تلفت انتباه الزائر لمكتب اللجنة الرئيسية للحكام في مجمع الأمير فيصل الاولمبي في الرياض لوحة اختبار قياس النظر التي علقت في زاوية من زواياه، وعند رؤيتي لها سألت عمر الشقير الرئيس الجديد للجنة عن مغزى وضع هذه اللوحة فردّ ضاحكاً "نختبر نظر الحكام"، وأردف مقرر اللجنة عبدالرحمن المعثم "وضعت اللوحة في هذا المكان خوفاً من ضياعها في المخازن". وبعيداً من لوحة الاختبارات تلك وأياً كانت اسباب وضعها، فالحكام عانوا موسماً صعباً للغاية، بل انهم تعرضوا لأقسى انتقادات طوال مسيرة التحكيم في السعودية ما دعا مسيري اللعبة الى تغيير اللجنة وأعضائها ثلاث مرات. وهي سابقة لم يشهدها تاريخ كرة القدم في المملكة، فقد اقصي في البداية محمد المرزوق وعين فهد الدهمش بالتكليف، وأخيراً حل عمر الشقير في هذا المنصب، وتم للمرة الاولى ايضاً اعلان العقوبات الموقعة على الحكام وايقافهم وشطبهم. ويأمل الشقير بان تعود الثقة من جديد الى الحكام والرياضيين عموماً، لذلك تتواصل اجتماعات لجنته بغية مساعدة الحكام خصوصاً للظهور بمستوى مغاير لما كانوا عليه في الموسم الماضي. بدايات الرئيس الجديد من مواليد 1952، وهو الذي "شرب التحكيم وأكله" على مدى 18 عاماً قضاها في الملاعب قبل ان يعين مراقباً للقضاة بعد ذلك. وبداية الشقير كانت في حواري مدينته الرياض لاعباً، ثم التحق بصفوف نادي الرياض احد اندية العاصمة الاربعة، وعن تلك الفترة تذكر: "لعبت لفريق الرياض وتدرجت في قطاعي الناشئين والشباب وهذا الأمر اكشفه للمرة الاولى طوال مسيرتي الرياضية، وبسبب الاصابة تركت الكرة وترشحت لأكون حكماً وذلك بتشجيع من زملائي، بعدما لمسوا رغبتي الكبيرة، والتحقت بسلك التحكيم العام 1979. وتدرجت فيه الى ان اصبحت حكماً دولياً عام 1987، ثم اعتزلت عام 1996، وكانت آخر مباراة لي في التصفيات الآسيوية الاولية المؤهلة لكأس العالم 9819، ثم ابتعدت برغبتي لمدة سنة وعدت بعد ذلك مراقباً". وعن اختياره رئيساً للجنة الحكام، اوضح الشقير "لا اخفيك سراً ان زملائي كانوا يؤكدون أنني سأتولى رئاسة اللجنة، وكنت اتوقع ذلك قبل تعييني بصفة رسمية وأعتبر هذا التكليف تاجاً على رأسي، لأنني سأخدم بلدي من خلال مهمتي الجديدة". وأكد ان دخوله مجال التحكيم افاده كثيراً "اكتسبنا الشهرة على رغم انها سلاح ذو حدين، كما انها مهمة محفوفة بالصعوبات. كنا نذهب لندير مباريات خارج الرياض ونقطع مسافات طويلة والخطر موجود خصوصاً عند عودتنا ليلاً". سياسة وحول عمل اللجنة اكد الشقير ان "الهدف الاول الذي سنسعى له هو زرع الثقة في الحكام، واقامة عدد من الدورات خصوصاً العملية منها والافادة من خبرات عدد من المحاضرين في الدول المتقدمة في هذا المجال، وصولاً الى ايجاد الشجاعة لدى الحكام في اتخاذ القرارات داخل الملعب، كما سنعمل على اعداد الحكام بدنياً خصوصاً اني لاحظت ان لياقة الحكام كانت ضعيفة في الموسم الماضي، وهذا عيب سنعمل على تلافيه". وأردف "سنعمل على استقطاب عدد من الحكام الجدد واعطائهم الفرصة، وسنكتشف المميزين منهم". هجوم وأبدى الشقير امتعاضه من الهجمات التي تعرض لها الحكام في الموسم الفائت "لا نستغني عن الاعلام والنقد البناء وهو مكمل لأي عمل ناجح، لكن الذي حدث هو ان بعض الكتابات الصحافية تجاوزت النقد الى التجريح الشخصي، وهذا ما