خفت حدة المواجهات صباح أمس بين السكان وقوات الأمن في مناطق القبائل في الجزائر، وسط توقعات بأن يُعلن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إجراءات لمصلحة الأهالي البربر. استمرت أمس الاشتباكات بين متظاهرين من الشباب البربر وقوات مكافحة الشغب في ولايات منطقة القبائل. وعلى رغم تراجع حدتها صباحاً، إلا ان الأنباء أفادت بعد الظهر انها اشتدت لاحقاً في تيزي وزو وبجاية. وهي توسّعت لليوم الثاني الى العاصمة التي شهدت كلّياتها تجمعات حاشدة تأييداً لمطالب البربر وتضامناً مع أرواح الضحايا. وأدى غلق معظم المحلات التجارية لليوم الثالث في منطقة القبائل إلى بداية نقص في المواد الغذائية، وتوقفت النشاطات الإدارية والمالية كلياً في العديد من المنشآت التي تعرّضت للتدمير أو الإتلاف. وأفيد أن شابين على الأقل قتلا في مواجهات مع قوات مكافحة الشغب، أمس، وأصيب عشرات حاولوا التظاهر في ولاية تيزي وزو مثل ذراع الميزان ومقلع. وقدرت مصادر سياسية وإعلامية حصيلة المواجهات منذ اندلاعها في 18 نيسان ابريل - عقب وفاة شاب اعتقلته قوات الأمن - بما يزيد على 65 قتيلاً ومئات الجرحى غالبيتهم من قوات مكافحة الشغب. لكن المصادر الرسمية قدرت عدد القتلى ب 32 فقط. وفي خطوة لتطويق المواجهات، كان متوقعاً ان يوجّه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ليلاً خطاباً إلى الأمة وصفته المصادر الرسمية ب "المهم" تناول فيه أساساً "الأحداث المأسوية" التي شهدتها ولايات تيزي وزو وبجاية والبويرة في الأيام الماضية. وكانت مصادر قريبة من الرئاسة رجحت أن يعلن بوتفليقة في الخطاب الذي سيبثه التلفزيون والإذاعة سلسلة من القرارات هدفها تطويق الاضطرابات. وقال بعض المصادر ان القرارات ربما تتناول توقيف عدد من المسؤولين المحليين في قيادة الأمن والدرك الوطني في منطقة القبائل. وقال وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد يزيد زرهوني في بيان رسمي انه "يعترف بأنه لم يتم إعلامه بنحو كاف بخصوص الشاب قرماح اندلعت الأحداث بعد وفاته على يد دركي الذي تأكد أنه طالب ثانوي فعلاً". وكان الوزير أخطأ على ما يبدو عندما وصف هذا الشاب ب "الصعلوك" خلال لقاء جمعه، مساء الأحد، مع ممثلي المجتمع المدني وشخصيات من مدينة تيزي وزو شرق العاصمة. وأكد شهود في منطقة القبائل ان موظفين في الإدارات المحلية عمدوا منذ الصباح إلى إبلاغ السكان بأن الرئيس بوتفليقة "سيتخذ قرارات لمصلحة المنطقة". المواجهات وتواصلت المواجهات أمس، لليوم التاسع، على رغم نداءات "التعقل والتحلي بالحكمة" التي وجهتها الأحزاب والبرلمان والجمعيات والتنظيمات المهنية. ولوحظ أن حدتها تراجعت في شكل واضح في المدن الكبرى مقارنة بيومي السبت والأحد. وفي الجزائر العاصمة، اضطرت قوات الأمن إلى استعمال القوة لمنع المتظاهرين من طلبة جامعة الجزائر بكل فروعها إلى البقاء في مقر الجامعة المركزية وسط العاصمة بعد محاولة الطلاب الخروج لتنظيم مسيرات احتجاجية وتضامنية في الشوارع الرئيسية. ورفع المتظاهرون شعارات معادية للسلطة منها "السلطة قتالة وليس الإرهابيون" يبدو ان هذا الشعار رد على تصريح السيد سعيد سعدي زعيم التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية اول من أمس في شأن وجود "إرهابيين" اندسوا وسط المتظاهرين. وفي ملحق الجامعة في بوزريعة وفي جامعة الحقوق في حي بن عكنون وفي جامعة العلوم والتكنولوجيا في باب الزوار 15 كلم شرق العاصمة تظاهر العشرات من الطلاب وحاولوا خرق الشريط الأمني الذي فرضته قوات الأمن لمنع الخروج إلى الشوراع. وأفيد أن قوات الأمن تلقت تعليمات شديدة بمنع تسرب التظاهرات إلى الشوارع. وفي تيزي وزو 100 كلم شرقاً وبعد هدوء صباحي عادت التظاهرات والمواجهات مع قوات الأمن مسببة مزيداً من الضحايا. وكما جرت العادة منذ أيام، بقيت المحلات مغلقة وسدت الطرق المؤدية إلى المدينة في وجه السيارات التي تحمل ترقيم العاصمة أو الولايات الأخرى. ولم تأذن بعد السلطات المحلية بإزالة حطام المباني والسيارات والشاحنات التي أحرقت. وفي خطوة للتصدي لأي حركة اضطراب جديدة، عززت قوات الجيش وجودها في المنطقة تحديداً في ثكنة المدينة بعد زيارة خاطفة قام بها إلى المنطقة اللواء شريف فضيل قائد الناحية العسكرية الأولى الذي عاين الوضع في المدينة قبل أن يطوف عبر أرجاء الولاية بطائرة مروحية حتى ساعة متقدمة مساء. وفي ولاية بجاية 300 كلم شرقاً، خيّم هدوء حذر صباحاً في انتظار كلمة الرئيس بوتفليقة. وترددت أنباء عن مواجهات في قرى نائية بعد اعتقالات في صفوف الشباب. وفي ولاية سطيف شرق، توالت أعمال العنف في بعض القرى النائية. وأفاد مواطنون من بلدة ذراع قبيلة في دائرة حمام قرقور، أمس، بأن متظاهرين أحرقوا مقر البلدية ومنشآت حكومية ومقار تنظيمات مؤيدة للحكم مثل فرع المنظمة الوطنية لقدامى المجاهدين. وفي البويرة 120 كلم شرقاً وجد العابرون الى مناطق الشرق صعوبة في قطع الطرق الرئيسية في الولاية التي تُعد خطاً ضرورياً للعبور نحو شرق الجزائر.