} رغم كل الضغوط الاسرائيلية، بثت "هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي برنامج "بانوراما" في حلقة تحت عنوان "المتهم" وفيه طرحت مسألة محاكمة المسؤولين عن مجزرتي صبرا وشاتيلا ك"مجرمي حرب"، وتساءلت عن مسؤولية رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون عن هذه المجازر. وعقب البث انتقدت اسرائيل البرنامج بوصفه "منحازا". القدسالمحتلة، لندن - "الحياة"، اف ب - جاء رد الفعل الاسرائيلي على برنامج "بانوراما" الذي بثه تلفزيون "هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي ليل الاحد - الاثنين متوقعا، اذ اعتبرته الحكومة الاسرائيلية برنامجا "متحيزا وجائرا". والبرنامج الوثائقي الذي بث في حلقة تحت عنوان "المتهم"، طرح تساؤلا مشروعا عن الجهات المسؤولة عن ارتكاب مجزرتي صبرا وشاتيلا في بيروت عام 1982، ومسؤولية رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون في هذه المجازر خصوصا انه كان وزيرا للدفاع حينها وادار عملية اجتياح بيروت. لكن وزارة الخارجية الاسرائيلية اعتبرت في بيان امس ان "اسرائيل تنظر بخطورة الى الطابع المتحيز والجائر لبرنامج بانوراما"، معتبرة ان "توقيت البرنامج بعد مرور 19 سنة على تلك الوقائع، يشكل محاولة لتلطيخ سمعة اسرائيل وزعيمها بشتى الوسائل"، كما اتهمت "بي بي سي" بالتحول الى "محكمة تلفزيونية". في البرنامج، تساءلت "بي بي سي" عن مسؤولية شارون في المجازر واحتمال اتهامه بارتكاب "جرائم حرب". ورأى المدعي العام السابق في المحاكم من اجل يوغوسلافيا السابقة ورواندا ريتشارد غولدستون انه "في حال كان الشخص الذي يعطي الاوامر يعرف ان اوامره ستعرض مدنيين ابرياء للاصابات او القتل في وضع ما، فسيكون مسؤولا وتكون مسؤوليته اكبر من الذين ينفذون اوامره". واضاف: "لا يمكن لاي شخص مسؤول الا يأسف على عدم توجيه اتهام ضد اي شخص" في اعقاب تحقيق لجنة كاهان الرسمية الاسرائيلية في شأن مجزرتي صبرا وشاتيلا الذي خلص الى ان "جرائم فظيعة تم ارتكابها". وايد هذا الموقف الخبراء الاخرون ضيوف البرنامج. واعتبر ريتشارد فالك الذي اجرى تحقيقا في شأن ممارسات اسرائيل في لبنان، ان مسؤولية شارون واضحة، وقال: "لا ريب في امكان اتهامه لانه كان يعرف ما قد سيحدث او كان ينبغي عليه ان يعرف". واضاف: "ان شارون كان وزيرا للدفاع وعلى اتصال مع القادة على الارض وكان موجودا شخصيا في بيروت وهو الذي اصدر الاوامر التي ادت الى دخول الكتائب الى المخيم". وقال الموفد الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط عام 1982 موريس درابير: "لا يمكن للمرء الا يتوقع ما قد سيحدث في مثل هذه الظروف الا اذا كان مطبق الجهل او قادما من عالم غير عالمنا". الا ان محامي شارون السابق دوف ويسغلاس اعتبر توجيه اتهام ضد شارون تحرك "شائن"، اما الناطق باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي رنعان غيسن فقال للبرنامج ان شارون "ضحية ظلم منذ 18 عاما". وكانت اسرائيل ابدت استياءها قبل بث برنامج "بانوراما" حتى ان بعض مسؤوليها اتهم "هيئة الاذاعة البريطانية" بمعاداة السامية والخداع. كذلك تبلغت وسائل الاعلام البريطانية احتجاجات رسمية من مسؤولين اسرائيليين على التغطية باعتبارها منحازة الى الفلسطينيين، في حين ووجه بعض المراسلين باتهامات واسعة في الاعلام الاسرائيلي وشكاوى عبر البريد الالكتروني. يذكر ان شارون الذي كان وزيرا للدفاع في تلك الفترة، قام بتنسيق وقيادة العملية العسكرية المأسوية في لبنان عام 1982. وخلصت لجنة تحقيق رسمية كاهان الى اثبات "مسؤوليته غير المباشرة"، لكن الشخصية في مجازر صبرا وشاتيلا التي ارتكبتها ميليشيا مسيحية متحالفة مع اسرائيل، ما اضطره للاستقالة من منصبه. وفي كانون الثاني يناير اي قبل اسابيع من انتخابه رئيسا للوزراء، عبر شارون عن اسفه لوقوع "المأساة المريعة" المتمثلة بتلك المجازر.