استؤنفت المواجهات بين المتظاهرين الشبان وشرطة مكافحة الشغب أمس في تيزي وزو عاصمة القبائل الكبرى في حين ساد هدوء هش في بجاية عاصمة القبائل الصغرى. وأُفيد ان المجلس الأعلى للأمن، برئاسة رئيس الجمهورية، لم يستطع في اجتماعاته المتواصلة حسم الخيارات المعروضة عليه لمعالجة الأوضاع في مناطق القبائل، بما في ذلك إيفاد قوات من الجيش، في حين اعتبر الاتحاد الأوروبي ان أحداث القبائل قد تكون مرتبطة ب "وضع الأقليات" في الجزائر. راجع ص 6 وقال شهود ان مواجهات عدة حصلت أمس في تيزي وزو على بعد 110 كيلومترات شرق العاصمة الجزائرية وتركزت في احياء "لي جيني" وبوعزيز ومدوحة. وبدت شوارع المنطقة مغطّاة بالحجارة والحصى ومقذوفات أخرى. كذلك استؤنفت المواجهات في تيزي راشد وبني دوالة التي انطلقت منها شرارة العنف بعد مقتل طالب في 18 نيسان ابريل الماضي في مخفر للدرك. وعزلت بني دوالة، البلدة الصغيرة التي تبعد نحو 15 كيلومترا عن تيزي وزو، طوال نهار الاحد، عبر طوق أمني مكثف منع الناس من الدخول والخروج منها. وفي منطقة القبائل الصغرى، شارك الاف الاشخاص في مسيرة في ابكو على بعد نحو خمسين كيلومتراً جنوب غربي بجاية ورددوا شعارات تندد ب "السلطة القاتلة". وانقذ منظمو المسيرة حياة ثلاثة من رجال الأمن وقعوا في ايدي عدد من المتظاهرين الذين ارادوا ضربهم. وفي بجاية، غطت شوارع الحجارة والحصى والنفايات وهياكل السيارات المحروقة بعد مواجهات استمرت بعد ظهر الاحد وقسماً من الليل. وأُفيد ان المجلس الأعلى للأمن، لم يحسم حتى مساء الأحد، في الخيارات المعروضة عليه لمعالجة الأوضاع في منطقة القبائل، بما في ذلك إرسال الجيش. ويرأس الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، منذ الخميس الماضي، جولة جديدة من اللقاءات المكثفة للمجلس حضرها بعض أعضائه مثل رئيس الحكومة السيد علي بن فليس ورئيس الأركان الفريق محمد العماري ومدير جهاز الاستعلامات والأمن المخابرات العسكرية اللواء محمد مدين "توفيق". وغاب عن هذه الاجتماعات وزير الداخلية السيد يزيد زرهوني الموجود في أميركا لإجراء فحوص طبية ووزير العدل السيد أحمد أويحيى. وفي بروكسيل ا ف ب، قال الناطق باسم المفوض الاوروبي للعلاقات الخارجية كريس باتن ان ازمة منطقة القبائل تعود الى "اسباب بنيوية واقتصادية واجتماعية وربما بسبب وضع الاقليات" في البلاد. واكد ان هذه الاحداث ليس لها تأثير على المفاوضات الجارية بين الاتحاد الاوروبي والجزائر على ابرام اتفاق شراكة. واضاف ان "تطوراً لافتاً" تم تحقيقه في هذه المفاوضات التي يأمل الطرفان باختتامها بحلول نهاية العام. وفي باريس، اعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية فرانسوا ريفاسو "ان استمرار الوضع في التوتر في منطقة القبائل يدل على ان التوصل الى حل سياسي ضروري جدا"، معيدا الى الاذهان تصريحات وزير الخارجية هوبير فيدرين، في مطلع الشهرامام البرلمان والتي قال فيها: "لا يمكننا ان نبقى صامتين امام هذه الاحداث وامام عنف هذا القمع. ان حل هذه المشكلة المعقدة والخطيرة يأتي عبر الحوار السياسي".