اميري رئىس "حزب الرفاه الألباني". وأبلغت مصادر مطلعة "الحياة" ان الزعيمين الألبانيين طلبا من سولانا "ان يتولى الاتحاد الاوروبي حل الازمة من خلال خطة لانهاء المواجهات وتوفير السلام في مقدونيا، برفع المظالم التي يشعر الألبان بها". وكان الأمين العام لحلف شمال الاطلسي جورج روبرتسون وسولانا اجريا في سكوبيا مساء اول من امس، محادثات استمرت ساعتين مع الرئىس المقدوني بوريس تريكوفسكي ومسؤولين حكوميين. وأشاد روبرتسون ب"ضبط نفس محكم" في الهجوم الذي تم الاحد الماضي لاخراج المقاتلين الألبان من المرتفعات المحيطة بتيتوفو. ونقلت وكالة انباء "رويترز" عن مصادر ديبلوماسية ان هناك "استياء كبيراً" بين اعضاء الحلف الاطلسي ازاء قرار مقدونيا ارسال الجيش الى تيتوفو. وأبدى الحلفاء خشيتهم من اندلاع صراع يشبه ما جرى في كوسوفو بسبب حساسية التوازن العرقي في مقدونيا، وحضوا الحكومة على تكثيف الحوار بين الاعراق. وقال روبرتسون مشيراً الى انهيار يوغوسلافيا السابقة في التسعينات "اريد ان اكون صريحاً، هناك خياران امام شعب هذا البلد: ان تكون هناك مقدونيا واحدة او ان تراق الدماء مرة اخرى في البلقان". وأضاف: "انا اشيد بشدة بحكومة هذا البلد لاسلوبها الحاسم، ولكن المتسم بضبط النفس الذي انتهجته رداً على الاستفزازات التي تعرضت لها في الاسابيع القليلة الماضية، والارهاب لن ينجح". ويقول الألبان انهم يقاتلون من اجل الحصول على حقوق اكبر للأقلية الألبانية التي يشعر الكثير من افرادها انهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية. وفي واشنطن حذر وزير الخارجية الاميركي كولن باول من ان المعركة "لم تقترب من نهايتها" على رغم ان القوات المقدونية احرزت بعض التقدم ضد الألبان. وقال ناطق باسم الشرطة التابعة للأمم المتحدة دمتري كابورتسيف امس انه تم اعتقال 17 ألبانياً قادمين من مقدونيا لحيازتهم اسلحة وذخيرة في شكل غير شرعي. وفي بوخارست أ ف ب، بدأ مسؤولون في منظمة الأمن والتعاون في اوروبا، وبينهم الرئىس الحالي للمنظمة وزير الخارجية الروماني ميرسيا جيوانا، مشاورات حول الازمة في مقدونيا. وأعرب الوزير الروماني عن امله في ان يسفر الاجتماع عن "نتائج ملموسة" للأزمة المقدونية.