صعّدت إسرائيل هجماتها على المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، عشية محادثات وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز في واشنطن، سيركز فيها على "العنف الفلسطيني" وعلى ضرورة وقف النار أولاً. وهو سيلتقي اليوم نظيره الأميركي كولن باول، قبل محادثاته غداً مع الرئيس جورج بوش. وأقرت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي بأن الهدف الرئيسي من زيارة بيريز واشنطن هو احباط امكان توجيه البيت الأبيض دعوة إلى الرئيس ياسر عرفات. وبدا أن الدولة العبرية ترمي إلى نقل المعركة من المدن الإسرائيلية إلى المدن الفلسطينية، عبر زرع سيارات مفخخة تستهدف ناشطين فلسطينيين. واللافت أنها جددت على لسان بيريز تهديداتها لسورية ولبنان. وكان خمسة شهداء سقطوا في ذلك النوع من التفجيرات خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، واستشهد أمس رجل أمن في قطاع غزة، لينضم إلى خمسة فلسطينيين آخرين، سقطوا بتفجير سيارتين مفخختين في مدينتي غزة ورام الله، وبين الضحايا طفلان راجع ص3 و4. ولم تكتفِ إسرائيل بالتصعيد ضد الفلسطينيين، بل جددت تهديداتها للبنان وسورية. وقال بيريز خلال لقائه في نيويورك الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، إن "سورية مسؤولة عن منع انتشار قوات الجيش اللبناني على الحدود" اللبنانية - الإسرائيلية. وزاد: "في لبنان ثلاث قوات مسلحة، سورية قوامها 30 ألفاً، والجيش اللبناني، وقوات "حزب الله" التي تأخذ أوامرها من إيران". وذكر أن موقف سورية "يترك الحدود لحزب الله ومبادراته". وقالت ل"الحياة" مصادر اميركية التقت أخيراً رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود باراك إن الأخير أكد أن حكومته وضعت مخططاً لمواجهة "تصاعدية" مع سورية اذا واصل "حزب الله" ضرب أهداف اسرائيلية بعد الانسحاب الاسرائيلي من لبنان. ونقلت المصادر عن باراك ان ضرب الرادار السوري في ضهر البيدر كان ضمن الأهداف التي حددها المخطط. وكان باراك يتحدث في معرض شرح سياسة شارون بالنسبة إلى لبنان وسورية، وتوضيح أنها ليست من صنع الحكومة الحالية، وان هذا التوجه لمواجهة سورية في لبنان اعتمد قبل الانتخابات الاسرائيلية. الى ذلك، انتقل وزير الخارجية المصري عمرو موسى من دمشق حيث أجرى محادثات مع الرئيس بشار الأسد، إلى السعودية حيث استقبله في جدة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز. كما قابل الوزير ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وركزت المحادثات على الاتصالات الجارية لمواجهة تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية. في الوقت ذاته التقى عرفات في عمّان الملك عبدالله الذي شدد على أن التصعيد العسكري الإسرائيلي لا يساعد على الخروج من "دوامة العنف". قمة ثلاثية وعلم في القاهرة أن اجتماعاً بين مبارك وعرفات الأسبوع المقبل قد يتحول إلى قمة ثلاثية مع الملك عبدالله، يتم فيها بحث نتائج المشاورات مع القادة العرب، خصوصاً ما يتعلق بالمبادرة المصرية - الأردنية. وأفادت القناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي أمس ان رئيس الوزراء ارييل شارون أوفد بيريز إلى الولاياتالمتحدة على رغم قناعته بأنه من غير الممكن التوصل إلى وقف للنار مع الفلسطينيين، لكنه يحرص على ألا تظهر إسرائيل أمام الرأي العام العالمي رافضة السلام. وأضافت ان الهدف الأساسي من الزيارة هو احباط إمكان دعوة الرئيس ياسر عرفات إلى واشنطن. وكان بيريز قال للتلفزيون أول من أمس إنه سينقل إلى الإدارة الأميركية طلب شارون عدم دعوة عرفات إلى البيت الأبيض "لئلا تفسر دعوة كهذه مكافأة للارهاب". وبحث عرفات مع الملك عبدالله في التصعيد الإسرائيلي، وأكد العاهل الأردني اقتناعه بأن سياسة التصعيد العسكري الاسرائيلي لن تخدم المساعي الرامية إلى معاودة المفاوضات السياسية والخروج من دوامة العنف الحالي. وشدد على أن "الحل للصراع يكمن في الطرق السياسية وليس الأمنية"، مجدداً "رفض الأردن استخدام القوة ضد الفلسطينيين وسياسة الاغلاق والحصار التي تنتهجها اسرائيل". كما أكد وقوفه إلى جانب الفلسطينيين "في مطالبهم المشروعة واستعادة حقوقهم التي كفلتها قرارات الشرعية الدولية". موسى في السعودية في جدة استقبل الملك فهد بن عبدالعزيز أمس وزير الخارجية المصري عمرو موسى، الذي قابل أيضاً ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ونقل الوزير رسالتين من الرئيس مبارك، ركزتا على شرح نتائج الاتصالات الأخيرة في المنطقة في شأن استمرار تدهور الأوضاع في المناطق الفلسطينية. وكان موسى وصل إلى جدة ظهر امس واستقبله في المطار نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل، وأجريا محادثات قال السفير المصري لدى السعودية محمد حلمي بدير ل"الحياة" إنها "ركزت على المستجدات العربية، خصوصاً ما يتعلق باستمرار تدهور الوضع في الأراضي الفلسطينية، نتيجة استمرار سياسة القمع الاسرائيلية ضد الفلسطينيين، وسبل مواجهة التحديات التي يفرضها تدهور الموقف في المنطقة". وعلمت "الحياة" ان المحادثات المصرية - السعودية تناولت تقويماً للمواقف المختلفة للأطراف المعنية، وأن الجانبين اتفقا على ضرورة استمرار الاتصالات والتنسيق العربي لمواجهة الأوضاع، وعلى عقد اجتماع قريب للجنة المتابعة العربية، سيحدد موعده بعد استكمال الاتصالات مع بقية اعضاء اللجنة تضم وزراء خارجية مصر وسورية والسعودية ولبنان والسلطة الفلسطينية والمغرب وتونس. في نيويورك، تحفظ الأمين العام للأمم المتحدة عن وعود إسرائيل تخفيف القيود على الفلسطينيين، وأصدر الناطق باسمه، فرد اكهارت، بياناً رحب باجراءات "مشجعة"، لكنه أبرز تشديد الأمين العام على أن تنفيذ الاجراءات هو الذي "يحسم" ما يجري على الساحة. وأبلغ بيريز أنان "المحاولات الجدية الجارية لتحقيق وقف النار، والاجراءات التي تتخذها إسرائيل لرفع الضغوط عن الفلسطينيين". وقال اكهارت إن "الأمين العام يشعر بأنه سيكون أمراً مشجعاً إذا اتخذت هذه الاجراءات، وهو يرحب بكل ما يؤدي إلى تخفيف وطأة الظروف المعيشية في الأراضي الفلسطينية ويسهل الحركة والتبادل بينهم وبين العالم الخارجي، وحرية مرور المنظمات الإنسانية". وأجرى أنان أمس اتصالاً هاتفياً بالرئيس المصري حسني مبارك، بعدما أوضح بيريز أن مبارك كان "محقاً" أساساً في ما قاله عن اتفاق لوقف النار بين إسرائيل والفلسطينيين.