أعلن الدرك الجزائري، الجهاز الأمن التابع للمؤسسة العسكرية، استكمال عودة وحداته في شكل كامل إلى منطقة القبائل التي تضم ولايات تيزي وزو وبومرداس والبويرة وبجاية. وأفاد الجهاز بأنه لمس لدى سكان القرى المعزولة في المنطقة رغبة في عودة كتائب الدرك بعد انسحابها في عام 2001 في أعقاب المواجهات التي عرفتها منطقة القبائل بين المواطنين وقوات الدرك. وأعلن العقيد سالم بن عزوز، قائد مجموعة الدرك الجزائري في ولاية تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة)، تجهيز 29 كتيبة سيتم نشرها خلال العام الحالي بناء على طلبات سكان المنطقة. ولمّح إلى أن العودة ترتبط ب «مساعدة المواطنين»، في إشارة إلى سنوات خلت وجد الجهاز نفسه غير مرحب به في المنطقة، ما خلّف انتشاراً واسعاً للجريمة وعمليات السطو وحضوراً لافتاً لعناصر «إرهابية». وأُفيد بأن الجهاز تجاوب مع مطالب قرى نائية عدة، مثل «واد عيسى» و «إسياخم أومدور» و ومكيرة»، بالعودة إليها. ويتميّز الحضور العمراني في تيزي وزو بكثرة البناءات القروية في المناطق الجبلية النائية حيث يستمر السكان في العيش وفق تقاليد ورثورها عن أجدادهم. وسهّل غياب جهاز الدرك عن تلك المناطق النائية تعرّض سكانها لابتزاز متواصل، كما تقول السلطات الجزائرية، من «عناصر إرهابية» تتبع تنظيم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» الذي تحوّل إلى «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». وحدد قائد الدرك في ولاية تيزي وزو العقيد سالي معزوز عدد الكتائب الجديدة ب 29. وقال إن قيادة الدرك الوطني تريد نشر كتيبة واحدة في كل بلدية من البلديات ال 67 للولاية، إذ تبلغ نسبة تغطية الدرك لولاية تيزي وزو حالياً 45 في المئة، وهي نسبة لا تغطي سوى نصف مساحة الولاية التي تعتبر قلب منطقة القبائل الصغرى. وفي وقت سابق، تطابق صوت السكان تحت ضغط ما عُرف ب «حركة العروش» مع صوت أحزاب المعارضة على رفض عودة هذه القوات إلى المنطقة منذ أن غادرتها قبل تسع سنوات، بحجة أنها كانت سبباً في وفاة أحد أبناء المنطقة. وتبعت وفاة الشاب على يد عناصر الدرك أعمال عنف دامية في ما عُرف ب «الربيع الأسود» بدءاً من 14 يوليو (تموز) 2001. ويُصنّف جهاز الدرك الجزائري على أنه أكثر المؤسسات العسكرية قدرة على العمل في الأوساط الحضرية، وصفوفه مكوّنة في شكل جيد وتتلقى تدريباً عسكرياً وقانونياً واسعاً. وعلى رغم انتماء الجهاز إلى المؤسسة العسكرية (يتبع وزارة الدفاع وليس وزارة الداخلية) فإن تواجده يكون في المدن والقرى البعيدة، ويشتمل نشاطه على حفظ الأمن والرقابة على حركة المرور ومحاربة الجرائم والإرهاب والبحث العلمي والجنائي. وتشير أرقام الجهاز إلى نوع القضايا التي استشرت في غيابه عن منطقة القبائل، وأوّلها جرائم الاختطاف التي استهدفت خصوصاً عائلات الأثرياء وكذلك المقاولين والتجار. وذكر مسؤول الدرك أن هذه العمليات اختص بها «الإرهابيون» و «انتقلت عدواها إلى بعض المجرمين». وكشف أن «جهاز الدرك يقوم تدريجياً بتزويد المجموعات الولائية للدرك الوطني، بخلايا أمنية للتحري والتصدي للجريمة على الأرض من خلال توقيف المتهمين وتحويلهم في ما بعد لاستكمال الإجراءات» أمام الأجهزة المعنيّة. وتلقت هذه الخلايا تدريباً في دول أوروبية آخرها في فرنسا قبل نشرها في المناطق الجزائرية. وعُلم أن وزارتي الدفاع والداخلية درستا معاً مئات العرائض التي تحمل توقيعات ممثلي لجان القرى ووجّهت إلى الوزير نور الدين يزيد زرهوني والمدير العام للأمن الجزائري والقائد العام للدرك، وتناشد هذه العرائض تدخل قوات الأمن في المنطقة بعد تسجيل تدهور أمني وظهور «الجريمة المنظّمة» التي لم تعرفها منطقة القبائل في وقت سابق ومنها عمليات الخطف وسرقة السيارات والاتجار بالمخدرات.