الغي الاستعراض العسكري الذي كان مقرراً أمس السبت في تبليسي لمناسبة الذكرى العاشرة لاستقلال جورجيا بسبب حركة تمرد قامت بها إحدى وحدات الحرس الوطني بسبب سوء الاوضاع المعيشية، احتوتها السلطات سلمياً. وأكد الرئيس ادوارد شيفاردنادزه ان منفذيها لن يحاسبوا. وكانت كتيبة من الحرس الوطني انسحبت من موقع مناورات عسكرية قرب العاصمة تبليسي واستولت على مدرعات وأسلحة خفيفة وتمركزت في غابات قريبة من المدينة. واعلنت السلطات بداية ان الحركة هي "محاولة انقلاب عسكري"، الا ان زوجات الضباط المشاركين في التمرد أكدن ان ازواجهن يطالبون بسداد مرتباتهم التي لم تدفع منذ عشرة أشهر وتلبية عدد من المطالب المعيشية الأخرى. ورفض المتمردون التفاوض مع وزير الدفاع أو وزير الداخلية، الا انهم وافقوا على الحديث الى قائد الحرس الوطني جمال كسوبوريدزه الذي تعهد نقل مطالبهم الى رئيس الدولة. ولاحقاً اجتمع شيفاردنادزه نفسه مع ضباط الكتيبة، وقدم إليهم ضمانات تكفل سلامتهم وعدم تعرضهم للمساءلة، وتعهد ايضاً تلبية مطالبهم التي قال انها معيشية فقط. وشدد على ان الدولة "تتحمل قسطها من المسؤولية لعجزها من معالجة المشكلات الاجتماعية". واثر ذلك عادت الكتيبة فجراً الى مواقعها، وسحبت وحدات الأمن والقوات الخاصة التي كانت ارسلت لتطويق مواقع الوحدة المتمردة. وكانت جورجيا شهدت خلال السنوات العشر الماضية التي اعقبت اعلان استقلالها عن الاتحاد السوفياتي عدداً من الانقلابات والتمردات العسكرية، اكبرها الانقلاب الذي اطاح الرئيس الشيوعي زياد غمساخورديا عام 1992. ولم يتمكن وزير الخارجية السوفياتي السابق الذي صار رئيساً لجورجيا من تحسين الاوضاع الاقتصادية التي حولت بلاده جمهورية فقر شامل. وعلى رغم تعهد شيفاردنادزه عدم اتخاذ اجراءات في حق الضباط المتمردين، فإن الجورجيين الذين يسمون الرئيس الحالي "الثعلب الأبيض" يشيرون الى انه كان أمر بملاحقة عدد من أقرب أنصاره واعتقالهم، وبينهم وزيرا الدفاع والداخلية اللذان قادا انقلاباً أوصله الى الحكم. وبسبب الأحداث الأخيرة الغي الاستعراض العسكري لدوافع امنية اضافة الى ان الضباط الجورجيين اعربوا عن استيائهم من انفاق 500 الف دولار على المناسبة بدلاً من تسديد الرواتب المتراكمة. ولم تخل الاحتفالات المدنية من مشكلات، إذ وقعت اصطدامات بين رجال الشرطة ومتظاهرين من انصار الرئيس السابق غمساخورديا. واعلنت السلطات وقوع اصابات واعتقال عدد من المتظاهرين.