رأى رئيس الوزراء الياباني جونيتشيرو كويزومي ان نسب شعبيته في استطلاعات الرأي العام بعد تشكيل حكومته الجديدة منذ شهر والتي زادت عن ثمانين في المئة "مرتفعة جداً وستبدأ بالانخفاض"، لهذا سيبذل اقصى مساعيه كي لا تقل عن خمسين في المئة، بحسب تصريح كازوهيكو كوشيكاوا الناطق باسمه. ورداً على سؤال: لماذا يهدف كويزومي الى إنقاص شعبيته وليس رفعها الى 99،99 في المئة التي يتمتع بها بعض القادة في العالم؟ اجاب الناطق: "لا اعتقد أن كويزومي مقتنع بنسبة 99،99 في المئة لأنها غير واقعية وتحصل فقط في الدول الديكتاتورية التي يحكمها فرد متسلّط على شعبه". ومنذ توليه رئاسة الوزراء حظي كويزومي بشعبية كبيرة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البلاد، سجلت ما بين 85 في المئة و91 في المئة في مختلف الاستطلاعات. وقال كوشيكاوا: "يدرك كويزومي رغبة الشعب في الإصلاح والتغيير وأن هذه النسب العالية تعكس التوقعات الكبيرة التي يتأملها اليابانيون منه. ومستويات الدعم تنقلب فجأة، لذا يحب الحذر". وأضاف ان كويزومي "في سباق مع الزمن ليضع موضع التنفيذ سياساته الاصلاحية". وعزا معظم المستطلعين سبب تأييدهم الى "شخصية كويزومي ووجوده في القيادة" أو الى "السياسات التي يتبناها" مثل رفضه تقديم استئناف ضد حكم قضائي يتهم الحكومة والمجلس النيابي بانتهاك حقوق الانسان لمرضى الجذام ودفع تعويضات لهم. كما "تجرأ" كويزومي على الدعوة الى اعادة النظر في نظام استخدام عائدات الضرائب المفروضة على الطرق في ما يشبه المحرمات بالنسبة الى كهول الحزب الديموقراطي الليبرالي الذين يعتمدوا على التبرعات السياسية من الشركات المستفيدة من هذا النظام، متحدياً في شكل مباشر سياسات حزبه التقليدية بوضع الاولوية لإنعاش الاقتصاد. وقال كويزومي انه سيهتم اكثر بتنفيذ اصلاحات هيكلية وتقييد الموازنات الاضافية التي زادت على مدى العقد الماضي عن ترليون دولار من دون نتائج مباشرة بل في الواقع ساهمت في تراكم عجز الموازنة اليابانية. واستعداداً لخوض انتخابات مجلس المستشارين في تموز يوليو المقبل، يتدارس الحزب الحاكم حالياً إمكان عقد انتخابات للمجلس النيابي في الوقت نفسه، مستفيداً من شعبية كويزومي. ومنذ شهر فقط كانت كلمة "انتخابات" تمثل كابوساً لهذا الحزب الذي كان برئاسة يوشيرو موري رئىس الوزراء الأقل شعبية في تاريخ اليابان. وما يطمئن الديموقراطيين الليبراليين، انخفاض متواصل في شعبية احزاب المعارضة واستفحال ازمة الهوية والمصير التي تعانيها هذه الاحزاب ولا سيما بعد مجيء كويزومي. وكانت المعارضة تعتمد تقليدياً في استقطاب التأييد الجماهيري على انتقاد الحزب الحاكم، وقدوم شخصية محبوبة مثل كويزومي الى رئاسة الحكومة أفقد هذه الاحزاب ورقة مهمة في مسعاها للوصول الى الحكم، لا سيما وان معظم الموالين لهذه الاحزاب يؤيدون كويزومي شخصياً بحسب الاستطلاعات. وفي نهاية الشهر الماضي، اكتسح كويزومي انتخابات رئاسة حزبه معقل السياسات التقليدية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تقريباً بأسلوب "ثوري" تحت شعار "تغيير اليابان... تغيير الحزب الديموقراطي الليبرالي". واختار وزراءه بعيداً من التوازنات التقليدية التي تقسم المراكز "بحسب الدور". كما تجاوز كويزومي منذ توليه مركزه "محرمات سياسية" مثل دعوته المباشرة الى تعديل تفسير المادة التاسعة من الدستور المتعلقة بالدفاع الشمولي والاعتراف الدستوري بالقوات اليابانية. وينتمي كويزومي، الذي يتميز بتصريحاته المباشرة، الى الجيل الثالث في عائلة سياسية مخضرمة من محافظة كاناجاوا قرب طوكيو تولى فيها أبوه وجدّه مراكز وزارية. وانتخب اول مرة للمجلس النيابي في عام 1972 وهو في سن الثلاثين وأعيد انتخابه تسع مرات. ويهوى الأوبرا ومسرح الكابوكي الياباني والأدب التاريخي. ويقول انه يستمتع بالوحدة ويقضي أيامه في المنزل يستمع الى الموسيقى. "ارتفاع شعبيته يعني ارتفاع الضغط النفسي الذي يتعرض له كي ينفذ المسؤوليات التي يتأملها الشعب" بحسب وصف الناطق لشعور رئىس الوزراء الياباني الذي "كل ما يهمه حالياً هو تأكيد مصداقية وعوده الانتخابية".