عاد رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات إلى استخدام الرمز ل"التحايل" على الرقيب، فاستجاب لشرط الحكومة بحذف صفحتين من جريدته "الدومري" الساخرة واستبدالهما برسمتين تتناول غمزاً الرقابة وحرية التعبير. ووزع أمس 98 ألف نسخة من "الدومري" في الأسواق السورية ب"حلة جديدة"، إذ جاءت الصفحة السادسة بيضاء باستثناء رسمة صغيرة باللون الأسود ليد تكتب بقلم استبدلت مقدمته بإبر وأشواك أدمت يد الكاتب. كما خرجت الصفحة العاشرة أيضاً باللون الابيض وقد رسم فرزات في وسطها اثنين يتهامسان وسط الصحراء... وبين "الخطوط الحمر". وكان مقرراً أن ينشر في الصفحة السادسة تحقيق بعنوان "من وضع العصي في عربة رئيس الوزراء؟ الدكتور محمد مصطفى ميرو محبط وقد فقد الحماسة. فرقة سمفونية لكن كلاً يغني على ليلاه"، وفي العاشرة موضوع بعنوان "اشاعات التغيير الحكومي تربّط أيدي الوزراء" مع آراء لعدد من المقربين من الموظفين والمسؤولين عن اثر الكلام عن التغيير الحكومي في ادائهم. وقال فرزات ل"الحياة" إن عناصر من الشرطة والأمن تدخلت لدى المطبعة لمنع استمرار الطباعة قبل إلغاء الصفحتين، علماً أن مصادر وزارة الاعلام نفت "هذه الرواية جملة وتفصيلاً"، مجددة وجود "حرية التعبير وفق القانون" ورفض منح امتيازات ل"أي وسيلة اعلامية على حساب أخرى". وعلى رغم أن "الدومري" سبق ان نشرت تحقيقات "اكثر جرأة ونقداً" للحكومة والوزراء منذ صدورها في نهاية شباط فبراير الماضي، فإن "التسوية" كانت بأن ينشر فرزات رسومات له بدلاً من التحقيقين اللذين تعتقد الحكومة "انهما يزعزعان ثقة الناس بالحكومة والوزراء". وكالعادة، فإن الاتهامات الشفوية التي وجهت الى ناشر الصحيفة الساخرة هي "الاساءة الى الوطن" و"التآمر على البلاد"... والاشارة الى ان ما قام به "ربما يسيئ الى مشروع الاصلاح والتحديث الاداري والاقتصادي" الذي يقوده الرئيس بشار الاسد. أما رسمياً فطُلب منه التزام قانون المطبوعات للعام 1949 الذي يمنع "التشهير والاساءة الى شخصيات عامة". وكان الدكتور بشار اعطى دعماً للرسام السوري الناقد وسمح بنشر رسومات له كان مسؤولون حكوميون منعوا نشرها، كما انه وجه الحكومة إلى السماح لفرزات بإصدار أول صحيفة خاصة حسب قانون المطبوعات. وكان هذا الدعم اساس لجوء ناشر "الدومري" الى التصعيد المباشر مع منع التحقيقين واستبدالهما بالرسمتين، فعاد الى "لغة الرمز" التي كان يستخدمها قبل وصوله الى اسلوب "النقد المباشر" مع اقتناعه بوجود "فارق كبير بين النقد والحقد وان يكون الفنان ساخراً وليس ساخطاً" من دون قبول أن يضع أي موظف نفسه محل الوطن... "إذ لا يمكن تغطية الشمس بغربال". ويواصل فرزات جهوده ل"توسيع الهامش وارساء أسس لقبول الآخر ووجود أكثر من رأي" عبر الجريدة الخاصة الوحيدة في البلاد منذ تأميم الاعلام قبل 38 سنة. واستطاع ان يرفع مبيعات "الدومري" من نحو 30 ألف نسخة إلى مئة الف، بينما تفيد ارقام "المؤسسة العامة لتوزيع المطبوعات" ان "الثورة" تطبع يومياً 45-50 ألف نسخة وتبيع 27-28 ألف من أصل اجمالي التوزيع البالغ نحو 32 ألفاً، فيما لا تبيع "البعث" سوى 7 أو 8 آلاف نسخة من أصل بين 12 و13 ألفاً توزعها ونحو 55 ألفاً هو اجمالي الطبع، مع تراجع مبيعات "تشرين" إلى 22-23 ألفاً من اصل 26 ألفاً تطرحها في السوق من اجمالي الطبع البالغ 55 ألف نسخة.