ارتبطت الحِنا بالتقاليد الشعبية العمانية كسمة فرح توضع على الكفين والقدمين في المناسبات السعيدة، ولا يمكن ان توضع في مكان ثانٍ. وتدرج الحِنا متطوراً ليفرض خصائصه العصرية الجديدة، وتحول من مجرد وضعه كيفما كان الى رسوم جميلة تحمل زهوراً وزخارف تزين باطن اليد وظهرها، ومن مجرد الوان تأتي بها أنواع اشجار الحِنا الى لعبة ألوان تترابط من خلالها الألوان الحمر والصفر والسود في شكل متدرج يعطي لليد رونقاً جمالياً... وتحولت الخمس الدقائق التي تحتاجها اليد الواحدة الى ساعة جلوس تراقب الفتاة استغراق المحنية في رسم لوحة قد لا تظل أكثر من أيام عدة، ولكن لا بأس، الحِنا موجود ومحلات الزينة والجمال مفتوحة أبوابها... ولا يبقى إلا النقود التي تحدد تباعد الزيارات الى هذه المواقع الجمالية. الحناء والمناسبات في نهاية كل اسبوع تشهد محلات التزيين ازدحاماً كبيراً. عشرات الفتيات ينتظرن دورهن في الجلوس أمام واضعة الحِنا كي تنقش زخارفها على الأيادي الممدودة، وسبب الازدحام حفلات الأعراس التي تقام مساء يومي الأربعاء أو الخميس. لا بد للعرائس والمدعوات من رائحة الحِنا ونقوشه كي يكون طعم الفرح أحلى، وكلما كانت الزخارف أكثر دقة وأجمل تصميماً كانت الفرحة أكبر، هذا مع محلات التزيين والقادرين عليها، لكن ماذا عن البقية خصوصاً خارج محافظة مسقط. تقول حنان ثانوية عامة: لم أجد فرصة للحصول على وظيفة تناسب ظروفي الاجتماعية ووجدت فرصة سانحة للعمل في محلات التزيين التي اصبحت موجودة في معظم ولايات عُمان، دخلت في دورة في جمعية المرأة في مجال نقوش الحِنا اضافة الى دورات اخرى في التطريز والخياطة وبسبب شغفي بالرسم فضلت العمل في وضع الحناء. وتضيف حنان: "هناك عشرات الفتيات يزرن المحل الذي أعمل فيه اسبوعياً والأمر لا يقتصر على الأعراس فقط، بعض الفتيات لا يفارق الحِنا ايديهن ويحضرن معهن النماذج اللواتي يرغبن فيها، وعلينا ان نقدم لهن ما يرغبن فيه والحمد لله وجدت الوظيفة التي تناسبني كفتاة وأمارس فيها هوايتي في الرسم وخصوصاً الزخارف". مصدر الحناء والحِنا يستخرج من شجرة تقطع اغصانها وتيبس تحت الشمس ومن ثم تنفض لتسط الأوراق وحدها وتطحن لتعجن بعد ذلك بالماء حتى تصبح عجينة. وفي الأسواق حالياً أشكالٌ مخروطية تسهل عملية الرسم إذ تستخدم كأنها قلم وأكثر الحِنا المتوافر حالياً مستورد خصوصاً من الهند والدول الآسيوية المجاورة لها. تقول منى خالد من مسقط: "هذه الأنواع من الحِنا لها خاصية قتامة اللون وقوته على رغم انها لا تعطي الرائحة نفسها التي يوفرها الحِنا العماني الذي يعطي لوناً فاقعاً ولا بد من وضعه أكثر من مرة ليعطي اللون الداكن وفي حالة النقش لا يمكن اعادة الرسم أكثر من مرة". وعن ذكرياتها المرتبطة بالحِنا تقول: "قبل سنوات عدة كانت امي تلف الحِنا على أيدينا وأقدامنا برباط قماشي وفي الصباح نستيقظ لغسل الحِنا المتيبس عن أقدامنا وأيادينا. لم تكن هناك نقوش أو تصاميم، لكن فرحتنا بالحِنا كانت كبيرة جداً لأنها مرتبطة بمناسبات الأعياد الدينية والتي كان لها رونق أكبر أيام الطفولة". الحناء للشباب قبل الزواج في مناسبات الأعراس ما زالت عادة وضع الشباب للحِنا موجودة وان قلّت في شكل لافت، وقبل ليلة الدخلة بيوم أو يومين تقام حفلة حِنا العروس ومثلها للعريس ووسط الغناء والموسيقى يجلس العريس على كرسي محاط بالأهل والأقارب فيما تجلس المحنية تضع الحناء، والفرق ان الشاب لا توضع له النقوش المعروفة للفتاة. وحين يحين موعد خروج العريس الى حياته العادية ووظيفته يكون الحِنا قد بدأ بالزوال مما لا يسبب حرجاً كثيراً، فالحِنا يبقى مرتبطاً بالفتاة، ومع مرور السنوات تنحسر اهتمامات الشاب بوضع الحِنا كما كان قديماً. وبعد ان كانت محلات التزيين تتعامل مع بشرة الوجه والشعر فإنها وجدت سوقاً رائجاً مع الحِنا الذي بات علامة الجودة للمحلات وزائراتها، ويمكن تصور ان الحِنا قد يوضع لصبغ الرأس محققاً فوائد صحية أو لاكتساب رائحة أو لون، أو ربما لتغطية الخصلات البيض.