} انتقلت المواجهات بين قوات الامن الجزائرية ومتظاهرين من منطقة القبائل التي لم تندمل جروحها بعد الى منطقة الشرق التي تشهد منذ اول من امس اعمال عنف واحراق مبان حكومية اثر "مناوشة" مع فرقة عسكرية. وادت هذه المواجهات سقوط عشرات الجرحى وشل الحياة العامة في مدينة خنشلة قرب الحدود مع تونس. قالت مصادر محلية أن عشرات الشباب الغاضبين أحرقوا، مساء الأحد، مقر البلدية وبعض المنشآت الحكومية الأخرى في ولاية خنشلة 600 كلم شرق الجزائر. وهذه أخطر موجة عنف خارج منطقة القبائل منذ سنوات. وقالت مصادر مطلعة بعد ظهر امس ان المواجهات أوقعت عشرات الجرحى من قوات مكافحة الشغب في حين اصيب متظاهر بجروح خطرة بعد إصابته بقنبلة مسيلة للدموع. وقال شاهد عيان أن عدداً من العسكريين قدموا إلى حي بوزيد وسط مدينة خنشلة، مساء الأحد، وبدأوا باستفزاز بعض المارة قالت مصادر أخرى أن بعض المدنيين تعرض للضرب بالأحزمة العسكرية الأمر الذي دفع العديد من الشبان الى الرد بتهشيم واجهات المحلات وبعض المرافق العمومية. ثم تطور الأمر الى تظاهرة قرابة العاشرة ليل الأحد - الاثنين إلى مقر الولاية "ضد الحقرة والإقصاء". وأفادت مصادر متطابقة أن مواجهات شديدة نشبت بين قوات الأمن وعشرات الشباب الغاضبين الذين خرّبوا منشآت حكومية بعد اعتقال عدد منهم إثر "مناوشة" مع فرقة تابعة للجيش الجزائري يُزعم بانها اعترضت فتاة من المنطقة بهدف التحرش والاعتداء عليها. وقال شاهد أن المواجهات استمرت أمس، وان قوات مكافحة الشغب التي انتقلت إلى المنطقة بكثافة، استخدمت الغازات المسيلة للدموع. لكنه اضاف ان ذلك لم يُخفف من حدة المواجهات، وان إصابات سُجّلت في صفوف المتظاهرين. ولفت الى تخريب العديد من المنشآت الحكومية. وقال شهود آخرون ان بعض الشباب نصب أمس متاريس في الشوارع الرئيسية للمدينة وأحرق العجلات المطاط لمنع قوات مكافحة الشغب من الاقتراب منهم. وشُلّت حركة المواصلات مع هذه المدينة القريبة من الحدود التونسية بسبب قطع الطريق الوطني الذي يعبر الولاية، في حين اضطر غالبية التجار إلى اغلاق محلاتهم بسبب تردي الوضع وانعدام الحركة في الشوارع التي خلت إلا من المتظاهرين وقوات الأمن. وبسرعة كبيرة تحولت خنشلة مدينة بلا حياة ووصفها بعضهم بأنها "مدينة أشباح" إقتُلعت منها علامات المرور والإشارات الضوئية التي نُصبت كحواجز على الطرقات لمنع تقدم شاحنات قوات الأمن. ولم تحدد المصادر الرسمية حتى المساء أسباب أعمال التخريب في خنشلة. لكن "وكالة الأنباء الجزائرية" الرسمية نقلت عن "مصدر عليم" أن "أسباب اندلاع أعمال الشغب هذه ما زالت غير واضحة، كما لم يتضح مدبروها". ونسبت اليه تأكيده أن مجموعة من الشباب "تشكلوا في مجموعات وأخذوا يحطمون مقرات بعض المؤسسات العمومية". وأوضحت الوكالة ان هؤلاء "أضرموا النار في مقرات وكالة سونلغاز والبلدية ووكالة الضرائب المجاورة للبلدية وهشموا واجهات وكالة القرض الشعبي ورشقوا الباب الخارجي للولاية بالحجارة" وان "كل الإدارات العمومية أغلقت كما أغلق التجار محلاتهم ومقاهيهم وانسحبت سيارات الأجرة من المدينة". ونفت قوات الدرك بعد ظهر امس ان تكون السبب في الاضطرابات التي تشهدها خنشالة. واعلن مسؤول الاتصالات في مديرية الدرك الوطني اسماعيل حلاب لوكالة "فرانس برس": "لم نقم بتوقيف اي شخص ولم تقع اي مواجهة او حتى مشادة بين عناصر درك باللباس المدني وشبان في خنشالة. ولا علاقة لنا بهذه القضية". لكن حلاب لم يوضح سبب نشوب الاضطرابات. ومعروف أن خنشلة تعرف منذ سنوات طويلة درجة عالية من البطالة وندرة شديدة في المساكن. وثمة عامل مشترك بين الأحداث في ولايات القبائل وولاية خنشلة وهو أن المواجهات جرت كرد فعل على تجاوزات يُزعم بان عناصر من أجهزة الأمن قاموا بها. إلى ذلك، قاطع منتخبو ولاية تيزي وزو الوزير المنتدب لدى وزارة الداخلية المكلف الجماعات المحلية السيد دخو ولد قبلية، إحتجاجاً على مواقف الحكومة الجزائرية التي تجد صعوبة في التقرب من سكان منطقة الذين يُصرّون على رفض الحوار معهم لتهدئة الأوضاع من دون استجابة مطالبهم. ووجهت السيدة لويزة حنون، الناطقة باسم حزب العمال، نداء إلى الجزائريين ل "العمل من اجل منع الإنزلاقات المحدقة بالجزائر". ودعت في مؤتمر صحافي مساء الأحد الى "اجتماع عاجل" للبرلمان لمناقشة الأوضاع. ورأت ان "تسارع الأحداث يستدعي اليوم العمل بسرعة من أجل حماية وحدة التراب الوطني والوحدة الوطنية" من خلال "الاعتراف بالأمازيغية لغة وطنية ورسمية والعمل الموحد لمواجهة التفكك الذي يهدد الوطن".