توسعت أمس دائرة المواجهات في ولايات منطقة القبائل في الجزائر، وسُجّلت عمليات تخريب واسعة وقلع أعمدة كهرباء لنصبها حواجز تعيق تحرّك قوات الأمن. تحدّثت وكالة الأنباء الجزائرية أمس عن "خسائر واضرار مادية جسيمة" في ولاية البويرة التي امتدت اليها عدوى الإضطرابات التي تشهدها ولايات القبائل منذ الشهر الماضي والتي اسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. وأشارت الوكالة الرسمية الى "اعمال شغب وتخريب عرفتها مدن بشلول والاصنام وحيزر في ولاية البويرة". وذكرت أن بلدة الأصنام "شهدت ليلاً حرق العديد من الهياكل والمرافق العمومية بما فيها مقر البلدية والحظيرة وممتلكات عمومية أخرى. ومست أعمال التخريب إشارات المرور وأعمدة الهاتف وتجهيزات عديدة، علاوة على حصول اضطرابات كبيرة في حركة السير وانقطاعها تماماً على الطريق الوطني الرقم 5". وفي بلدية حيزر، أُحرق مقر حزب جبهة التحرير الوطني الذي يشتمل على اربعة مكاتب اتلفتها النيران بالكامل. كذلك أُضرمت النار في مركز تابع لبلدية حيزر. وفي بلدية بشلول، استهدفت اعمال الشغب تخريب اقامة رئيس الدائرة والاعتداء على ممتلكات عمومية أخرى. وقدرت وكالة الأنباء الرسمية أن "الاوضاع ما زالت تنذر بالخطر". ونقلت وكالة "فرانس برس" عن سكان في ولاية بجاية 300 شرق العاصمة ان المواجهات تجددت بعد الظهر بين شبان متظاهرين وفرق مكافحة الشغب بعد فترة صباحية هادئة تميزت بمسيرة سلمية للطلاب. وعمد المتظاهرون الى تخريب مبان حكومية في عاصمة منطقة القبائل الصغرى. واقتلعوا اعمدة الكهرباء ليستخدموها في اقامة الحواجز مما ادلى الى شل تحرك رجال الأمن الذين اطلقوا القنابل المسيلة للدموع في محاولة لتفريق المشاغبين الذين تجمعوا في الشوارع ورشقوا الحجارة ومقذوفات مختلفة. كذلك خرّب المشاغبون بعض السيارات التي حاول اصحابها المغامرة بالمرور في الشوارع التي تحولت الى "ساحة معركة". وقطعت شوارع عدة في منطقة القبائل الصغرى بسبب الحواجز. ففي واد قير 10 كلم غرب بجاية، قطع المتظاهرون الطريق بسكك حديد. واعلن احد السكان ان "كاسحة الثلج التابعة للشرطة والتي حاولت المرور بالقوة انقلبت". وكانت مواجهات الخميس والجمعة في منطقة القبائل اوقعت اربعة قتلى في صفوف المتظاهرين. وقتل دركي ايضا في بوزقين في منطقة القبائل الكبرى بالقرب من تيزي وزو 110 كلم شرق العاصمة، بحسب صحيفة "ليبرتيه". واندلعت اعمال الشغب في منطقة القبائل بعد مقتل احد الطلاب في 18 نيسان ابريل داخل مقر للدرك في بني دوالة قرب تيزي وزو. ورأت "فرانس برس" في تقرير أمس ان الاضطرابات بدأت تتخذ شكل المواجهة التي تتصاعد باستمرار بين قوات الامن والمتظاهرين في حين تلوذ السلطات المركزية التي تخشى انتقال عدوى الاضطرابات الى كامل البلاد بالصمت. وقالت انه منذ بدء الاضطرابات لم يثر الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الموضوع الا مرة واحدة في خطبه، في حين ظل رئيس الوزراء علي بن فليس صامتاً خلال كل هذه الفترة. واشارت صحيفة "ليكسبرسيون" اليومية السبت الى ان الرئيس الجزائري الغى زيارة الى جاكرتا للمشاركة في قمة مجموعة ال15، في حين الغى بن فليس زيارة الى ليبيا. وكان بوتفليقة اعلن في 30 نيسان ابريل، في محاولة لتهدئة الوضع، تشكيل لجنة تحقيق برئاسة محند إسعاد رجل القانون المشهور وذلك لتقصي الحقائق حول الاحداث "المأسوية" التي شهدتها منطقة القبائل مؤكدا انه فهم "معنى الاحتجاج". على ان نداءاته الى الهدوء والحوار لم تجد اذانا صاغية لدى المتظاهرين الشبان الفاقدين الامل والافاق الاجتماعية، فيما لم يلق تشكيل لجنة التحقيق حماسة السكان. ويطالب الاهالي علاوة على وضع برنامج اجتماعي طارىء لهذه المنطقة الجبلية الفقيرة بالرحيل "الفوري" و"غير المشروط" لعناصر الدرك المتهمين بتجاوزات خطيرة واستبدالهم بعناصر شرطة. ويبدو تحقيق مثل هذا الطلب صعب المنال من السلطات التي اكتفت حتى الان بحركة نقل بين عناصر جهاز الامن بالمنطقة. واستُبدل 75 في المئة من عناصر الدرك في ولاية بجاية في منطقة القبائل الصغرى حسبما ذكر الجمعة قائد اركان الدرك بالمنطقة العسكرية الخامسة. ويبدو ان استبقاء الدرك يزيد من حدة التوتر بحسب الصحف، إذ يعمد عناصر الدرك الى اثارة المتظاهرين للقيام بقمعهم بحدة بعد ذلك. وتحدثت صحيفة "لوماتان" اليومية السبت عما اسمته ب "انتقام الدولة"، مشيرة الى ان "عناصر الامن يطلقون النار صوب المنازل وينهبون محلات التجارة ويضربون الجرحى" وان فرق مكافحة الشغب "تتعدى على حرمة المنازل وتتفوه ببذيء الكلام تجاه النسوة وترمي القنابل المسيلة للدموع صوب النوافذ". واتهمت الصحيفة السلطة بغض الطرف عن هذه التجاوزات بهدف "القضاء على الانتفاضة ومنعها من الانتقال الى كافة البلاد". واعتبرت صحيفة "ليبرتيه"، من جانبها، ان "تأزيم الوضع" كان مقصوداً من السلطة وان "اعمال العنف المسجلة في نهاية الاسبوع الخميس والجمعة في الجزائر تظهر ان السلطة اعطت تعليماتها بالقضاء على الحركة البربرية".ورأت صحيفة "الوطن" ان "صمت السلطة لا ينبىء بخير".