نرفضه. كما ان الحكام لم يسلموا من هجوم الاداريين، واتمنى بان تغيب هذه الظاهرة. وسيكون رئيس اللجنة الرئيسية المتحدث الرسمي لوسائل الاعلام ويكلف من يراه مناسباً للقيام بهذه المهمة في حال غيابه". مواصفات وعن الطريقة التي سيتم فيها اختيار الحكام اوضح الشقير "بالنسبة الى اختيار حكام المباريات، الأمر يعود لأعضاء اللجنة، لكن القرار النهائي بيد رئيسها". نافياً الاتهامات التي تؤكد تدخل المقرر عبدالرحمن المعثم في اختيار الحكام "اؤكد لك ان القرار النهائي بيد الرئيس". وبالنسبة الى الحكام الجدد اوضح "ابو عبدالله": "للحكم مواصفات معينة يجب الأخذ بها عند اختيار المتقدمين لهذا العمل، ننظر الى قوام الحكم وهندامه. ثم ان المقابلة الشخصية تحدد بداهة الحكم، وقبل ذلك يجب ان يجتاز الفحوصات الطبية". وعن الصرامة، وهل يجب على الحكم ان يتحلى بها؟ اشار الشقير الى ان "الحكم ليس بعبعاً مخيفاً لكن الجرأة مطلوبة، وخصوصاً في اتخاذ القرارات التي تتطلب جزءاً من الثانية". وهل تؤثر الصرامة على حياته الخاصة؟ "يجب ان يكون صارماً في الاوقات التي تستدعي ذلك، وان يلجأ للحُلم في اوقات اخرى. التحكيم علمنا الدقة في المواعيد وتنظيم الحياة الخاصة لكننا لسنا بتلك الشراسة التي يعتقدها البعض". استثناء وحول امتناع بعض الحكام عن قيادة مباريات فرقهم، اوضح الشقير: "نعرف جميعاً ان لدى الحكام ميولاً تجاه فرق معينة وهذا ليس عيباً، ولدى اي رياضي ميول. سيبقى الوضع على حاله بالنسبة للحكمين عبدالرحمن الزيد الذي اعتذر عن عدم قيادة مباريات الهلال، وكذلك ناصر الحمدان الذي اعتذر عن مباريات النصر. نعمل كثيراً على تهيئة الحكام نفسياً ونقدر رغبة الحكام السابقين ولن نجبرهم على شيء خصوصاً في ما يتعلق بعدم رغبتهم في قيادة مباريات فرقهم، لكن الوضع لن ينطبق على الحكام الجدد ولن نرضخ لطلباتهم". وعن العقوبات المتخذة بحق الحكام والتشهير بهم عبر وسائل الاعلام، تماشياً مع ما هو مطبق في بطولات كأس العالم، قال الشقير: "الوضع يختلف في المسابقات المحلية عنه في المسابقات الدولية، فالأخيرة تقام خلال فترة معينة وتنتهي بينما الاولى تستمر ومن الصعوبة اعلان العقوبات المتخذة بحق الحكام، وستستمر في شكل سري". اتهامات وعن مدى تأثير ميوله الهلالية والميول النصراوية لنائبه البحيري في اتخاذ القرارات، اكد الشقير موضحاً: "يهمنا بالدرجة الاولى نجاحنا ولا تهمنا مسألة الميول، نبحث عن نجاحنا ولن نجامل الفرق على حساب النجاح". وعن عودة البحيري الى اللجنة بعدما شطب وأبعد منها، اوضح "سعدت جداً عندما عرفت ان البحيري سيعمل معي في اللجنة، ونحن رفيقا درب دخلنا مجال التحكيم سوياً. البحيري رجل مؤهل في شكل ممتاز، وسيستفيد منه الحكام العاملون لأن لديه قدرة كبيرة على التوجيه وهو رجل تربوي ويعرف الطريقة المثلى لذلك". خصوصيات والشقير اب لسبعة اولاد، ولا يمانع في ان يعمل احد ابنائه في مجال التحكيم "على العكس سأساعده على ذلك وأدله على درب النجاح". ويهوى الشقير الرحلات البرية والسباحة، والاطلاع على الجديد في عالم كرة القدم والكرة الطائرة "كنت مدرباً للكرة الطائرة في مدرسة زين العابدين الابتدائية، وكنا ابطال الرياض في هذه اللعبة لسنوات عدة، ثم تركت التدريس وتوجهت الى العمل في الشركة الموحدة للكهرباء بدرجة مشرف رياضي".