ينتظر رسام الكاريكاتير علي فرزات وثلاثة من الكتاب الساخرين تشغيل السلطات الرسمية "الضوء الأخضر" لاطلاق عشرين ألفاً من عيون "الدومري" في المدن السورية للعمل على "تسريح الشرطة من عقول الناس". وبعد حصول الفنان اللاذع على الترخيص الرسمي، ستكون "الدومري" فاتحة الصحف الخاصة في سورية منذ العام1962عندما طوى "بلاغ" صفحات الجرائد الساخرة والجدية ودشن 38 سنة من الصحافة الرسمية بطبعاتها الثلاث "البعث" و"الثورة" و"تشرين". وكان فرزات عكف وثلاثة من كتاب الزوايا الساخرة هم نبيل صالح ووليد معماري ولقمان ديركي، على تأسيس "صحيفة نقدية ساخرة" استعدادا لصدور قانون جديد للمطبوعات يحل بدلاً من القانون الحالي الذي يعود الى ايام سامي الحناوي "بطل" ثاني انقلاب عسكري في العام 1949. وقال فرزات ل"الحياة" ان الدكتور بشار الاسد "شجعني قبل سبع سنوات على اصدار جريدة ساخرة ناقدة تستخدم الرسم والكلمة للتصويب والتصحيح"، مستدركا :"لم احصل على استثناء بل على تشجيع لفكرة كانت موجودة عندي منذ سنوات". وكان الدكتور بشار زار احد معارض فرزات قبل سبع سنوات حيث اعلن انه "ضد المنع" وحال دون عدم نشر رسوماته اللاذعة النقد ضد وزراء ورئيس الوزراء الراحل محمود الزعبي التي نشرت في صحف الحكومة. وبعد الحصول على "التشجيع" انتظر فرزات "الاجواء المناسبة" واجتمع الى صالح ومعماري وديركي لتأسيس الصحيفة، فكان اسم الجريدة العقبة الاولى الى ان وقع الخيار على "الدومري" بدلا من "النحلة" و"هوب هوب" و"خوش بوش". واستند الاربعة الى "تاريخ طويل من السخرية" في الصحافة السورية بدءا من العام 1909 لدى صدور "ظهرك بالك" كاول صحيفة هزلية الى ان بلغ عددها 24 جريدة من اصل 325 صحيفة صدرت بين 1918 ومنتصف الستينات. كما يتكئ الاربعة الى تجربة كل واحد منهم في الصحافة الرسمية والعربية مستنيرين بشعار هو: "افضل طريقة لاصلاح البشر هي السخرية من اخطائهم... لأن زمن الثورات ولّى". وقال صالح: "لكل واحد منّا قصة، لكننا تركناها خارج مكاتبنا ونريد ان نبدأ من جديد". وارسل الفنان فرزات الى اعضاء القيادة القطرية لحزب "البعث" الحاكم والقصر الرئاسي العدد صفر من الجريدة، ذلك ان القيادة القطرية اعطت "الضوء الاخضر" للموافقة، بحيث صار تعليق النسخ على واجهات الاكشاك في انتظار تعديل قانون المطبوعات الذي ارسلت مسودته الى الرئيس الاسد وتضمنت السماح لاحزاب "الجبهة الوطنية التقدمية" والافراد والشخصيات الاعتبارية اصدار صحف خاصة. وقال احدهم :"حصلنا على الترخيص السياسي ونحن ننتظر الترخيص القانوني". وينوي "الساخرون الاربعة" اطلاق "الدومري" مرتين في الشهر بنحو 20 ألف نسخة وبسعر مبيع يساوي نصف دولار اميركي للعدد مع اقامة موقع على الانترنت للصحيفة. وقال صالح :"اذا لم نستطع ارضاء القارئ فان الفشل مصيرنا". وسيفتح "الدومري" ابوابه امام مقالات جميع الساخرين السوريين ليصبح "ناديا للظرفاء"، على ان يبدأ المؤسسون بتحويل سخريتهم الى كلمات ورسومات مناصفة. وقال فرزات: "لا نستهدف من نقدنا التشهير بل السخرية الموضوعية والتصويب في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية". وكتب في صدر العدد الصفر نقلا عن محي الدين ابن عربي قوله "الرقيب من ليس له حبيب" أي ان "سلاحنا هو السخرية بمرّها وحلوها"... ضد "جميع السلطات والمؤسسات". وفيما قال رسام الكاريكاتير "نريد تسريح الشرطة من ادمغتنا وادمعة الناس ودفعهم للحوار والمصارحة" اذ ان الاربعة سيخضعون "كل شىء وكل شخص للنقد، وليس هناك خطوط حمر سوى مصلحة الوطن"، ختم صالح بالقول :"نريد ان يكون انسان الشارع اقل عبوسا".