حين عُرض عليَّ أن يترجم كتابي "الخبز الحافي" الى اللغة العبرية وافقت ولم أشعر بأي حرج. وقد تلقيت رسالة من دار الأندلس ولا تزال عندي وارسلت منها نسخة الى اتحاد كتاب المغرب. وانني هنا استنكر زج الصديق الكاتب محمد برادة في هذه القضية. وأنا شخصياً اعتقد أن ليس في الأمر أي خيانة إنْ تُرجم أدبنا العربي الى العبرية. فالترجمة عمل حضاري وهي تخدم أدبنا العربي. وجميعنا نعلم ان الاسرائيليين يعرفون عنا كل ما يريدون معرفته. وعلينا نحن أن نعرفهم. واذا أردنا ان نعرف عدوّنا علينا ان نعرف أدبه وينبغي لنا أن نقرأ الأدب العبري كي نعرف العدو الإسرائيلي. وإنْ وافقت على أن اترجم الى العبرية فهذا لا يعني أنني احابي إسرائيل. لقد وجهت اليَّ دعوة الى اسرائيل ورفضت رفضاً قاطعاً. انني أرفض مثل هذه العروض. ولكن ان وجهت اليَّ أي جمعية فلسطينية دعوة الى الأراضي الفلسطينية فأنا ألبي. ولا أخفيك انني تسلمت مبلغ 500 دولار أميركي دفعةً أولى من حقوق ترجمتي الى العبرية. والكتاب يباع جيداً على رغم ضآلة عدد النسخ. وشخصياً أعترف أنني أقرض كثيراً في العالم العربي ومن الخارج عبر الترجمات. انني لا استفيد من كتبي مادياً. الداران الوحيدتان اللتان تمنحانني حقوقي المادية هما دار الساقي ودار الجمل. أما في المغرب فأنني أطبع على نفقتي الشخصية كي أتمكّن من ربح بعض المردود المالي. انني ضد التطبيع ولو كنت معه لذهبت الى اسرائيل ملبياً تلك الدعوات. لكنني اعترف انني لا أكتب فقط للعرب انني اكتب للجميع أياً كانوا. انني اكتب للانسان الذي يقرأ حتى لو كان اسرائيلياً. عداؤنا السياسي لإسرائيل مفروض وضروريّ أما العداء الحضاري فأمر مختلف. هناك أعمال أدبية وفنية أبدعها فنانون وكتّاب يهود وهي أعمال مهمة جداً، فهل نقاطعها لأن أصحابها يهود؟