نظّم "مصرف لبنان" مؤتمراً دولياً، في 7 و8 حزيران يونيو الجاري، في فندق فينيسيا، في بيروت، عنوانه "لبنان الإلكتروني: العمليات المصرفية، أنظمة الدفع، وتمويل قطاع المعلوماتية والاتصالات"، برعاية دولة رئيس الحكومة رفيق الحريري. حضر المؤتمر حشد من أهل الاختصاصات المختلفة، وشارك في إحياء أحداثه 32 مؤسسة متنوّعة. وشكّل ملتقى للتفاعل وتبادل الآراء والخبرات بين مؤسسات مصرفية ومالية ورجال أعمال في الشرق الأوسط، وشركات عالمية ومحلية تعمل في القطاع التكنولوجي. وركّزت ندواته وورشه المتخصّصة، على خدمات الدفع وتحوّلات نظمه، وأحدث الطرق المالية والأدوات لتطوير التكنولوجيات اللازمة للوسائط المرئية والمسموعة والمكتوبة والمعلومات والاتصالات. عموماً، تميّز المؤتمر بمقدار رفيع من التخصّصية وتناول آخر التطورات والتقنيات للعمليات المالية والتجارية وضبطها، وإدارة العلاقات مع الزبائن وتنويع الخدمات. وشدّد على مسألة الأمان حفاظاً على سلامة المعلومات وسرّيتها وخصوصيتها. وبالنسبة إلى ما يمكن أن يشكّل تصوّرات أو مداخل إلى حلول تطاول شرائح أعمالية واجتماعية أوسع نطاقاً، كان اللافت في المؤتمر كلمة الوزير السابق النائب الأول لحاكم مصرف لبنان ناصر السعيدي، وكلمة مدير برنامج المعلوماتية في البنك الدولي كارلوس بريمو براغا. فقد جالت كلمة سعيدي، الافتتاحية، على الواقع المصرفي في لبنان، والقوانين التي استحدثت لتحسينه، والتحوّلات المهمة التي شهدها، خصوصاً ما بعد الحرب. وشدّدت على تطوير أنظمة الدفع والبنية التحتية للاتصالات، وتشجيع الصرّاف الآلي، وعلى ضرورات أخرى في غير قطاع مصرفي ومالي، ولاسيّما منها الخدمات عبر الحدود وتنظيمها، وقضايا إدارة المخاطر والأمن والنقد الإلكتروني، وتطوير الخدمات التقليدية والحديثة وإعادة هندستها لتقديمها إلى الاغتراب اللبناني والعرب. كذلك تطرّق إلى ضرورة معالجة الهوة الرقمية. أما براغا فتحدّث عن الاقتصاد الجديد وتحدياته، والفرص العديدة التي أوجدها، وعن المخاطر الناجمة عن الانقسام الرقمي بين الدول الفقيرة والغنية. وشدّد على ضرورة التعامل مع مسائل الاقتصاد الجديد، عبر منهج تنظيمي يتمثّل في وضع مفكرة عمل، تُبنى من خلالها شبكات الاتصالات داخل العمليات الاقتصادية المختلفة. وأضاف براغا أن من الضروري التحضير لعقلية جديدة في التعامل مع العالم عبر الشبكات. يُذكر أن البنك الدولي هو من يتولّى تمويل مشروع "التربية المعلوماتية" في المدارس اللبنانية. إلاّ أن المشروع يبدو معلّقاً، من دون أن تُعرف الأسباب، على رغم أنه يسهم في شكل فاعل في التخفيف من الهوة الرقمية. ومع أن دور مصرف لبنان لا يطاول القطاع التربوي، نأمل أن تأتي مؤسسة حكومية تتّصف بمعايير الثبات والاستقرار التي يتّصف بها المصرف المركزي، وبخاصة وزارة التربية والتعليم العالي، وتتولّى التخطيط لمعالجة الهوة الرقمية، والعمل على ردمها، تماشياً مع التطوّر الذي يشهده العالم، ولكي يصير لبنان فعلاً، مركزاً إقليمياً للخدمات الإلكترونية.