أحيت الانتفاضة الفلسطينية نوعاً جديداً من النشاط الأهلي - المدني في سورية، تمثل في تنامي مطالب مقاطعة المصالح والبضائع الأميركية في البلاد بالتزامن مع تشكيل لجان وطنية وشعبية لدعم الانتفاضة مادياً. ويدرس نشطاء في "اللجنة الوطنية لمقاطعة المصالح الأميركية في سورية" فكرة إصدار مجلة شهرية تحمل اسم "المقاطعة" تستهدف جمع المعلومات عن الشركات الأميركية المطلوب مقاطعتها شعبياً. كما يعملون على إقامة معرض في شوارع دمشق لعرض 300 صورة "توضح مراحل تطور الصراع في الداخل الفلسطيني". وكان نحو 500 شخص من رجال الفكر وممثلي النقابات والاتحادات المهنية تجمعوا في نهاية العام الماضي، معلنين تشكيل "اللجنة" التي انبثقت عنها "هيئة التنسيق" تعمل على إصدار بيانات وملصقات دعائية ضد السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط. ونزل أكثر من مرة عدد من المثقفين والاقتصاديين إلى شوارع دمشق لاشعال "محرقة رمزية" لبضائع أميركية أمام السفارة الأميركية في العاصمة السورية. ودعت "اللجنة" في بيان صدر أخيراً "الشعب السوري الأبي لاستعادة دوره الرائد في حركة التحرر الوطني العربية، والانضمام إلى المقاطعة وإلى تشكيل لجان محلية لمتابعة ذلك". وارفقت البيان بقائمة من المنتجات الأميركية التي تشمل سجائر وسيارات وأجهزة كهربائية والكترونية. وبعد فشل مكتب المقاطعة العربية لإسرائيل في ترتيب اجتماع دوري للمكاتب الاقليمية منذ العام 1993، ركزت "اللجنة" على البضائع الأميركية. وقال سكرتير اللجنة الإعلامية فائز سارة ل"الحياة": "ان مقاطعة البضائع الإسرائيلية ليست في إطار الواقع العملي، لذلك نعمل على تنشيط الوعي لمقاطعة أي شركة لها موقف سياسي معادٍ للعرب والقضية الفلسطينية". ونظراً إلى اقتصار قيمة الصادرات الأميركية الرسمية إلى سورية على 226 مليون دولار العام الماضي بزيادة 30 في المئة عن العام 1999 لأسباب بينها القيود المفروضة على التبادل التجاري بسبب ادراج اسم سورية في القائمة الأميركية ل"الارهاب"، فإن أهمية هذه النشاطات تقتصر على البعد السياسي - الدعائي، خصوصاً أن العلاقات بين واشنطنودمشق شهدت تحسناً في العقد الماضي بسبب الدور الأميركي في مفاوضات السلام السورية - الإسرائيلية التي كادت أن تسفر عن اتفاق سلام بين تل أبيب ودمشق. ومع جهود مقاطعة المصالح الأميركية، برزت أيضاً نشاطات متعددة لدعم الانتفاضة الفلسطينية، إذ انبثقت لجنة وطنية سورية عن "اللجنة القومية لدعم الانتفاضة" التي نظمها اتحادا المحامين والعمال العرب قبل ثلاثة أشهر في دمشق. وشهد الأسبوع الماضي تشكيل "اللجنة الشعبية الدائمة لدعم الانتفاضة ومقاومة المشروع الصهيوني" التي عقدت في مبنى اتحاد نقابات العمال مؤتمراً موسعاً بهدف حشد الدعم وتوفير المساعدات المادية والمعنوية للانتفاضة. اللافت ان "الهيئة المرجعية" التي انبثقت عن المؤتمر، ضمت شخصيات رسمية وأخرى معارضة ورجال دين ومثقفين مستقلين بينهم العضو السابق في القيادة القطرية لحزب "البعث" الحاكم عزالدين ناصر وأعضاء القيادة المركزية ل"الجبهة الوطنية التقدمية" صفوان القدسي ويوسف فيصل ووصال فرحة، ورئيس "حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديموقراطي" المعارض حسن عبدالعظيم والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي ورئيس اتحاد غرف التجارة راتب الشلاح. لكن مواطنين يشيرون إلى صعوبات كبيرة وعدم توافر معلومات كافية عن كيفية ايصال المساعدات المالية والعينية إلى الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.