تسارعت تطورات الأحداث في جورجيا بعد الإعلان أمس، عن إحباط محاولة إنقلابية قادها مسؤولون عسكريون بارزون. واتخذ الوضع منحى خطراً بعد تمرد كتيبة مدرعات وتحرك أرتال من الآليات لمحاصرتها، فيما وجهت تبليسي أصابع الاتهام إلى موسكو التي اعتبرت أن القيادة الجورجية «بدأت تفقد سيطرتها على البلاد». وعشية انطلاق مناورات عسكرية يجريها حلف شمال الأطلسي في جورجيا، شهدت البلد تحركات ميدانية غير مسبوقة منذ الحرب الروسية - الجورجية في آب (أغسطس) الماضي، إذ أعلن شوتا أتياشفيلي الناطق بإسم الداخلية الجورجية أن الأجهزة كشفت عن محاولة انقلاب عسكري في البلاد واعتقلت عدداً من كبار الضباط المشتبه بتورطهم . ووجه الناطق إتهاما مباشرا إلى روسيا بالتخطيط لقلب نظام الحكم، مشيرا الى «معلومات حول المجموعة التي خططت للعملية وفيها عدد من العسكريين المتقاعدين الرفيعي المستوى. ومن الواضح أنه تم تنسيق خطة الانقلاب مع روسيا، وكانت تهدف على الاقل، الى إحباط مناورات الأطلسي وبدرجة أبعد إلى زعزعة الوضع في البلاد». واشار الناطق إلى أن الخطة كانت واسعة النطاق وتستهدف السيطرة مرة واحدة على قطعات عسكرية عدة. واوضح أن بين المعتقلين من مخططي الإنقلاب غيورغي غفالادزه القائد السابق للقوات الخاصة «دلتا» وزازا مشكودياني رئيس الأركان في إحدى وحدات القوات المسلحة. وفي وقت لاحق اعلنت السلطات محاصرة التحرك في كل المناطق واستسلام المتورطين فيه. ومع تطور الأحداث عقد زعماء المعارضة الجورجية إجتماعا عاجلا أعلنوا في أعقابه تجميد تحركات أنصارهم لمدة ثلاثة أيام علما بأن المعارضة كانت تنوي بدءا من أمس، قطع الطرق الرئيسة التي تصل العاصمة بمدن أخرى. وتزامن ذلك مع تحركات ميدانية ناشطة للجيش الجورجي ، إذ أعلنت حال التأهب في كل القواعد العسكرية ومعسكرات الجيش، وأرسلت تبليسي أرتالا من الآليات والمدرعات لمحاصرة الكتيبة المتمردة ، في حين أعلن وزير الدفاع عن محادثات جارية مع قادة الكتيبة لإنهاء التمرد. وبعد ساعات على إعلان التمرد، ظهر الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي على شاشات التلفزيون ووجه خطابا ناريا قال فيه إن «مجموعة من المتمردين المتعاملين مع جهاز استخبارات معروف لنا حاولت زعزعة الوضع في البلاد». واعتبر أن ما جرى هو «محاولة للتطاول على الاستقلال والدستور وتهديد جدي للأمن الوطني ولمواطني جورجيا». وأوضح ساكاشفيلي أن المجموعة المتمردة «معزولة ومحاصرة» مشيراً إلى أن السلطات فرضت سيطرتها على الوضع. وأعلنت تبليسي بعد خطاب ساكاشفيلي بساعات إنهاء التمرد واعتقال المسؤولين عنه. وسارعت موسكو إلى الرد على الاتهامات الجورجية. وقالت الناطقة بإسم الكرملين إن اتهامات القيادة الجورجية «تدل إلى أنها (القيادة) غير مسؤولة وننصحها باستشارة طبيب مختص». اللافت أن التطورات المتسارعة في جورجيا تزامنت مع تأزم الموقف أكثر على جبهة العلاقات بين روسيا و «الأطلسي» الذي يبدأ اليوم مناوراته في جورجيا على رغم اعتراض الروس. وردت روسيا أمس، بشكل غاضب على قرار بلجيكا طرد ديبلوماسيين روسيين أنهى حلف الأطلسي اعتمادهما لديه قبل أيام. وأعلنت الخارجية الروسية أنها ستعلن «رداً متكافئاً» رجحت مصادر في موسكو أن مضمونه سيكون طرد الناطقة الإعلامية بإسم «الأطلسي» في موسكو. كما أكد مندوب روسيا الدائم لدى «الأطلسي» أن بلاده قررت مقاطعة اجتماع روسيا – الأطلسي المقرر بعد أسبوعين. وكان الطرفان يعولان على هذا الاجتماع لتقريب وجهات النظر وتخفيف التوتر المتصاعد بينهما.