لم يكن الغداء الذي أقامه ظهر أمس رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود، على شرف نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام مقرراً في برنامج الأخير. وكان يفترض، لولا الطارئ الصحي الذي تعرض له، أن يقوم مساء أول من أمس، بعيد انتهاء المهرجان الذي اقيم في طرابلس لمناسبة الذكرى 14 لاغتيال رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي، بزيارات بروتوكولية للرؤساء الثلاثة برفقة رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان، اللواء الركن غازي كنعان. وبعد أن اضطر خدام الى البقاء في مستشفى نيني في طرابلس، حتى صباح أمس، بناء لنصيحة الأطباء، لحاجته الى الراحة، استدعى التأزم الحاصل في العلاقات الرئاسية قيام خدام وكنعان بجهد فوق العادة، من أجل اصلاح ذات البين بين الرؤساء الثلاثة، كانت نتيجته ترتيب غداء بدعوة من لحود، اقتصر على رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري واللواء كنعان، تجنباً لوصول العلاقات الرئاسية الى طريق مسدود. وعليه زار خدام كلاً من بري والحريري، في وقت كان كنعان يلتقي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في اجتماع مقرر منذ أكثر من اسبوع. ووصل خدام الى دارة الحريري في الحادية عشرة من قبل الظهر، وعقد معه لقاء موسعاً في حضور الوزراء بهيج طبار ومروان حمادة وفؤاد السنيورة، والنواب محسن دلول وباسم السبع ووليد عيدو وأمين عام مجلس الوزراء سهيل بوجي. واستمر الاجتماع لثلث الساعة، أعقبته خلوة بين خدام والحريري استغرقت ثلاثة أرباع الساعة. وتجنب خدام في اللقاء الموسع، أي حديث عن العلاقات المستجدة بين الرؤساء، وحرص في حديثه على تكرار معظم ما كان قاله في خطابه في طرابلس، الذي لم يتمكن من متابعته بسبب العارض الصحي. وقال أحد النواب ل"الحياة" ان خدام تحدث من وحي خطابه في طرابلس وركز على ضرورة التهدئة، مشيراً الى "أن جميع المسؤولين، وفي مقدمهم الرؤساء، يريدون مصلحة البلد ولا أحد يشكك بعكس ذلك". وتابع خدام: "لا أظن أن هناك مشكلة مستعصية على الحل، ما دامت نيات الجميع طيبة وتنم عن استعداد للتعاون، واعتقد ان رئيسي المجلس والحكومة مدعوان ظهراً الى الغداء الى مائدة رئيس الجمهورية". وسأل خدام الحريري اذا كان تلقى دعوة من رئاسة الجمهورية الى الغداء، فأجابه بالنفي. ولم تمض ثوان حتى كان على الهاتف مدير عام المراسم في القصر الجمهوري السفير مارون حيمري، ليوجه اليه الدعوة، وفي الوقت نفسه وجهت الى بري. وشدد خدام، بحسب أحد النواب الذين حضروا اللقاء، على "ضرورة لملمة الوضع وعدم الافساح في المجال امام أية محاولة لإثارة مناخ لا يخدم الاستقرار"، لافتاً الى أن "هذا يجب أن يحصل في سرعة وعلى كل المستويات"، معتبراً أن المنطقة "تمر في فترة مصيرية تتطلب التكاتف والتعاون والاستماع الى البعض والمصارحة من خلال قيام حوار داخلي عميق يتناول كل القضايا المطروحة". وأيّد الحريري ما سمعه من خدام بالتأكيد على أنه "خلافاً لكل الانطباعات السائدة أو الشائعات التي يروّج لها البعض، بأننا نقاطع رئيس الجمهورية، فإن هذا الكلام غير صحيح، والرئيس لحود موضع تقديرنا واحترامنا وكنا وسنبقى من دعاة التعاون معه باعتباره رمز البلاد". وأوضح الحريري انه حاول "الاتصال بلحود، لأكثر من مرة أثناء وجوده في باريس للتشاور معه في موضوع فتح الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي. واتصلت به فور عودته الى بيروت وطلبت موعداً، وحُدِّد في الحادية عشرة من قبل ظهر الأربعاء غداً. وكنت على استعداد للذهاب الى بعبدا، ولا أدري من روّج عبر بعض وسائل الإعلام انني لن أجتمع به، خصوصاً اننا نشدد على التعاون، فكيف نوفق بين قناعتنا هذه وبين وجود نية لمقاطعة رئيس البلاد". ثم توجه خدام الى المقر الخاص لبري، وانضم اليهما لاحقاً اللواء كنعان ثم الحريري، فعقد اجتماع موسع استمر أكثر من نصف ساعة، ثم غادروا الى بعبدا في سيارة الحريري. وأوضحت مصادر بري ل"الحياة": "ان لا صحة لما تردد عن أنه يقاطع لحود ولا يرغب بزيارته، وأن رئيس المجلس رفع جلسة مناقشة الموازنة مساء الخميس الماضي وحدد الأربعاء غداً كموعد أولي لاستئناف المناقشة في حال تسلمت رئاسة المجلس الثلثاء اليوم، مرسوم فتح الدورة". وتابعت ان بري "يعرف صلاحياته ولا يخالف الأصول، وهذا ما أكده حين اشترط تسلم الرئاسة مرسوم فتح الدورة، لدعوة الهيئة العامة الى الانعقاد، لادراكه أن فتح الدورة من صلاحيات السلطة التنفيذية وتحديداً رئيسي الجمهورية والحكومة". وأشارت مصادر بري الى "رفضه الدخول في سجال لا مبرر له، إذ لا داعي لتكبير المشكلة".