} استمر الهدوء مخيّماً أمس على العديد من مناطق القبائل في الجزائر، في حين شهدت العاصمة مسيرة ضخمة دعت اليها جبهة القوى الإشتراكية بزعامة السيد حسين آيت أحمد. ودعا مسؤول حكومي سابق السلطات الى اجراء انتخابات رئاسية مبكرة. شارك نحو 150 ألف متظاهر في مسيرة "الأمل الديموقراطي" التي دعت إليها جبهة القوى الاشتراكية وجابت أبرز شوارع العاصمة. وجاءت هذه المسيرة الضخمة مع دعوة رئيس الحكومة السابق السيد أحمد بن بيتور إلى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة. وأُفيد أمس ان بن بيتور قدّم مذكّرة ضمّنها اقتراحات سياسة للخروج من الازمة. ودعا فيها الى "فترة حكم انتقالي" برئاسة الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة الذي تُسند اليه مهمة تنظيم انتخابات مبكرة في حزيران يونيو 2002. وكان بن بيتور الذي تنحى من رئاسة الحكومة العام الماضي إثر خلافات شديدة بينه وبين رئيس الجمهورية، شنّ أخيراً حملة انتقادات لاذعة لبوتفليقة. وسارت تظاهرة ضمت بين 150 و200 الف في شوارع العاصمة احتجاجاً على أسلوب الحكومة في إدارة الأوضاع في منطقة القبائل. ولبّى هؤلاء دعوة جبهة القوى الاشتراكية الى مسيرة "الأمل الديموقراطي" التي انطلقت من ساحة الوئام المدني أول ماي في اتجاه ساحة الشهداء. وشارك فيها قياديون في حزب العمال وبعض الأحزاب والتنظيمات الأخرى. وتوافد مئات الشباب من منطقة القبائل على العاصمة منذ الساعات الأولى للصباح. وأُغلقت طرق عدة لتمكين المتظاهرين من الوصول الى ساحة أول ماي. ولوحظ ان قوات الأمن انسحبت بعيداً عن قوافل المتظاهرين الذين رفع بعضهم شعارات منددة بالحكم وبالرئيس بوتفليقة. ونزع آخرون قمصانهم واقتربوا من عناصر الأمن وشتموهم بعبارات نابية. كذلك تعرض بعض المارة في شارع عميروش قرب مقر الأمن المركزي لعبارات بذيئة كادت تؤدي الى مواجهة. لكن منظمي المسيرة بذلوا جهوداً خارقة لتفادي حصول مشادات بين المتظاهرين والمواطنين الذين كانوا يتابعون المسيرة على جانبي الطريق. وجددت جبهة القوى الاشتراكية أمس مطالبها التسعة التي رفعتها إلى الرئيس الجزائري ومنها "الانسحاب الفوري اللا مشروط للحشود الأمنية" و"سحب فرق الدرك المتورطة في الإغتيالات" و"توقيف ومحاكمة مدبري ومنفذي الاغتيالات" و"الاعتراف السياسي بقانون أساسي لضحايا القمع الدموي". وكان الحكم استجاب، قبل أسبوع، لستة من هذه المطالب مثل السحب التدريجي لبعض الوحدات المكلفة قمع الشغب، ونقل أفراد الدرك المتورطين في قتل المدنيين الى مناطق أخرى، واعلان دورة ثانية للبكالوريا لطلاب منطقة القبائل. وأفادت مصادر مطلعة أن الرئيس الجزائري طالب لجنتي التحقيق الوطنية والبرلمانية في أحداث القبائل ب "التعجيل بوضع الخلاصات" عن المسؤولين في الدولة الذين يشتبه في تورطهم في أحداث العنف الأخيرة. وتعهد "إنزال أقصى العقوبات" على المسؤولين في الدولة الذين ترد أسماءهم ضمن قائمة المتورطين بأحداث القبائل أو الذين تساهلوا في حفظ أرواح الشباب. أعمال التخريب وكانت منطقة عين بنيان في العاصمة شهدت، مساء الأربعاء، مواجهات بين قوات مكافحة الشغب وبعض المتظاهرين الذين تجمعوا للاحتجاج على أسلوب القمع الذي تعتمده الحكومة في التعامل مع ظاهرة تخريب المنشآت الحكومية. وأوقعت المواجهات 50 إصابة في صفوف المتظاهرين. وكانت جامعة بوزريعة شهدت مساء الثلثاء أعمال عنف وتخريب بعد رفض قوات الأمن السماح للطلاب البربر بالتظاهر وسط المدينة. وأدت المواجهات إلى إصابة ما يزيد على ستين طالباً و15 عنصراً من قوات مكافحة الشغب. وفي تيزي وزو مئة كلم شرق العاصمة استمر الهدوء في غالبية مناطق الولاية، فيما عرفت مناطق أخرى فيها، مثل ذراع بن خدة وتادمايت، مواجهات جرت بعد دفن بعض ضحايا المواجهات. ففي ذراع بن خدة فقد دركي عينيه وجرح أربعة آخرون إثر إصابتهم بحروق شديدة ناجمة عن قنابل حارقة ألقى بها في ساحة مقر الدرك بعض الشباب الذين تظاهروا مباشرة بعد تشييع جنازة أحد الشباب. وفي بجاية 300 كلم شرقاً عم الهدوء أرجاء الولاية على رغم مواجهات في بعض المناطق، كذلك عاد الهدوء الى مدينة البويرة 120 كلم شرق العاصمة. الى ذلك، ندد زعيم حركة مجتمع السلم الشيخ محفوظ نحناح بما وصفه ب "صمت السلطة" إزاء أعمال التخريب التي طالت المنشآت والممتلكات العمومية في بعض الولايات. ودان سياسة "الكيل بمكيالين التي تنتهجها السلطة وأدعوها إلى العدل بين المواطنين".