اعلن وكيل وزارة الخارجية العراقية الدكتور رياض القيسي، في حديث تلفزيوني مساء امس، ان العراق سيوقف ابرام عقود نفطية جديدة بدءاً من بعد غد الاثنين، الرابع من حزيران يونيو الجاري. وكان هذا اول رد عملي لبغداد على اتفاق الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس على تمديد العمل ببرنامج "النفط للغذاء" لفترة شهر. كما شكل اول تأكيد لتنفيذ تهديدات كان العراق اعلنها قبل ايام. وكان مجلس الأمن استعاد "الإجماع" على موقف من العراق بفضل مفاجأة روسية، فتبنى أمس قراراً "رئاسياً" أمهل المجلس شهراً للعمل على مشروع قرار بريطاني يخفف العقوبات المدنية على العراق ويشدد العقوبات العسكرية. ومدد المجلس المرحلة التاسعة من برنامج "النفط للغذاء" لفترة شهر، معرباً عن "اعتزامه النظر في ترتيبات جديدة" للعقوبات و"اعتماد هذه الترتيبات وتنفيذها" بحلول 4 تموز يوليو المقبل، موعد انتهاء التمديد الموقت للبرنامج، الذي كان يجدد عادة كل ستة شهور راجع ص 2. وفاجأت روسيا الدول الأربع الأخرى الدائمة العضوية في المجلس، بموافقتها على تمديد البرنامج شهراً فقط، علماً أنها طالبت سابقاً بفترة أشهر. وقالت مصادر مطلعة ان السفير الروسي سيرغي لافروف "ادهش" الوفود الأخرى لدى الأممالمتحدة حين بادر الى طرح فكرة الشهر. وتابعت ان الوفد الروسي قلل من أهمية تهديدات عراقية بعدم التعامل مع قرار التمديد لشهر، وتأثيرها على الأسواق النفطية، نظراً الى ان الموقف العراقي لن يؤدي الى وقف تصدير النفط بل الامتناع عن توقيع عقود نفطية جديدة في الفترة من 4 حزيران يونيو الى 4 تموز. ولاحظت أوساط مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة ان العقود الموقعة في المرحلة التاسعة تقضي باستمرار ضخ النفط وشحنه لفترة ثلاثة أشهر على الأقل، بالتالي اعتبرت الموقف العراقي سياسياً أكثر منه عملياً. لكن هذه الأوساط نبهت الى إمكان اتخاذ الحكومة العراقية موقفاً لاحقاً بوقف تصدير النفط وانهاء العمل بمذكرة التفاهم على القرار 986 التي أطلقت برنامج "النفط للغذاء". وقالت ان الدول الخمس ستدرس سبل مواجهة مثل هذا التطور، مشيرة الى أن أنابيب النفط لا تتحمل توقف الضخ لفترة طويلة، بالتالي سيبقى وقف الصادرات النفطية اجراء موقتاً اذا نفذت بغداد تهديداتها. وعزت الأوساط الدولية تغيير الموقف الروسي الى اجتماع بودابست الذي ضم وزراء الخارجية الأميركي والبريطاني والروسي والفرنسي، مطلع الاسبوع. وفوجئت الديبلوماسية العراقية بهذا التحول واعتبرته تغييراً في ما تفاهمت عليه مع الديبلوماسية الروسية، خلال زيارات مسؤولين عراقيين لموسكو أخيراً. ودافع لافروف عن موقف بلاده قائلاً ان فترة الشهر "لم تكن مفتاح معارضتنا"، وأن الأمرين الرئيسيين هما "استمرار البرنامج الانساني في العراق وعدم اصدار حكم مسبق على اقتراحات تغييره وعدم الارتباط ببرامج زمنية مصطنعة". وحمل القرار الذي تبنى كل الدول الاعضاء في مجلس الأمن تقديمه الى التصويت الرقم 1352، واعتبره السفير الاميركي جيمس كننغهام "خطوة رئيسية الى أمام"، مشيراً الى أهمية "وحدة المجلس" الواضحة في دعم هذا القرار "لجهة السياسة والدليل الى الاهداف المتفق عليها". أما السفير البريطاني السير جيرومي غرينستاك، فرأى ان العمل الصعب سيبدأ على مشرورع القرار الموسع، بهدف الاتفاق عليه في غضون شهر. وقال: "ليست هذه محاولة تشديد العقوبات أو استبدال القرارات السابقة، فالقراران 1284 و687 ما زالا يشكلان سياسة مجلس الأمن" في ما سيتعلق بكيفية تعليق العقوبات، ثم رفعها "فهما على الطاولة ومعروضان على العراق" للتوصل الى انهاء العقوبات. واكد القرار 1352 ان تلبية الاحتياجات المدنية للشعب العراقي "تدبير موقت، الى ان يسمح للمجلس وفاء حكومة العراق بالقرارات ذات الصلة، لا سيما القرارين 687 و1284". وجدد "التزام كل الدول الاعضاء سيادة العراق وسلامته الاقليمية"، مشيراً الى عزم المجلس على "النظر في ترتيبات جديدة لبيع السلع والمنتجات الى العراق، أو امداده بها، ولتيسير التجارة المدنية وللتعاون الاقتصادي مع هذا البلد في القطاعات المدنية". وتضمن القرار المبادئ التي تحكم هذا الالتزام، وبينها "ان تحسن الترتيبات الجديدة الى حد يعيد تدفق السلع والمنتجات الى العراق" باستثناء السلع المحظورة، وان تؤدي الى "منع تدفق عائدات صادرات النفط والمنتجات النفطية العراقية الى العراق، خارج حساب الضمان" الذي تسيطر عليه الاممالمتحدة. واعرب مجلس الأمن عن عزمه على "اعتماد هذه الترتيبات الجديدة وتنفيذها" وكذلك "الاحكام المتعلقة بمسائل ذات صلة قيد المناقشة في المجلس، لفترة 190 يوماً" تبدأ في 4 تموز.