} استمر التوتر الشديد أمس في ولايات القبائل الجزائرية. وحصلت تظاهرات في مناطق عدة وأُغلقت طرق رئيسية، في حين سُجّل سقوط قتيلين وعشرات الجرحى في المواجهات المتجددة مع قوات الامن. وتُشكّل هذه التطورات نكسة لجهود الحكومة، على أكثر من مستوى، لوضع حد لهذه المواجهات التي دخلت أمس شهرها الثاني. عزلت ولاية بجاية 300 كلم شرق العاصمة الجزائرية عن العديد من المناطق الاخرى أمس. وتحدث شهود من المنطقة عن تظاهرات جديدة ونصب متاريس وغلق طرق تؤدي الى الولايات المجاورة، خصوصاً ولاية جيجل. وأُرغم العديد من المسافرين الى ولايات شرق البلاد، عبر الطرق الساحلية، على العودة من حيث جاؤوا. واضطرت عشرات الحافلات والسيارة المتجهة إلى العاصمة من ولاية سطيف الى تغيير وجهة سيرها، في حين شُلّت الحركة على الطرقات في العديد من مدن الولاية. وأشارت مصادر متطابقة الى مقتل شخص وجرح اكثر من أربعين آخرين في مواجهات جديدة في عدد من مناطق الولاية احتجاجاً على "القمع" الذي لجأت إليه الحكومة لوضع حد لاحتجاج الشبان على وضعهم المعيشي والتهميش الاجتماعي والثقافي لسكان المنطقة. ونشرت صحف ان القتيل البالغ نحو خمسين عاماً من العمر قضى اختناقاً بالغاز المسيل للدموع الذي استنشقه خلال مواجهات الثلثاء في ازازغا قرب تيزي وزو مئة كلم شرق العاصمة حيث رشق المتظاهرون قوى الامن بالحجارة، فرد هؤلاء باطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. كما توفيت فتاة صغيرة اختناقاً بالغاز المسيل للدموع في باكارو. وتشهد بلديات عديدة في بجاية عودة لعمليات التخريب التي تستهدف منشآت حكومية. ويُلاحظ أنها تتوسع إلى بقية المناطق، في ظل أوضاع توحي بإمكان تفجر الوضع من جديد. وفي تيزي وزو، نظّم عدد كبير من صحافيي هذه الولاية "مسيرة صامتة" إحتجاجاً على قانون العقوبات الذي فرضته الحكومة، خصوصاً على رجال الصحافة والسياسة، في شأن المس برموز الدولة، كتابة أو تصريحاً. والتحق بهذه المسيرة مئات الشبان الذين تجمعوا أمام قصر العدل، قبل أن يتوجهوا إلى مستشفى المدينة لوضع باقة زهور ترحماً على أرواح ضحايا المواجهات الأخيرة. وفي خطوة جديدة للضغط على الحكومة، قرر وزيرا "التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية" المنسحبان من الحكومة ترك مكتبيهما من دون انتظار تعيين الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أعضاء حكومته الجديدة. وأُفيد ان رئيس الحكومة السيد علي بن فليس إضطر أمام تهديدات الوزيرين ينتميان الى الحزب البربري الذي يقوده سعيد سعدي، إلى تعيين وزير الشباب والرياضة السيد عبد المالك سلال وزيراً بالنيابة للأشغال العمومية بدل السيد عمارة بن يونس وتعيين وزير الموارد المائية السيد سليم سعدي في منصب وزير النقل بدل السيد حميد لوناوسي. ولا يُعرف سبب تأخر رئيس الجمهورية في إجراء تغيير حكومي متوقع منذ فترة، لكن إشاعات تتردد من حين الى آخر تفيد ان قائمة الوزراء الجديد لا تزال محل تشاور بين الرئاسة وقيادة الجيش التي يمكن ان تكون لديها تحفظات عن بعض الأسماء. وبادرت الحكومة ليل الثلثاء - الأربعاء الى تلبية أحد مطالب سكان منطقة القبائل. إذ أعلنت تأجيل امتحانات البكالوريا إلى 28 تموز يوليو المقبل لطلاب ولايتي تيزي وزو وبجاية و"بعض دوائر الولايات المجاورة". ورفضت "الحركة الثقافية البربرية" قرار الحكومة وطالبت بإجراء امتحانات على دورتين. لكن وزارة التربية رفضت ذلك. وكان يوم الثلثاء شهد مواجهات شديدة بين متظاهرين وقوات مكافحة الشغب في أوقاس 35 كلم شرق ولاية بجاية. وأُفيد ان المدينة عُزلت عن بقية الولاية بمتاريس وإطارات مطاط اشعلها المتظاهرون. كذلك أُفيد ان أحداث عنف مماثلة، لكن أقل حدة، في البلديات المجاورة خصوصاً في برج ميرا وخماتة والقصر.